تاريخ الصحراء الغربية
من القرن الثاني حتى ا وا خر القرن السادس عشر
تاريخ الصحراء الغربية
من القرن الثاني حتى ا وا خر القرن السادس عشر
القرنين الثاني والثالث
أحدث الاجتياح الروماني لمناطق شمال إفريقيا تخلخلا في التركيبة الديمغرافية لسكان الصحراء الغربية. حيث قدمت من صحراء ليبيا ومناطق الشمال قبائل صنهاجة وزناتة البربرية واستقرت في الأرض الصحراوية. وفي مطلع القرن الثامن الميلادي وصلت هجرات عربية من شبه الجزيرة العربية إلى أرض الصحراء الغربية حاملة معها رسالة الإسلام. وقد قوبل الدين الجديد بقبول كبير من القبائل المحلية وانتشر بينها.
وكان لدور الداعية الإسلامي الشيخ عبدا لله بن ياسين موجه ومؤسس الدولة المرابطية منذ مطلع القرن الحادي عشر، أهمية كبيرة في تاريخ المنطقة، فبفضله عم المذهب المالكي الصحراء الغربية. كما رسخ المسلمون في بلاد الصحراء أساس نظام اجتماعي متطور وأنعشوا الحياة الاقتصادية هناك، وخاصة تجارة الذهب من مالي التي كانت تعرف في ذلك الوقت باسم السودان.
وتوالت الهجرات العربية إلى الصحراء الغربية خلال الفترة ما بين القرنين الحادي عشر والخامس عشر. فوصلت إليها قبائل من بني حسان وبني هلال عن طريق مصر وتغلغلت بواسطة سيطرتها في منطقة الساقية الحمراء ووادي الذهب ومجمل أراضي موريتانيا. وبفضل شدتها تزايد نفوذها وطبعت المنطقة بطابعها العربي الإسلامي المميز.
عرف الصحراويين قديما بنظامهم المتميز والمتمثل في مجلس ايت أربعين، بمعنى حكم الأربعين، وهو عبارة عن مجلس لأعيان القبائل تتم العضوية فيه على أساس الترشيح القبلي ورئاسته متداولة بين الأعضاء، وتصدر قراراته بالإجماع طبقا للأعراف والتقاليد وعلى قاعدة الشريعة الإسلامية.
أيت أربعين هي السلطة العليا التي تضم في تشكيلتها وجهأ الأعيان من كل القبائل الذين تفويضهم لتمثيلها. ويقوم المجلس بسن القوانين الملزمة للجميع ويسهر على الدفاع عن الوطن، تأمين المراعي، حضانة أبار المياه، الحفاظ على ألاماكن الصالحة للحرث والإشراف على توزيعها وحدود التماس مع الجيران. كما أنه مفوض للتفاوض باسم القبائل. وقد تختلف التأويلات لمعنى الاسم ( ايت أربعين ) أو مجلس الأربعين كما يسميه البعض، فهناك من يرى أن الاسم يدل على عدد الأعضاء حيث أنه كان يتكون من أربعين عضوا. وهناك من يرى أن كلمة أربعين مرتبطة بعمر العضو حيث لا تمكن العضوية في المجلس إلا بعد بلوغ سن الأربعين.
وهناك الكثير من المراجع تشير إلى تراث ايت أربعين المكتوب، ومنها ما ذكره الاسباني خليو كاروباروخا في كتابه دراسات صحراوية وكتاب جامع المهمات لمؤلفه المرحوم محمد سالم لحبيب الحسين، ونورد هنا نموذجا من التشريع الذي تبنته أيت أربعين في وثيقة مؤرخة في 24 ذو الحجة 1165 هجرية، والتي يؤكد فيها المجلس على انه من بين الأسباب التي دعت إلى قيامه:
1 ـ إقامة حدود الله.
2 ـ عدم وجود سلطان في الأرض غير سلطان القبائل.
3 ـ أهمية السلطة لما توفره من أمن وحماية للجميع.
وفي ما يلي مقتطفات من الوثيقة المذكورة: ... (وجعلوا أيضا فرائض فرضوها على من تحدى وخالف ما هو الأصلح بهم عقوبة له إذ لا يردع ولا يجزا إلا بها). ونذكر من بين هذه العقوبات ما يلي:
1 ـ من أتلف حرث غيره فعقوبته 5 مثاقيل فضة.
2 ـ من سل مكحلة ( من اشهر سلاح ) في وجه أحد فعقابه خمسة مثاقيل فضة، وإن جرحه فابن لبون من الإبل.
3 ـ من أكل أموال أخر ظلما فعقوبته وعقوبة من يساعده أبن لبون من الإبل لكل واحد ويرد للمظلوم ما أخذ منه.
4 ـ من منع الشريعة ( أي دعاه القاضي ولم تستجب ) يغرم بعشرة مثاقيل فضة.
5 ـ كل قبيلة تعلن العداوة لقبيلة أخرى تدفع عشرة نوق (عشراوات).
هذه البنود القانونية التي يعود تاريخها إلى أكثر من قرنين ونصف من الزمن تبرهن أن الصحراويين لا يقبلون الفوضى ويرفضون شريعة الغاب. وكل دارس متأني سيجد أنها تمجد الإنسان والقيم الأخلاقية وتكتسي طابع شمولي وارتباط عميق بالشريعة الإسلامية الحنيفة كمرجع أساسي وعادات وتقاليد شعب عربي نبيل في تعامله ومعاملاته كعماد وركيزة ثابتة.
وبالرغم من صعوبة الظروف الطبيعية وتخلف وسائل الحياة عموما، قاوم الشعب الصحراوي العديد من المحاولات الأجنبية التي سببها الطمع في القوافل التجارية قديما والبحث عن مواقع استراتيجية على شوا طي أفريقيا التي اتجهت إليها الأنظار بعد النهضة الأوروبية ونظرا للأهمية الاستراتيجية للصحراء الغربية والمتمثلة في :
1 ـ موقع جغرافي يربط إفريقيا بأوروبا.
2 ـ قربها من جزر الكناري الاسبانية.
3 ـ شوا طي غنية بمختلف أنواع الأسماك.
4 ـ قنطرة عبور للقوافل التجارية شمالا وجنوبا.
هذه الأسباب وغيرها تفسرها المحاولات الاستعمارية المتتالية على الصحراء الغربية، على مر القرون الماضية والتي نذكر منها:
القرن الخامس عشر والسادس عشر:
وصول البعثات الاستكشافية الأوروبية إلى الصحراء الغربية، اهتمام البرتغال، وقوى أوروبية أخرى بالصحراء الغربية، تجارة الذهب وريش الطيور والصمغ العربي
1478: بناء أول مركز إسباني في الصحراء الغربية.
1572: دخول بعثات استكشافية كنارية في الصحراء الغربية.
1638: احتل الهولنديون إقليم وادي الذهب ( Rio de Oro )، وهي التي سيتحكم فيها الإنجليز بشكل مؤقت عام 1665م.
1727: الهولنديون يسلمون الإقليم إلى الفرنسيين.
1767: توقيع معاهدة مراكش بين السلطان المغربي محمد بن عبد الله والملك الإسباني كارلوس الثالث، التي يقر فيها السلطان المغربي بأن لا سيادة له بعد وادي نون.
أواخر القرن الخامس عشر والقرن السادس عشر:
ظهور أوائل الإسبان على سواحل الصحراء الغربية، الذين انطلقوا من جزر الكناري للقيام بالنشاطات نفسها التي قام بها البرتغاليون 1444 ـ المغاربة 1583 ـ الإيطاليون 1869 ـ الإنجليز 1872 ـ البلجيكيون1875 ـ الفرنسيون 1880 ـ الألمان 1883 ـ الاسبان 1884
مع نهاية القرن الرابع عشر، وصلت جماعات من البرتغاليون والاسبان إلى شوا طي الصحراء الغربية يحذوهم الأمل في الهيمنة على الطريق التجارية الصحراوية والسيطرة على منجم الذهب في مالي، وقد واجهتهم القبائل الصحراوية. ثم كان الاتفاق الأسباني ـ البرتغالي المعروف بمعاهدة ( ترويسياس) وفيها حصلت إسبانيا على حق إخضاع المنطقة الصحراوية.
والواقع أن علاقة إسبانيا بالمنطقة تعود إلى سنة 1525، حيث كان البحارة الكناريون يقومون بالتبادل التجاري ( المقايضة ) مع سكان الساقية الحمراء ووادي الذهب، وبموجب هذا الاحتكاك أصبح بعض السكان على إلمام نسبي باللغة الاسبانية.
ثم جاء مؤتمر برلين عام 1884 وفيه اقر الأوروبيون لأسبانيا بحقها في استعمار إقليم الساقية الحمراء ووادي الذهب. وبذلك حصل الأسبان على ما كانوا يحتاجونه لتشريع احتلالهم لمنطقة الصحراء الغربية.
الاستعمار الإسباني 1883- 1973
1883: تشكيل الشركة التجارية الاسبانية الخاصة بإفريقيا والمستعمرات برئاسة الجنرال مانويل كاسولا بهدف تنمية العلاقات التجارية الاسبانية مع افريقيا وإنشاء مراكز تجارية وتنظيم خدمات القوات العاملة في المنطقة، وكان وراء تأسيس هذه الشركة عدد كبير من رجال الأعمال الذين كانت تدفعهم إلى ذلك الرغبة في الحصول على الربح التجاري من وراء توسع النفوذ الاسباني في أفريقيا.
بداية 1884: الشركة تقييم جسرا عائما في خليج وادي الذهب.
30 مارس 1884: الشركة الاسبانية تعقد اول اجتماع لها، والملك الاسباني الفونسو السابع يساهم في الشركة بمساهمة قدرها 300 الف بسيتا.
وفي يونيو 1884: الشركة تبعث ملتمسا لمجلس النواب الاسباني "الكورتس" تدعوه إلى العمل على انتهاج سياسة استعمارية اكثر ديناميكية في افريقيا.
10 يونيو 1884: مرسوم ملكي اسباني يضع كل الشاطئ الواقع بين الرأس الأبيض وبوجدور تحت مسؤولية وزارة ما وراء البحار في مدريد.
سبتمبر 1884: إرسال بعض الصيادين الكناريين للتفاوض مع سكان وادي الذهب والرأس الأبيض.
نوفمبر 1884: الشركة الاسبانية لأفريقيا والمستعمرات توفد مبعوثها "اميلو بونيللي"، الى الشواطئ الصحراوية قصد دراستها، وفي نفس الوقت حكومة "كانوفاس ديل كاستيو" توافق على دعم هذه المهمة.
28 نوفمبر 1884: توقيع اتفاقية بين اميلو – ممثل الشركة الاسبانية وسكان المنطقة، وبموجب الاتفاق تم إنشاء دار في الرأس الأبيض على الساحل الصحراوي لهذا الغرض.
26 ديسمبر 1884: بمقتضى المرسوم الملكي تم تأسيس لجنة "ريجيا للصحراء"، التي أقامت لها مراكز في مدينة الداخلة التي سمتها فيلا سيسينروس، واتخذتها عاصمة للمنطقة يتم منها الانطلاق إلى باقي الأقاليم .
يناير 1885: نفس الشركة تقوم ببناء مدينة بوجدور.
26 فبراير 1885: توقيع اتفاقية برلين الشهيرة حول تقسيم مناطق النفوذ في افريقيا بين القوى الاستعمارية.
09 مارس 1885: المقاومون الصحراويون ينظمون الهجوم على بنايات المدينة ويهدمونها ويقتلون العديد من الموظفين الاسبان، ويخربون عددا من المخازن للشركة الاسبانية.
1885: وحدة عسكرية تتمركز بمدينة الداخلة، وتتعرض لبعض الهجومات من طرف الصحراويين.
يناير 1886: قوة بحرية اسبانية تتمركز في جزر الكناري بهدف تقوية السيادة الاسبانية على الشاطئ الغربي من افريقيا.
مارس – ابريل 1886: الرحالة الاسباني، "بلاسكو دي كاراى" يقوم برحلة استكشافية لمنطقة الساحل الصحراوي الواقع بين وادي درعة في الشمال وراس بوجدور في الجنوب، ويوقع مع بعض زعماء القبائل الصحراوية اتفاقية بموجبها تصبح المنطقة تحت "حماية " الشركة الاسبانية.
1886: بدء المفاوضات بين فرنسا واسبانيا لرسم الحدود بين مستعمراتهما في إفريقيا.
26 أكتوبر 1886: اختتام محادثات اللجنة الفرنسة – الاسبانية المكلفة بوضع الحدود الفاصلة بين المستعمرات الفرنسة والاسبانية في باريس.
06 ابريل 1887: مرسوم اسباني بموجبه تم ضم 250 كلم من الدواخل الى سيطرة الإدارة الاسبانية الجهوية في الداخلة ومسؤولية الحاكم العام لجزر الكناري.
1898: الشيخ ماء العينين يشيد مدينة السمارة.
27 يونيو 1900: عقد اتفاقية باريس بين اسبانيا وفرنسا والتي بموجبها رسمت الحدود الشرقية والجنوبية لمنطقة وادي الذهب.
2 مايو 1905: هجوم صحراوي على الحامية الفرنسية بتجقجه في موريتانيا.
من مارس إلى سبتمبر1908: سجل الرائد الفرنسي غورو في مذكراته 125 هجوماً للمقاومين الصحراويين أدت إلى مقتل 200 جندي فرنسي من بينهم ثلاثة ضباط وخمسة ضباط صف.
14و 15 يونيو 1909: مئة وخمسون مقاوماً صحراوياً يخوضون معارك ضارية ضد الفرنسيين في جنوب الصحراء الغربية وكان نصر الصحراويين كبيراً وتم الاحتفال به في منطقة تيرس.
27 تشرين الثاني 1912: اتفاق فرنسي إسباني آخر يحدد حدود الصحراء الغربية.
10 يناير 1913: هاجم المقاومون الصحراويون حامية لبيرات الفرنسية مما أدى إلى مقتل 55 جندي فرنسي وغنم 105 بنادق و20.000 صندوق من الذخيرة و500 جمل كما استشهد 14 مقاوماً.
09 فبراير 1913: الضابط الفرنسي موري ينظم حملته المشهورة قصد متابعة الصحراويين في مجموعة قوامها 400 رجل والتي اجتازت الحدود الصحراوية بدون إذن مسبق وبعد ان عبرت القوة الفرنسية منطقة زمور هاجمت مدينة السمارة.
28 مارس 1913: احتلال مدينة السمارة من طرف القوات الفرنسية بقيادة الكولونيل موريت وتدميرها بعد حرق مكتبتها التي تحتوي على أكثر من 5000 آلاف كتاب ومخطوط يدوي.
1916-1920: شهدت المنطقة خلق مركزين تجاريين أسبانيين على الشواطئ الصحراوية.
1919: القوات الفرنسية تشرع في هجوماتها المضادة ضد الصحراويين انطلاقا من موريتانيا والجزائر.
1917: شملت حرب المقاومة كل التراب الصحراوي، ويكفي إلقاء نظرة على الرسالة المشفرة التي بعث بها القائد العام للقوات الفرنسية من سان لويس (السنغال) إلى كل وحداته، والتي جاء فيها: "اعتبروا أنفسكم في حالة الطوارئ القصوى ونفذوا في الحال مخطط الدفاع رقم: 2".
1920 : تكوين اللفيف الأجنبي بهدف مساعدة وحماية المصالح الاسبانية فيما وراء البحار.
30 اكتوبر 1920: "بنس" الحاكم الاسباني على وادي الذهب، يتلقى التعليمات من وزير الدولة باحتلال مدينة لكويرة، حيث توجه الضابط ومعه ثلاثة ضباط وخمسون جنديا من القوات الاسبانية لتنفيذ المهمة، وقام بوضع العلم الاسباني فوق المنطقة، وكان بنس وقتها مكلفا بمسؤولية المراكز الاسبانية الثلاثة في المنطقة ( طرفاية، الداخلة، لكويرة ).
3 فبراير 1925: هاجم المقاومون الصحراويون الحامية العسكرية الإسبانية ببوجدور.
1926: اقامة اول مركز صحي اسباني في مدينة الداخلة.
07 سبتمبر 1931: وقوع معركة الشظمان قرب أطار بين الصحراويين والفرنسيين.
1931: معركة اغوينيت بين المقاومين الصحراويين والقوات الفرنسية، تكبدت خلالها القوات الفرنسية خسائر كبيرة.
18 غشت 1932: وقوع معركة ام التونسي، التي خاضها المقاومين الصحراويين ضد القوات الفرنسية، تم خلالها قتل ملازم اول اسباني و05 ضباط وعدد من المجندين في صفوف القوات الفرنسية.
اكتوبر 1932: الوزير الاول الفرنسي يزور اسبانيا، ويتناقش مع السلطات في مدريد حول كيفية التغلب على المقاومة الصحراوية.
1933 معركة توجونين.
1933 معركة ميجك التي استشهد فيها علي ولد ميّارة.
1933 معارك شرواطة التي روعت الفرنسيين في الكثير من مواقعهم ومراكزهم ..
فاتح ماي 1934: وحدة عسكرية اسبانية تنطلق من مدينة العيون وتحتل مدينة الدورة.
15 ماي 1934: الوحدة العسكرية الاسبانية تصل مدينة السمارة، وتقوم بإنشاء اول قاعدة عسكرية بالمدينة للجيش الاسباني .
1934: بداية التنسيق الفعلي الاسباني – الفرنسي وعرفت هذه السنة عملية ما أطلق عليه الاقاصي التي شاركت فيها القوات الاسبانية والفرنسية، بهدف اخماد المقاومة الصحراوية.
1936 استتباب الأمن في وسط الصحراء الغربية، واحتلال إسبانيا لشمال المنطقة بعد التمكن من إخماد جذوة المقاومة إلى حين.
1940: تشيد مدينة العيون على بعد 19 كلم من المحيط الأطلسي بعد ان اكتشف المقدم الاسباني ديل اورو مصدرا ضخما للمياه.
1947: الجيولوجي الاسباني، مانويل اليامدنيا، يكتشف وجود مناجم الفوسفات في منطقة بوكراع قرب العيون.
1950: الجنرال فرانكو يزور مدينة العيون.
15فبراير1957: 200 مقاوم صحراوي يشنون هجوما على دورية فرنسية قرب بئر ام اكرين ويقتلون منها 03 ضباط و20 جنديا.
26 فبراير1957: ضباط القوات الفرنسية في شمال افريقيا يعقدون اجتماعهم في تندوف قصد تنسيق عمل القوات الفرنسية المتواجدة في الجزائر وموريتانيا والمغرب لمواجهة المقاومة الصحراوية .
فاتح يونيو 1957: المختار ولد داداه الرئيس الموريتاني يعلن مطالب بلاده في الصحراء الغربية.
12 يوليوز 1957: الحاكم العام الاسباني في الصحراء " كوميزارة ولاو " يجتمع مع الجنرال بوركوند " في مدينة الداخلة، ويتمخض عن الاجتماع الاتفاق على التنسيق العسكري بين الطرفين، والسماح للقوات الفرنسية بملاحقة المجاهدين الصحراويين مسافة 80 كلم داخل الصحراء وعلى ان تحلق الطائرات مسافة 100 كلم فوق المنطقة.
14 نوفمبر 1957: المغرب يطالب رسميا في الأمم المتحدة بضم موريتانيا والصحراء الغربية.
18 غشت 1932: وقوع معركة ام التونسي، التي خاضها المقاومين الصحراويين ضد القوات الفرنسية، تم خلالها قتل ملازم اول اسباني و05 ضباط
بناء على ارض الغير
بناء على ارض الغير
لعقود طويلة انشغل الصحراويون بالكفاح من اجل الاستقلال الكامل للأراضي الصحراوية حيث أن الدول الغربية أرادت أن تخرج بنفسها من زحمة التناقضات والصراعات الداخلية و تصريفها خارجا من خلال إيجاد مستعمرات تستغل في حريتها أولا وكرامتها ثانيا وحق أبنائها في خيرات بلدهم وسلب هويتهم الحقيقية ومنطقة الصحراء الغربية وكغيرها من بقاع العالم تعرضت هي الأخرى للاستعمار الذي بدأ بمحاولات بعض الدول الأوربية للتغلغل في الساحل الصحراوي ونجد أنه وجد بالمرصاد المقاومة الصحراوية، إلا أن الاستعمار الأسباني كان الأشد حيث باحتلاله المناطق الساحلية الصحراوية منذ سنة 1884 رغم المقاومة التي لاقاها والانتفاضات التي أشعل الصحراويون فتيلها إلا أنه بالفعل رسخ وجوده على الأرض الصحراوية لعقود طويلة. لكن ما لم يكن بالحسبان ولا على البال أن يطعن الصحراويين من بلد جار من بلد شقيق كان يرجى منه مساندة الشعب الصحراوي على الكفاح ضد الاستعمار الأسباني من أجل نيل الحرية والإستقلال وبناء الدولة الصحراوية كاملة السيادة على كامل أراضيها ونجد أن هذا البلد الذي هو المملكة المغربية يضرب عرض الحائط كل المبادئ الإنسانية والمواثيق الدولية ومناقضا لكل الشرائع حيث بدأ في حملة توسعية داخل إقليم الصحراء الغربية من خلال اجتياحه العسكري الذي أتى على الأخضر واليابس قبل أن يتبع بزحف آخر ل 350 ألف مستوطن مغربي بما يسمى (المسيرة الخضراء) وهذا كله يأتي في إطار ادعاء المملكة المغربية بحقوق تاريخية في المنطقة أي في الصحراء الغربية ليتم اقتسام هذه الأخيرة بين البلدين الجارين المملكة المغربية والجمهورية الإسلامية الموريتانية إبان حكم المختار ولد داداه إستنادا إلى اتفاقية مدريد الثلاثية14 نوفمبر 1975.
الفقرة الأولى: الصحراويون بين خيار المقاومة وواقع الاستعمار
في أواخر القرن الثامن عشر طل الاستعمار الاسباني على سواحل الصحراء الغربية وذلك في سنة 1884 ليتمكن تدريجيا من إحكام سيطرته على باقي الإقليم إلى درجة أن المستعمر سنة 1961 أعلن الصحراء الغربية محافظة إسبانية وهذا لا يعني أن إسبانيا لم تجد مقاومة بل على العكس من ذلك وجدت مقاومة وانتفاضات شعبية من طرف الصحراويين.
أولا : انتفاضة حي الزملة التاريخية
لم يشأ محمد سيدي إبراهيم بصيري المزداد سنة 1944 أن تظل بلاده ومن ثم الصحراويين تحت نير الإستعمار المستبد والمستغل لخيرات المنطقة ولجهود الصحراويين. علما أنه نشأ في الجمهورية العربية المصرية في زمن الفكر الناصري مما ترك لديه نوع من التراكم الفكري المنطوي على حمل هموم الشعوب التواقة إلى التحرر ليتم إسقاط المنظومة الفكرية لديه على قضيتنا الوطنية، وخلال فترة إقامته منذ سنة 1967 إلى 1970 عمل على تعبئة جماهير الشعب الصحراوي وتوعيته بضرورة الانتفاضة ضد المستعمر الإسباني وقد كان واعيا بأن تحرير الصحراء لن يأتي إلا بحرب التحرير وخلال هذه الفترة أسس محمد سيدي إبراهيم بصيري الحركة الطليعية لتحرير الصحراء حيث كانت تعتمد في تمويلها على مساهمات الأعضاء ليأتي بعد ذلك يوم 17يونيو 1970 حيث شهدت مدينة العيون تجمعا شعبيا أقامته إسبانيا للبرهنة على الوحدة الصحراوية �الإسبانية ، وارتأى مجموعة من الشباب الصحراوي التجمع على تلة تشرف على العيون وهي حي الزملة مطالبين برحيل المستعمر لتتحول بعد ذلك المنطقة إلى ساحة من الدماء والجثث والجرحى حيث قام المحتل بقتل مايقارب 37 شخصا وجرح 83 آخرين واعتقال المئات وفي خضم هذه الأحداث كان الغائب الأكبر عن هذه الانتفاضة محمد سيدي إبراهيم بصيري الذي اعتقد أنه إذا فر عقب المجزرة التي تعرض لها الصحراويين سيترك أثار سلبية على مسيرة التحرير لذا قام بالظهور ليتم القبض عليه من طرف قوات الغدر الإسباني والتي قامت باعتقاله ومن ثم أصبح مصيره مجهولا ليصبح كأقدم مفقود والمسؤول عن ذلك اسبانيا.
ثانيا : البوليساريو النشأة والتطور
على إثر الانتفاضات المتتالية التي عرفتها الصحراء الغربية ضد المستعمر الاسباني وفي خضم تنامي الفكر التحرري لدى مكونات الشعب الصحراوي أصبح من الضروري منح النضال الصحراوي حماية دولية لتعكس وجود الصراع بالمنطقة وتوضيح طبيعته على أساس أنها طبيعة استعمارية توسعية وعلى هذا الأساس عمل عريس الشهداء الولي مصطفى السيد الذي قام بعدة نقاشات بعدة مدن عربية وغربية من أجل حشد الدعم المادي والسياسي لمشروع التحرير إضافة إلى مجموعة من رفاقه على تأسيس إطار حقيقي وتمثيل صحيح للشعب الصحراوي ذلك أن العاشر من مايو 1973 شهد تأسيس الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء و وادي الذهب وبعد ذلك بعدة أيام فإن هذا الثائر الجديد على موعد مع انطلاق الكفاح المسلح ضد الاستعمار الإسباني الذي رسخ وجوده كمستعمر بعدة أساليب ومما زاد هذا التواجد رسوخا اكتشافه للفوسفات في السنوات الأولى من الستينات وبداية استغلاله منذ سنة 1967 كان إذن يوم العشرين من مايو 1973 موعدا لانطلاق الكفاح المسلح حيث دشنت الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء و وادي الذهب هذا اليوم بعملية أطلق عليها إسم الخنكة وهي أول عملية عسكرية تنظمها البوليساريو ضد إسبانيا وفي عشرين أكتوبر 1974 قام بعض المقاتلين بجبهة البوليساريو بتعطيل الحزام الناقل للفوسفات عن طريق تدمير بعض محطاته . أدت الهجمات التي شنتها البوليساريو إضافة إلى الضغوطات الدولية والقرارات المتتالية للأمم المتحدة التي تدعو إسبانيا إلى تصفية استعمارها للصحراء الغربية وتنظيم استفتاء تقرير المصير للشعب الصحراوي بإسبانيا إلى إعادة النظر في استعمارها وتواجدها بالصحراء الغربية ولم يكن لدى الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء و وادي الذهب من خيار بعد كشف المؤامرة التوسعية والنية المبيتة من خلال اتفاقية مدريد، إذ بعد نفاذ مدة العمل باتفاقية مدريد من بد سوى إعلان الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية يوم 27 من فبراير 1976 وقد كان لهذه الأخيرة صدا واسعا في كل أرجاء المعمورة حيث حصلت على اعتراف أكثر من 70 دولة وممثلين لها في كل أنحاء العالم وهي عضو في منظمة الوحدة الإفريقية سنة 1982 وتعتبر عضوا مؤسسا للإتحاد الإفريقي.
الفقرة الثانية : الصحراء الغربية في دواليب الأمم المتحدة
أولا : قرارات الجمعية العامة في ظل الاستعمار الإسباني
افتقدت الحقيقة فاضطررت للبحث عنها طويلا، أنقب في الذاكرة فلم أجد بدا من العودة إلى قرارات الجمعية العامة التابعة للأمم المتحدة فبتاريخ 14 /12 /1960 صدر القرار رقم 1514 عن الجمعية العامة الذي جاء للقضاء على كافة أشكال الاستعمار״ تحويل السلطة في البلدان غير المستقلة في اقرب الآجال إلى شعوب هذه البلدان دون شرط تقييد إرادتهم في التعبير بكل حرية ودون النظر إلى المعتقد أو اللون أو الجنس ...״ بهذا المعنى جاء القرار 1514 مناهضا لكافة أشكال الاستعمار ليأتي بعد ذلك القرار رقم 2072 الصادر عن الدورة 20 للجمعية العامة بتاريخ 16/12/1965 حيث طلب القرار من اسبانيا وضع حد نهائي لسيطرتها الاستعمارية في الصحراء الغربية لتتوالى بعد ذلك القرارات التي تطالب اسبانيا بتصفية استعمارها من الصحراء الغربية ليتمكن الشعب الصحراوي من تقرير مصيره بكل حرية ، لم يكن في استطاعتي القفز على القرار رقم 2711 الصادر عن الدورة 25 للجمعية العامة بتاريخ 14/12/1970 حيث تطرق هذا القرار إلى حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره وإلى تأكيده على شرعية الكفاح الذي تخوضه الشعوب المستعمرة. ونجد انه في البند الخامس يتأسف القرار على الأحداث الدامية التي وقعت في الصحراء الغربية شهر يونيو 1970 أخذت تكرر القرارات التي تدعو إسبانيا إلى إنهاء الاستعمار من الصحراء الغربية إلا أن القرار رقم 2983 الصادر عن الدورة 27 للجمعية العامة بتاريخ 14/12/1972 جاء بموقفين جديدين أولا: البند الثاني: ينص على أن الجمعية العامة ״ تؤكد شرعية الكفاح الذي تخوضه الشعوب المستعمرة و تضامنها ومساندتها لسكان الصحراء في كفاحهم الذي يخوضوه من اجل ممارسة حقهم في تقرير المصير والاستقلال، وترجو من جميع الدول تقديم المساعدات المعنوية والمادية الضرورية لهذا الكفاح ״.ثانيا:البند السابع: وينص على مسؤولية الأمم المتحدة في جميع المشاورات الرامية إلى تمكين سكان الصحراء الغربية في التعبير عن إرادتهم بكل حرية. هكذا إذا هي نظرة الجمعية العامة تجاه قضية الصحراء الغربية على أنها قضية تصفية استعمار حيث لابد بأن يعطى لهذا الشعب حقه في تقرير المصير و من ثم ألاستقلال.
ثانيا : قرار محكمة العدل الدولية صفعة لكل الأنظمة التوسعية
على اثر الصراع بين الأنظمة التوسعية نظام الملك الحسن الثاني في المغرب ونظام الرئيس المختار ولد داداه في موريتانيا والمستعمر الإسباني حول الصحراء الغربية التجأت الأطراف إلى محكمة العدل الدولية طالبين رأيا استشاريا وذلك ما حققه لهم قرار الجمعية العامة رقم 3292 الصادر عن الدورة 29 للجمعية العامة بتاريخ 13/12/1974 الذي يطلب من المحكمة إعطاء رأيها بالنسبة للسؤالين التاليين: 1-هل كانت الصحراء الغربية �الساقية الحمراء ووادي الذهب � عند استعمارها من قبل اسبانيا أرضا بدون سيد؟وفي حالة ألإجابة السلبية : ما هي الروابط القانونية التي كانت قائمة بين هذا الإقليم وكل من المملكة المغربية والمجموعة الموريتانية ؟
وفي إطار إجابتها عن السؤال الأول رأت المحكمة أن سيادة الاستعمار في منطقة ما تشترط انعدام كافة أشكال السيادة المحلية حيث اعتبرت المحكمة أن الصحراء الغربية ״ تسكن فيها قبائل أو شعوب ذات نظام اجتماعي و سياسي وهي لا تعد أرضا بدون سيادة״ .
وأصرت المحكمة في معالجتها لهذه المسالة على نقطتين:
تنص الأولى على انه ״ في فترة الاستعمار، كان يقطن الصحراء سكان ، وهؤلاء بالرغم من أنهم رحل متنقلون فإنهم مقسمون اجتماعيا وسياسيا، إلى قبائل يشرف عليها رؤساء مؤهلون لتمثيلها״. وترفض الثانية ربط السيادة القبلية قانونيا بالسلطان المغربي أو بموريتانيا، فالسيادة إذا للقبائل أو حسب ما جاء في كلمة القاضي الأمريكي ديلار: ״ إن الإقرار بأن الإقليم لم يكن بلا سيد لا يعني انه كان تحت سيادة دولة من الدول المعنية، نظرا لوجود قبائل مستقلة بالمنطقة تطبق نوعا من التنظيم الاجتماعي والسياسي״.
الفقرة الثالثة : مؤامرات تحاك على حساب حق الشعب الصحراوي باسم الحق التاريخي
أولا : الاجتياح المغربي عدوان غير مبرر
لم يكن لدى الجيش العسكري المغربي أي مبادئ ولا قيم أخلاقية ولم يحترم شرعة من الشرائع وحتى إن كان لديه البعض منها فانه لم يكن في حاجة إليها عندما اجتاح الصحراء الغربية فدخل كل من المناطق التالية: فرسية، اجديرية، السمارة...يوم 31 أكتوبر 1975 اليوم الذي شهد مجازر في حق الشعب الصحراوي حيث تم قتل معظم من كان في طريق هؤلاء الجنود من المدنين العزل، فلا طفل شفع له صغر سنه ولا امرأة ولا شيخ شفع لهما ضعفهما لدى الجنود المغاربة و لا ننسى ما خلفه الاجتياح المغربي من مقابر جماعية في كل من مسيد الطنطان، اجديرية، أم دريكة وأيضا قنبلة الصحراويين بقنابل النابالم والفسفور المحرمان دوليا. بعد هذا الاجتياح العسكري سوف يعقبه اجتياح آخر من طرف 350 ألف مستوطن مغربي مشاركين فيما يسمى (المسيرة الخضراء) التي أعطا انطلاقتها الملك الحسن الثاني وقد انطلقت يوم السادس من نوفمبر 1975 متحدين بذلك كل القرارات الدولية ومن بينها تقرير اللجنة الأممية لتقصي الحقائق الذي صدر في 15 أكتوبر 1975 التي دعت إلى وجوب استعمال الشعب الصحراوي لحقه في تقرير مصيره وأيضا قرار محكمة العدل الدولية الصادر في 16 أكتوبر 1975 وكل القرارات الصادرة في هذا الشأن، مبرزين للعالم النية المبيتة في احتلال الصحراء الغربية ، إلا أن القرار الصادر عن الجلسة الطارئة لمجلس الأمن الدولي القرار رقم 380 الصادر بالتاريخ 6 نوفمبر 1975 كان بمثابة صفعة بالنسبة للمملكة المغربية حيث دعا القرار المملكة المغربية إلى ضرورة سحب كل المستوطنين المغاربة المشاركين في المسيرة من الصحراء الغربية.
لتبدأ مناورات أخرى للتحايل على القرارات الدولية والمجتمع الدولي هذه المناورات التي أنتجت اتفاقا ثلاثيا بين المملكة المغربية والجمهورية الموريتانية واسبانيا.
ثانيا : اتفاقية مدريد: وثيقة قانونية أم مؤامرة توسعية؟
لقد كان لهشاشة البنيان التاريخي الذي استند إليه المغرب في محاولة احتلال الصحراء الغربية وانهياره أمام القرارات والتقارير الدولية الدور الكبير في جعل المغرب يبحث له عن مسوغ أو ذريعة قانونية يتخفى خلفها لشرعنت احتلاله للصحراء الغربية لذلك لم يتردد المغرب في التوقيع على الاتفاقية الثلاثية بتاريخ 14 نوفمبر 1975 وكان من الموقعين على هذه الاتفاقية: احمد عصمان عن المملكة المغربية، حمدي ولد مكناس عن الجمهورية الإسلامية الموريتانية وكارلوس ارياس عن إسبانيا وسميت هذه الاتفاقية باتفاقية مدريد الثلاثية ففي الظاهر فان هذه الاتفاقية تحول الإدارة وهي إدارة مؤقتة للإقليم بحيث ينتهي العمل بهذه الاتفاقية يوم 26فبراير 1976 وبعد هذا التاريخ زاد يقين الصحراويين أن الأمر لا يتعلق بإدارة مؤقتة بالإقليم بقدر ما هو احتلال لإقليم، ففي اليوم الموالي أي يوم 27 من فبراير 1976 تم إعلان الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية إلا أن الوجه الخفي لهذه الاتفاقية كان دفع المغرب ثمن هذا الاتفاق مما يملك وما لايملك حيث حصلت اسبانيا على 35 % من أسهم شركة فوس بوكراع، وتعويض اسبانيا عن كل ما دفعته في الصحراء الغربية،و ترك جميع الأبواب مفتوحة لكل مساهمة تتعلق بالاستثمار أو بالاكتشاف أو التنقيب عن مناجم جديدة في الصحراء الغربية ثم السكوت عن سبته ومليليه وترك مصيرهما مرتبطا بمصير جبل طارق. كان أيضا من نتائج هذا الاتفاق تقسيم الصحراء الغربية بين المغرب وموريتانيا حيث احتل المغرب الساقية الحمراء وموريتانيا احتلت وادي الذهب وذلك بموجب اتفاقية ترسيم الحدود بين البلدين بتاريخ 14 ابريل 1976 وكان من الموقعين عليها كل من حمدي ولد مكناس عن الجمهورية الإسلامية الموريتانية واحمد العراقي عن المملكة المغربية، لذا فالمملكة المغربية ليست لها حدود ثابتة إذ كانت تصل إلى نهر السنغال حينما كانت تطالب بموريتانيا مستخدمة نفس الحجج التي استخدمتها في مزاعمها الآن حول الصحراء الغربية وهي الحق التاريخي وهاهي الآن تقتسم الصحراء الغربية مع موريتانيا هذه الأخيرة التي كانت المملكة المغربية تدعي أنها جزء لا يتجزأ من وحدتها الترابية.
ثالثا : حدود المغرب مابين المد و الجزر
تحت عنوان ��اتفاقية التجارة والسلام�� وقع السلطان المغربي محمد بن عبد الله بن إسماعيل مع ملك اسبانيا كارلوس الثالث على هذه الاتفاقية بتاريخ 28مايو 1767التي تنص على أن الإسبان يجب أن يصطادوا في ساحل أكادير ثم شمال ساحل أكادير حيث أن السلطان المغربي ليست له سيادة أو سلطة على ما وراء واد نون وذلك أن السلطان المغربي ليس مسؤولا عن ما يقع للمراكب الإسبانية على الساحل الصحراوي هذا فيما يخص التاريخ أما الدستور المغربي فانه يضع مسالة الحدود ضمن تحديد فضفاض: �� حدود المغرب الحقة...؟؟ �� فحدود المغرب سنة 1956 ليست هي 1960 أو 1963 وحدوده سنة 1975 ليست هي 1976 وليست هي أيضا 1979...
ضل ساسة المغرب يسوقون لمقولة أو وهم الحق التاريخي الذي استعملوه للمطالبة بموريتانيا وحين لم تأتي هذه المقولة بثمارها التوسعية وجهت نفس الحجج التي كان ساسة الرباط يستعملونها في المطالبة بموريتانيا إلى الصحراء الغربية استنادا إلى الحق التاريخي وفي حالة افترضنا وجود روابط تاريخية كان من الواجب على سوريا أن تطالب بلبنان ومصر بالسودان ولطالبت المملكة العربية السعودية باليمن، وهك نشكر ذا تظل حدود المغرب مرشحة للتمدد حسب مغامراته التوسعية.
الفقرة الرابعة : قرارات الأمم المتحدة في ظل الاحتلال التوسعي
لم يتغير موقف الأمم المتحدة من قضية الصحراء الغربية كونها قضية تصفية استعمار حتى بعد خروج الإسبان وحلول الاحتلال المغربي محله، ففي هذا الإطار صدر القرار رقم 3453 الصادر عن الدورة 30 للجمعية العامة بتاريخ 10/12/1975 وقد تضمن القرار قسمين أ- ب :
أ : ففي البند الخامس من هذا القسم تسجل الجمعية العامة بارتياح تقرير البعثة الدولية لتقصي الحقائق في الصحراء الغربية لسنة 1975 وتتبنى النتائج الصادرة عن مهمة هذه البعثة والقائلة بوجوب اتخاذ الإجراءات لإتاحة الفرصة لجميع الصحراويين الأصليين في أن يقرروا مستقبلهم بكل حرية وفي جو من السلم والأمان طبقا للقرار رقم 1514 . وفي البند السابع ״ تطلب الجمعية العامة من الحكومة الاسبانية بوصفها الدولة المديرة وطبقا لملاحظات و نتائج محكمة العدل الدولية، واتخاذ جميع الإجراءات الفورية والضرورية بالتشاور مع جميع الأطراف المعنية والمهتمة من اجل تمكين جميع الصحراويين الحقيقيين من ممارسة حقهم الذي لا جدال فيه لتقرير مصيرهم بصورة كاملة وبكل حرية تحث إشراف منظمة الأمم المتحدة ״.
ب: ففي البند الثاني من هذا القسم ״تتمسك الجمعية العامة بحق تقرير المصير لجميع الصحراويين الأصليين وفقا للقرار رقم 1514 ״وفي البند الثالث ״ تمني الجمعية العامة على الأطراف الموقعة على اتفاقية مدريد 14/11/1975 احترام تطلعات السكان الصحراويين״وفي البند الرابع ״ تتمنى الجمعية العامة من ألإدارة المعنية إجراء اللازم بشكل يسمح لسكان الصحراء الأصليين بممارسة حقهم في تقرير المصير عن طريق المشاورات الحرة والمنظمة وبحضور مراقب من منظمة الأمم المتحدة يختاره الأمين العام ״.
أما في اللائحة رقم 3437 الصادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة لسنة 1979 فتصف التواجد المغربي في الصحراء الغربية بأنه استعمار واحتلال لإقليم مجاور. وقد باتت إرادة المملكة المغربية واضحة في نهب واستغلال خيرات الصحراء الغربية فبعد الخيرات البحرية في ساحل الصحراء الغربية و الفوسفات بدأ المغرب في تدشين مرحلة جديدة من النهب وهي إرادته التوقيع على اتفاقية مع شركات للتنقيب عن البترول في الصحراء الغربية ومن تم نهبه واستغلاله، بعد ذلك تحيل الأمم المتحدة ملف التنقيب عن البترول في الصحراء الغربية على المستشار القانوني للأمم المتحدة السيد ״هانس كورل״ الذي قال يوم 29 يناير2002 في استشارته القانونية أن المملكة المغربية لا تملك السيادة على الصحراء الغربية وبالتالي لا يحق لها قانونيا أن تنقب عن البترول فيها ولا أن تستغله.
يبدو أن موقف الأمم المتحدة لم يتغير تجاه قضية الصحراء الغربية بتغير الاستعمار فيها من الاستعمار الإسباني إلى الاستعمار المغربي حيث لازال يعتبر قضية الصحراء الغربية هي قضية تصفية استعمار وان الحل الوحيد هو تمكين الشعب الصحراوي من تقرير مصيره لذلك لازالت اللجنة الرابعة لتصفية ألاستعمار التابعة للأمم المتحدة تتبنى ملف الصحراء الغربية على أنه إقليم لم تتم تصفية ألاستعمار منه بعد.
بحث : محمد سيدي ابراهيم
لعقود طويلة انشغل الصحراويون بالكفاح من اجل الاستقلال الكامل للأراضي الصحراوية حيث أن الدول الغربية أرادت أن تخرج بنفسها من زحمة التناقضات والصراعات الداخلية و تصريفها خارجا من خلال إيجاد مستعمرات تستغل في حريتها أولا وكرامتها ثانيا وحق أبنائها في خيرات بلدهم وسلب هويتهم الحقيقية ومنطقة الصحراء الغربية وكغيرها من بقاع العالم تعرضت هي الأخرى للاستعمار الذي بدأ بمحاولات بعض الدول الأوربية للتغلغل في الساحل الصحراوي ونجد أنه وجد بالمرصاد المقاومة الصحراوية، إلا أن الاستعمار الأسباني كان الأشد حيث باحتلاله المناطق الساحلية الصحراوية منذ سنة 1884 رغم المقاومة التي لاقاها والانتفاضات التي أشعل الصحراويون فتيلها إلا أنه بالفعل رسخ وجوده على الأرض الصحراوية لعقود طويلة. لكن ما لم يكن بالحسبان ولا على البال أن يطعن الصحراويين من بلد جار من بلد شقيق كان يرجى منه مساندة الشعب الصحراوي على الكفاح ضد الاستعمار الأسباني من أجل نيل الحرية والإستقلال وبناء الدولة الصحراوية كاملة السيادة على كامل أراضيها ونجد أن هذا البلد الذي هو المملكة المغربية يضرب عرض الحائط كل المبادئ الإنسانية والمواثيق الدولية ومناقضا لكل الشرائع حيث بدأ في حملة توسعية داخل إقليم الصحراء الغربية من خلال اجتياحه العسكري الذي أتى على الأخضر واليابس قبل أن يتبع بزحف آخر ل 350 ألف مستوطن مغربي بما يسمى (المسيرة الخضراء) وهذا كله يأتي في إطار ادعاء المملكة المغربية بحقوق تاريخية في المنطقة أي في الصحراء الغربية ليتم اقتسام هذه الأخيرة بين البلدين الجارين المملكة المغربية والجمهورية الإسلامية الموريتانية إبان حكم المختار ولد داداه إستنادا إلى اتفاقية مدريد الثلاثية14 نوفمبر 1975.
الفقرة الأولى: الصحراويون بين خيار المقاومة وواقع الاستعمار
في أواخر القرن الثامن عشر طل الاستعمار الاسباني على سواحل الصحراء الغربية وذلك في سنة 1884 ليتمكن تدريجيا من إحكام سيطرته على باقي الإقليم إلى درجة أن المستعمر سنة 1961 أعلن الصحراء الغربية محافظة إسبانية وهذا لا يعني أن إسبانيا لم تجد مقاومة بل على العكس من ذلك وجدت مقاومة وانتفاضات شعبية من طرف الصحراويين.
أولا : انتفاضة حي الزملة التاريخية
لم يشأ محمد سيدي إبراهيم بصيري المزداد سنة 1944 أن تظل بلاده ومن ثم الصحراويين تحت نير الإستعمار المستبد والمستغل لخيرات المنطقة ولجهود الصحراويين. علما أنه نشأ في الجمهورية العربية المصرية في زمن الفكر الناصري مما ترك لديه نوع من التراكم الفكري المنطوي على حمل هموم الشعوب التواقة إلى التحرر ليتم إسقاط المنظومة الفكرية لديه على قضيتنا الوطنية، وخلال فترة إقامته منذ سنة 1967 إلى 1970 عمل على تعبئة جماهير الشعب الصحراوي وتوعيته بضرورة الانتفاضة ضد المستعمر الإسباني وقد كان واعيا بأن تحرير الصحراء لن يأتي إلا بحرب التحرير وخلال هذه الفترة أسس محمد سيدي إبراهيم بصيري الحركة الطليعية لتحرير الصحراء حيث كانت تعتمد في تمويلها على مساهمات الأعضاء ليأتي بعد ذلك يوم 17يونيو 1970 حيث شهدت مدينة العيون تجمعا شعبيا أقامته إسبانيا للبرهنة على الوحدة الصحراوية �الإسبانية ، وارتأى مجموعة من الشباب الصحراوي التجمع على تلة تشرف على العيون وهي حي الزملة مطالبين برحيل المستعمر لتتحول بعد ذلك المنطقة إلى ساحة من الدماء والجثث والجرحى حيث قام المحتل بقتل مايقارب 37 شخصا وجرح 83 آخرين واعتقال المئات وفي خضم هذه الأحداث كان الغائب الأكبر عن هذه الانتفاضة محمد سيدي إبراهيم بصيري الذي اعتقد أنه إذا فر عقب المجزرة التي تعرض لها الصحراويين سيترك أثار سلبية على مسيرة التحرير لذا قام بالظهور ليتم القبض عليه من طرف قوات الغدر الإسباني والتي قامت باعتقاله ومن ثم أصبح مصيره مجهولا ليصبح كأقدم مفقود والمسؤول عن ذلك اسبانيا.
ثانيا : البوليساريو النشأة والتطور
على إثر الانتفاضات المتتالية التي عرفتها الصحراء الغربية ضد المستعمر الاسباني وفي خضم تنامي الفكر التحرري لدى مكونات الشعب الصحراوي أصبح من الضروري منح النضال الصحراوي حماية دولية لتعكس وجود الصراع بالمنطقة وتوضيح طبيعته على أساس أنها طبيعة استعمارية توسعية وعلى هذا الأساس عمل عريس الشهداء الولي مصطفى السيد الذي قام بعدة نقاشات بعدة مدن عربية وغربية من أجل حشد الدعم المادي والسياسي لمشروع التحرير إضافة إلى مجموعة من رفاقه على تأسيس إطار حقيقي وتمثيل صحيح للشعب الصحراوي ذلك أن العاشر من مايو 1973 شهد تأسيس الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء و وادي الذهب وبعد ذلك بعدة أيام فإن هذا الثائر الجديد على موعد مع انطلاق الكفاح المسلح ضد الاستعمار الإسباني الذي رسخ وجوده كمستعمر بعدة أساليب ومما زاد هذا التواجد رسوخا اكتشافه للفوسفات في السنوات الأولى من الستينات وبداية استغلاله منذ سنة 1967 كان إذن يوم العشرين من مايو 1973 موعدا لانطلاق الكفاح المسلح حيث دشنت الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء و وادي الذهب هذا اليوم بعملية أطلق عليها إسم الخنكة وهي أول عملية عسكرية تنظمها البوليساريو ضد إسبانيا وفي عشرين أكتوبر 1974 قام بعض المقاتلين بجبهة البوليساريو بتعطيل الحزام الناقل للفوسفات عن طريق تدمير بعض محطاته . أدت الهجمات التي شنتها البوليساريو إضافة إلى الضغوطات الدولية والقرارات المتتالية للأمم المتحدة التي تدعو إسبانيا إلى تصفية استعمارها للصحراء الغربية وتنظيم استفتاء تقرير المصير للشعب الصحراوي بإسبانيا إلى إعادة النظر في استعمارها وتواجدها بالصحراء الغربية ولم يكن لدى الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء و وادي الذهب من خيار بعد كشف المؤامرة التوسعية والنية المبيتة من خلال اتفاقية مدريد، إذ بعد نفاذ مدة العمل باتفاقية مدريد من بد سوى إعلان الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية يوم 27 من فبراير 1976 وقد كان لهذه الأخيرة صدا واسعا في كل أرجاء المعمورة حيث حصلت على اعتراف أكثر من 70 دولة وممثلين لها في كل أنحاء العالم وهي عضو في منظمة الوحدة الإفريقية سنة 1982 وتعتبر عضوا مؤسسا للإتحاد الإفريقي.
الفقرة الثانية : الصحراء الغربية في دواليب الأمم المتحدة
أولا : قرارات الجمعية العامة في ظل الاستعمار الإسباني
افتقدت الحقيقة فاضطررت للبحث عنها طويلا، أنقب في الذاكرة فلم أجد بدا من العودة إلى قرارات الجمعية العامة التابعة للأمم المتحدة فبتاريخ 14 /12 /1960 صدر القرار رقم 1514 عن الجمعية العامة الذي جاء للقضاء على كافة أشكال الاستعمار״ تحويل السلطة في البلدان غير المستقلة في اقرب الآجال إلى شعوب هذه البلدان دون شرط تقييد إرادتهم في التعبير بكل حرية ودون النظر إلى المعتقد أو اللون أو الجنس ...״ بهذا المعنى جاء القرار 1514 مناهضا لكافة أشكال الاستعمار ليأتي بعد ذلك القرار رقم 2072 الصادر عن الدورة 20 للجمعية العامة بتاريخ 16/12/1965 حيث طلب القرار من اسبانيا وضع حد نهائي لسيطرتها الاستعمارية في الصحراء الغربية لتتوالى بعد ذلك القرارات التي تطالب اسبانيا بتصفية استعمارها من الصحراء الغربية ليتمكن الشعب الصحراوي من تقرير مصيره بكل حرية ، لم يكن في استطاعتي القفز على القرار رقم 2711 الصادر عن الدورة 25 للجمعية العامة بتاريخ 14/12/1970 حيث تطرق هذا القرار إلى حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره وإلى تأكيده على شرعية الكفاح الذي تخوضه الشعوب المستعمرة. ونجد انه في البند الخامس يتأسف القرار على الأحداث الدامية التي وقعت في الصحراء الغربية شهر يونيو 1970 أخذت تكرر القرارات التي تدعو إسبانيا إلى إنهاء الاستعمار من الصحراء الغربية إلا أن القرار رقم 2983 الصادر عن الدورة 27 للجمعية العامة بتاريخ 14/12/1972 جاء بموقفين جديدين أولا: البند الثاني: ينص على أن الجمعية العامة ״ تؤكد شرعية الكفاح الذي تخوضه الشعوب المستعمرة و تضامنها ومساندتها لسكان الصحراء في كفاحهم الذي يخوضوه من اجل ممارسة حقهم في تقرير المصير والاستقلال، وترجو من جميع الدول تقديم المساعدات المعنوية والمادية الضرورية لهذا الكفاح ״.ثانيا:البند السابع: وينص على مسؤولية الأمم المتحدة في جميع المشاورات الرامية إلى تمكين سكان الصحراء الغربية في التعبير عن إرادتهم بكل حرية. هكذا إذا هي نظرة الجمعية العامة تجاه قضية الصحراء الغربية على أنها قضية تصفية استعمار حيث لابد بأن يعطى لهذا الشعب حقه في تقرير المصير و من ثم ألاستقلال.
ثانيا : قرار محكمة العدل الدولية صفعة لكل الأنظمة التوسعية
على اثر الصراع بين الأنظمة التوسعية نظام الملك الحسن الثاني في المغرب ونظام الرئيس المختار ولد داداه في موريتانيا والمستعمر الإسباني حول الصحراء الغربية التجأت الأطراف إلى محكمة العدل الدولية طالبين رأيا استشاريا وذلك ما حققه لهم قرار الجمعية العامة رقم 3292 الصادر عن الدورة 29 للجمعية العامة بتاريخ 13/12/1974 الذي يطلب من المحكمة إعطاء رأيها بالنسبة للسؤالين التاليين: 1-هل كانت الصحراء الغربية �الساقية الحمراء ووادي الذهب � عند استعمارها من قبل اسبانيا أرضا بدون سيد؟وفي حالة ألإجابة السلبية : ما هي الروابط القانونية التي كانت قائمة بين هذا الإقليم وكل من المملكة المغربية والمجموعة الموريتانية ؟
وفي إطار إجابتها عن السؤال الأول رأت المحكمة أن سيادة الاستعمار في منطقة ما تشترط انعدام كافة أشكال السيادة المحلية حيث اعتبرت المحكمة أن الصحراء الغربية ״ تسكن فيها قبائل أو شعوب ذات نظام اجتماعي و سياسي وهي لا تعد أرضا بدون سيادة״ .
وأصرت المحكمة في معالجتها لهذه المسالة على نقطتين:
تنص الأولى على انه ״ في فترة الاستعمار، كان يقطن الصحراء سكان ، وهؤلاء بالرغم من أنهم رحل متنقلون فإنهم مقسمون اجتماعيا وسياسيا، إلى قبائل يشرف عليها رؤساء مؤهلون لتمثيلها״. وترفض الثانية ربط السيادة القبلية قانونيا بالسلطان المغربي أو بموريتانيا، فالسيادة إذا للقبائل أو حسب ما جاء في كلمة القاضي الأمريكي ديلار: ״ إن الإقرار بأن الإقليم لم يكن بلا سيد لا يعني انه كان تحت سيادة دولة من الدول المعنية، نظرا لوجود قبائل مستقلة بالمنطقة تطبق نوعا من التنظيم الاجتماعي والسياسي״.
الفقرة الثالثة : مؤامرات تحاك على حساب حق الشعب الصحراوي باسم الحق التاريخي
أولا : الاجتياح المغربي عدوان غير مبرر
لم يكن لدى الجيش العسكري المغربي أي مبادئ ولا قيم أخلاقية ولم يحترم شرعة من الشرائع وحتى إن كان لديه البعض منها فانه لم يكن في حاجة إليها عندما اجتاح الصحراء الغربية فدخل كل من المناطق التالية: فرسية، اجديرية، السمارة...يوم 31 أكتوبر 1975 اليوم الذي شهد مجازر في حق الشعب الصحراوي حيث تم قتل معظم من كان في طريق هؤلاء الجنود من المدنين العزل، فلا طفل شفع له صغر سنه ولا امرأة ولا شيخ شفع لهما ضعفهما لدى الجنود المغاربة و لا ننسى ما خلفه الاجتياح المغربي من مقابر جماعية في كل من مسيد الطنطان، اجديرية، أم دريكة وأيضا قنبلة الصحراويين بقنابل النابالم والفسفور المحرمان دوليا. بعد هذا الاجتياح العسكري سوف يعقبه اجتياح آخر من طرف 350 ألف مستوطن مغربي مشاركين فيما يسمى (المسيرة الخضراء) التي أعطا انطلاقتها الملك الحسن الثاني وقد انطلقت يوم السادس من نوفمبر 1975 متحدين بذلك كل القرارات الدولية ومن بينها تقرير اللجنة الأممية لتقصي الحقائق الذي صدر في 15 أكتوبر 1975 التي دعت إلى وجوب استعمال الشعب الصحراوي لحقه في تقرير مصيره وأيضا قرار محكمة العدل الدولية الصادر في 16 أكتوبر 1975 وكل القرارات الصادرة في هذا الشأن، مبرزين للعالم النية المبيتة في احتلال الصحراء الغربية ، إلا أن القرار الصادر عن الجلسة الطارئة لمجلس الأمن الدولي القرار رقم 380 الصادر بالتاريخ 6 نوفمبر 1975 كان بمثابة صفعة بالنسبة للمملكة المغربية حيث دعا القرار المملكة المغربية إلى ضرورة سحب كل المستوطنين المغاربة المشاركين في المسيرة من الصحراء الغربية.
لتبدأ مناورات أخرى للتحايل على القرارات الدولية والمجتمع الدولي هذه المناورات التي أنتجت اتفاقا ثلاثيا بين المملكة المغربية والجمهورية الموريتانية واسبانيا.
ثانيا : اتفاقية مدريد: وثيقة قانونية أم مؤامرة توسعية؟
لقد كان لهشاشة البنيان التاريخي الذي استند إليه المغرب في محاولة احتلال الصحراء الغربية وانهياره أمام القرارات والتقارير الدولية الدور الكبير في جعل المغرب يبحث له عن مسوغ أو ذريعة قانونية يتخفى خلفها لشرعنت احتلاله للصحراء الغربية لذلك لم يتردد المغرب في التوقيع على الاتفاقية الثلاثية بتاريخ 14 نوفمبر 1975 وكان من الموقعين على هذه الاتفاقية: احمد عصمان عن المملكة المغربية، حمدي ولد مكناس عن الجمهورية الإسلامية الموريتانية وكارلوس ارياس عن إسبانيا وسميت هذه الاتفاقية باتفاقية مدريد الثلاثية ففي الظاهر فان هذه الاتفاقية تحول الإدارة وهي إدارة مؤقتة للإقليم بحيث ينتهي العمل بهذه الاتفاقية يوم 26فبراير 1976 وبعد هذا التاريخ زاد يقين الصحراويين أن الأمر لا يتعلق بإدارة مؤقتة بالإقليم بقدر ما هو احتلال لإقليم، ففي اليوم الموالي أي يوم 27 من فبراير 1976 تم إعلان الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية إلا أن الوجه الخفي لهذه الاتفاقية كان دفع المغرب ثمن هذا الاتفاق مما يملك وما لايملك حيث حصلت اسبانيا على 35 % من أسهم شركة فوس بوكراع، وتعويض اسبانيا عن كل ما دفعته في الصحراء الغربية،و ترك جميع الأبواب مفتوحة لكل مساهمة تتعلق بالاستثمار أو بالاكتشاف أو التنقيب عن مناجم جديدة في الصحراء الغربية ثم السكوت عن سبته ومليليه وترك مصيرهما مرتبطا بمصير جبل طارق. كان أيضا من نتائج هذا الاتفاق تقسيم الصحراء الغربية بين المغرب وموريتانيا حيث احتل المغرب الساقية الحمراء وموريتانيا احتلت وادي الذهب وذلك بموجب اتفاقية ترسيم الحدود بين البلدين بتاريخ 14 ابريل 1976 وكان من الموقعين عليها كل من حمدي ولد مكناس عن الجمهورية الإسلامية الموريتانية واحمد العراقي عن المملكة المغربية، لذا فالمملكة المغربية ليست لها حدود ثابتة إذ كانت تصل إلى نهر السنغال حينما كانت تطالب بموريتانيا مستخدمة نفس الحجج التي استخدمتها في مزاعمها الآن حول الصحراء الغربية وهي الحق التاريخي وهاهي الآن تقتسم الصحراء الغربية مع موريتانيا هذه الأخيرة التي كانت المملكة المغربية تدعي أنها جزء لا يتجزأ من وحدتها الترابية.
ثالثا : حدود المغرب مابين المد و الجزر
تحت عنوان ��اتفاقية التجارة والسلام�� وقع السلطان المغربي محمد بن عبد الله بن إسماعيل مع ملك اسبانيا كارلوس الثالث على هذه الاتفاقية بتاريخ 28مايو 1767التي تنص على أن الإسبان يجب أن يصطادوا في ساحل أكادير ثم شمال ساحل أكادير حيث أن السلطان المغربي ليست له سيادة أو سلطة على ما وراء واد نون وذلك أن السلطان المغربي ليس مسؤولا عن ما يقع للمراكب الإسبانية على الساحل الصحراوي هذا فيما يخص التاريخ أما الدستور المغربي فانه يضع مسالة الحدود ضمن تحديد فضفاض: �� حدود المغرب الحقة...؟؟ �� فحدود المغرب سنة 1956 ليست هي 1960 أو 1963 وحدوده سنة 1975 ليست هي 1976 وليست هي أيضا 1979...
ضل ساسة المغرب يسوقون لمقولة أو وهم الحق التاريخي الذي استعملوه للمطالبة بموريتانيا وحين لم تأتي هذه المقولة بثمارها التوسعية وجهت نفس الحجج التي كان ساسة الرباط يستعملونها في المطالبة بموريتانيا إلى الصحراء الغربية استنادا إلى الحق التاريخي وفي حالة افترضنا وجود روابط تاريخية كان من الواجب على سوريا أن تطالب بلبنان ومصر بالسودان ولطالبت المملكة العربية السعودية باليمن، وهك نشكر ذا تظل حدود المغرب مرشحة للتمدد حسب مغامراته التوسعية.
الفقرة الرابعة : قرارات الأمم المتحدة في ظل الاحتلال التوسعي
لم يتغير موقف الأمم المتحدة من قضية الصحراء الغربية كونها قضية تصفية استعمار حتى بعد خروج الإسبان وحلول الاحتلال المغربي محله، ففي هذا الإطار صدر القرار رقم 3453 الصادر عن الدورة 30 للجمعية العامة بتاريخ 10/12/1975 وقد تضمن القرار قسمين أ- ب :
أ : ففي البند الخامس من هذا القسم تسجل الجمعية العامة بارتياح تقرير البعثة الدولية لتقصي الحقائق في الصحراء الغربية لسنة 1975 وتتبنى النتائج الصادرة عن مهمة هذه البعثة والقائلة بوجوب اتخاذ الإجراءات لإتاحة الفرصة لجميع الصحراويين الأصليين في أن يقرروا مستقبلهم بكل حرية وفي جو من السلم والأمان طبقا للقرار رقم 1514 . وفي البند السابع ״ تطلب الجمعية العامة من الحكومة الاسبانية بوصفها الدولة المديرة وطبقا لملاحظات و نتائج محكمة العدل الدولية، واتخاذ جميع الإجراءات الفورية والضرورية بالتشاور مع جميع الأطراف المعنية والمهتمة من اجل تمكين جميع الصحراويين الحقيقيين من ممارسة حقهم الذي لا جدال فيه لتقرير مصيرهم بصورة كاملة وبكل حرية تحث إشراف منظمة الأمم المتحدة ״.
ب: ففي البند الثاني من هذا القسم ״تتمسك الجمعية العامة بحق تقرير المصير لجميع الصحراويين الأصليين وفقا للقرار رقم 1514 ״وفي البند الثالث ״ تمني الجمعية العامة على الأطراف الموقعة على اتفاقية مدريد 14/11/1975 احترام تطلعات السكان الصحراويين״وفي البند الرابع ״ تتمنى الجمعية العامة من ألإدارة المعنية إجراء اللازم بشكل يسمح لسكان الصحراء الأصليين بممارسة حقهم في تقرير المصير عن طريق المشاورات الحرة والمنظمة وبحضور مراقب من منظمة الأمم المتحدة يختاره الأمين العام ״.
أما في اللائحة رقم 3437 الصادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة لسنة 1979 فتصف التواجد المغربي في الصحراء الغربية بأنه استعمار واحتلال لإقليم مجاور. وقد باتت إرادة المملكة المغربية واضحة في نهب واستغلال خيرات الصحراء الغربية فبعد الخيرات البحرية في ساحل الصحراء الغربية و الفوسفات بدأ المغرب في تدشين مرحلة جديدة من النهب وهي إرادته التوقيع على اتفاقية مع شركات للتنقيب عن البترول في الصحراء الغربية ومن تم نهبه واستغلاله، بعد ذلك تحيل الأمم المتحدة ملف التنقيب عن البترول في الصحراء الغربية على المستشار القانوني للأمم المتحدة السيد ״هانس كورل״ الذي قال يوم 29 يناير2002 في استشارته القانونية أن المملكة المغربية لا تملك السيادة على الصحراء الغربية وبالتالي لا يحق لها قانونيا أن تنقب عن البترول فيها ولا أن تستغله.
يبدو أن موقف الأمم المتحدة لم يتغير تجاه قضية الصحراء الغربية بتغير الاستعمار فيها من الاستعمار الإسباني إلى الاستعمار المغربي حيث لازال يعتبر قضية الصحراء الغربية هي قضية تصفية استعمار وان الحل الوحيد هو تمكين الشعب الصحراوي من تقرير مصيره لذلك لازالت اللجنة الرابعة لتصفية ألاستعمار التابعة للأمم المتحدة تتبنى ملف الصحراء الغربية على أنه إقليم لم تتم تصفية ألاستعمار منه بعد.
بحث : محمد سيدي ابراهيم
مسيرة جيش التحرير الشعبي الصحراوي
النواة الأولى ...
منذ 40 سنة تقريبا وفي ظروف تكالبت فيها كل شروط استعباد
الشعب الصحراوي والتآمر على مصيره. وفي وجه استعمار فاشي لا يرحم، ونظام ملكي متربص، وانعدام شبه مطلق للإمكانيات المادية وقلة عدد وتخلف اجتماعي وتقني وتجربة سياسية قصيرة العمر ولدت الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب.ولدت في عمق الوطن من رجال لا يعدون بالآلاف ولا حتى بالمئات بل بضع عشرات فقط. وبعد عشرة أيام وتحديدا يوم 20 ماي 1973 تم تفجير الكفاح المسلح من طرف أول وحدة مقاتلة لجيش التحرير الشعبي الصحراوي من خلال مهاجمة مركز القوات الاسبانية بخنكة آفرا.
مجرد 17 مقاتلا لا يمتلكون غير ثماني بنادق بدائية وخمسة جمال و قليل من الذخيرة والماء، تلك هي النواة الأولى للجيش الصحراوي، لم يكن بينهم خريجو مدارس وأكاديميات ولكن رجال مؤمنون بحق شعبهم عازمون على بذل أرواحهم وتسخير حياتهم لخدمته ومقتنعون ان الاستعمار لا يعرف من لغة غير لغة النار والحديد.
وقد اعتمد جيش التحرير الشعبي الصحراوي خلال هذه الفترة أسلوب حرب العصابات المعتمدة على سرعة الحركة وخفة الوحدات وضرب المواقع الأكثر ضعفا وعزلها مع التكثيف من الاغارات الخاطفة والمفاجئة والكمائن. ومع معركة كانت
وحدات الثوار تزداد تمرسا وخبرة قتالية وتتطور امكاناتها البشرية من خلال الالتحاقات المتزايدة بصفوفها و التسليحية من خلال المعدات التي تغنمها من قوات العدو حتى أصبح في إمكانها في نهاية 1974 خوض أعمال قتالية نوعية.
وقد تحالفت في نفس الفترة القوات الاسبانية والمغربية في محاولة تصفية الشمال في حملة دامت ثلاثة أيام. ورافق هذا التطور العسكري عمليات فدائية جريئة داخل المدن واختطاف الدوريات العسكرية الاسبانية.
ولم تمض غير سنتين وبضعة اشهر حتى كانت القوات الاسبانية مجبرة على الانسحاب من العديد من المناطق أمام ضربات جيش التحرير الشعبي الصحراوي المتوالية، بل لقد اضطرت اسبانيا أمام الانتصارات والضغط العسكري على الدخول في مفاوضات مع الجبهة في 9 سبتمبر 1975 . ولم يصل شهر أكتوبر 1975 حتى كان جيش التحرير الشعبي الصحراوي سيدا على غالبية التراب الوطني وكانت وحداته رغم تواضع تسليحها الخفيف في غالبيته وسياراتها القليلة والمغنمة من القوات الاسبانية، قد تطور من الناحية التنظيمية، فبعد أن كانت نواته في مايو 1973 لا تتعدى سبعة عشر رجلا أصبحت وحداته تتوزع بين ناحيتين: الناحية الجنوبية والناحية الشمالية، وكان أول فيلق يدخل مركز التدريب باجنان بورزك بالجزائر.
مسيرة جيش التحرير الشعبي الصحراوي
تطور الجيش الصحراوي :
مرحلة الدفاع الايجابي: أكتوبر 1975 ــ يونيو 1976 ...
في 31 أكتوبر 1975 شرعت القوات المغربية المدججة بأحدث الأسلحة في اكتساح التراب الصحراوي مدعمة بالقوات الموريتانية الزاحفة من الجنوب، أمام أنظار العالم المتفرج.هذه القوات التي لم تتراجع عن ارتكاب أبشع الجرائم في حق المدنين الصحراويين: من قصف بالنابالم والفسفور، و الدهس بجنازير الدبابات وإحراق الممتلكات ورمي من الطائرات، وحفر مقابر جماعية لدفن الأحياء، وبإيجاز كان الغزو مشروع ابادة شاملة بكل ما تحمل هذه الابادة من معاني القسوة والبشاعة.
هذه الظروف رغم ما اتسمت به من شراسة وقسوة لم تفرض على جيش التحرير الصحراوي التقوقع أو التسليم بالأمر الواقع، بل وقف من خطة الدفاع الايجابي بالمرصاد لمشروع الابادة: وقد تمثلت هذه الخطة في:
أ ــ تأمين المواطنين الصحراويين الفارين أمام القوات الغازية، ونقلهم إلى مناطق آمنة.
ب ــ التصدي للقوات الغازية لتعطيل زحفها، وتكبيدها اكبر قدر ممكن من الخسائر ضمن عمليات مدروسة اعتمدت المفاجأة ،الاستعمال الجيد للأرض والدرجة العالية في الحركة والمناورة القتالية.
ج ــ ضرب مؤخرة العدو والتأثير على محاور إمداده من جهة ولكن كذلك على معنوياته من خلال ضربات في العمق استهدفت ابعد النقاط.
وهكذا عرفت هذه المرحلة عمليات متعددة الشكل:اغارات، كمائن، معارك موقعية، اختراقات العمق، ضربات وراء الخطوط الأمامية، التصدي لحملات التمشيط الكبرى وكانت هناك معارك كبرى مثل أمقالا في 13 ـ 14 فبراير1976 حيث قضي على لواء مغربي بالكامل، لتتوج هذه المرحلة من الحرب بالعملية البطولية التي استهدفت العاصمة الموريتانية نواكشوط، وقادها الأمين العام ومفجر الثورة الشهيد الولي مصطفى وسقط خلالها شهيدا يوم 9 يونيو 1976
مسيرة جيش التحرير الشعبي الصحراوي
الهجومات الكبرى :
هجمة "الولي مصطفى السيد" ...
كان هجوم نواكشوط بمثابة الإعلان عن بداية المرحلة الهجومية بعد ما استوفت مرحلة الدفاع الايجابي أهدافها،قررت الجبهة الشروع في هجمة شاملة أطلق عليها اسم هجمة الشهيد الولي مصطفى، وقد تمثلت أهم محاورها فــــــــــي:
أ ــ توسيع جبهة القتال لتشمل التراب الموريتاني والجنوب المغربي وكل التراب الوطني.
ب- ضرب تواجدات العدو في كل مواقعها من خلال عمليات تكاد تكون يومية على طول جبهة تتجاوز 5000 كلم حسب ما تمليه طبيعة الأرض والقوة المهاجمة.
ج ــ استعمال كل تكتيكات الحرب المعروف بالمزاوجة بين حرب العصابات وحرب المواقع.
د ــ مهاجمة الأهداف الاقتصادية، وعصب الإمداد والدعم لهذه الجيوش.
كما عرفت هذه المرحلة انهيار القوات الغازية، وهو ما حذا بفرنسا القوة الراعية للدولتين الغازيتين وذات العداء التاريخي لأي نهج وطني استقلالي بالمنطقة والمتربصة بالشعب الصحراوي منذ بداية القرن العشرين بالتدخل. هذه القوة الاستعمارية التي حاولت من خلال محور باريس ـ الرباط ـ نواكشوط ليس فقط غزو الصحراء ولكن كذلك تطويق الدولة الجزائرية وإضعافها من خلال إحداث انقلاب في موازين القوى لصالح النظام المغربي، وهي الاستراتيجية التي لازالت فرنسا تعمل عليها بمختلف الصيغ والإشكال تحذوها طبيعتها الاستعمارية والمصالح التي تمليها عليها، وحقدها التاريخي على الشعب الجزائري الذي أخرجها صاغرة من وطنه من خلال حرب تحرير وطنية كانت قدوة ومثالا لكل شعوب المنطقة.
أمام التطور النوعي لمعارك الجيش الصحراوي وتنامي قدراته وامكاناته القتالية والضربات القاسية التي وجهها للجيشين الغازين خلال هذه المرحلة، والخسائر اليومية في الرجال والعتاد، تدخلت فرنسا بنفسها وبصورة مفضوحة في المعركة من خلال مهاجمة المقاتلين الصحراوين بطائرات الجاكوار.وهنا لا بد من الإشارة إلى التطور التنظيمي الذي عرفه الجيش الصحراوي خلال هجمة الشهيد الولي مصطفى الشاملة إذ تم تنظيمه إلى قطاعات عسكرية حسب التوزيع الجغرافي والمناطق الموكول ممارسة الحرب فيها إلى كل قطاع، فكانت كالتالي:
الجنوب الشرقي ــ الجنوب الغربي ـ الوسط ـ الشمال والشمال الشرقي. هذا إضافة إلى التطور على مستوي وزارة الدفاع والأركان العامة، إضافة إلى مستوى التأهيل القتالي من خلال التدريب لدى الدول الصديقة والجزائر بالدرجة الأولى ،وانوية لمدارس تدريب وطنية.
أما من الناحية الميدانية فقد استطاع جيش التحرير الصحراوي تسجيل مئات العمليات المختلفة النوع ، وعلى طول جبهة تزيد على 5000 كلم من أقصى الجنوب الشرقي الموريتاني حتى الجنوب المغربي، مما اجبر القوات المغربية على تغيير تشكيلاتها وتكتيكاتها أكثر من مرة في محاولة منها لاستعادة المبادرة العسكرية التي انتزعت منها منذ البداية، فتبنت في مرحلة أولى استراتيجية الانتشار بالمناطق الصحراوية والتمركز في القرى والمدن مما جعلها معزولة عن بعضها وسهل شل خطوط إمدادها، مما حذا بالجيش المغربي ومن وراءه المختصون الأجانب إلى انتهاج إستراتيجية وحدات التدخل( D-I-R ) ومحاولة صحروة الحرب من خلال التجنيد القهري للصحراويين في هذه الوحدات، لكن ذلك كله باء بالفشل إذ استطاع الجيش الصحراوي أن يسجل الملاحم التي ستظل خالدة في المآثر العسكرية ليس فقط في التاريخ الصحراوي وإنما في التاريخ العسكري العالمي.
مسيرة جيش التحرير الشعبي الصحراوي
الهجومات الكبرى :
هجمة "هواري بومدين" ...
كانت خاتمة هجمة الشهد الولي سقوط نظام ولد داداه وخروج موريتانيا من الحرب منذ منتصف شهر يوليوز 1978 ،وإعلان الجبهة وقف إطلاق النار من جانب واحد.وفي يناير 1979 أعلنت الجبهة الشروع في الهجمة الشاملة التي أطلق عليها اسم الرئيس الجزائري الراحل المرحوم هواري بومدين، عرفانا وتخليدا لذكرى هذا الزعيم الذي آزر الشعب الصحراوي في أصعب فترات تاريخه.وقد تركزت جهود الجيش الصحراوي كلية نحو الجيش المغربي، الذي سيعرف خلال هذه الهجمة أسوء هزائمه، وافدح خسائره. ومن أهم الملاحم معركة لبيرات التي وصفتها الصحافة الدولية بأنها ديان بيان فو الصحراوية، ومعركة السمارة التي حرر فيها 850 مواطنا صحراويا والمحبس التي تم فيها
التدمير الكلي للقوات المغربية المتمركزة بالحامية والتي كان تعدادها ستة آلاف جندي، إضافة إلى العشرات من الملاحم الأخرى التي أجبرت القيادة العسكرية المغربية على تغيير نظام قواتها وتشكيلاتها سواء من حيث العدد أو التسليح، فظهر ما عرف بالألوية الممكننة ( B-MECA ) إضافة إلى تجريدتين عسكريتين كبيرتين تعملان بشكل مستقل ومتوازي مع بقية الجيش , وهما ما عرف ب : الزلاقة وأحد ، فقوات أحد التي كان يقودها الجنرال الدليمي والتي حاولت فك الحصار عن مدينة الزاك المحاصرة من طرف الجيش الصحراوي، تعرضت لأشر الهزائم، وفر قائدها الجنرال
الدليمي، وذلك في نهاية شهر ابريل1980 . ولم تكن قوة الزلاقة بأوفر حظا من أحد ،فقد تعرضت في شهر مارس 1980 لأنكر الهزائم وتفككت وحداتها في ملاحم الواركزيز التي اسفرت عن مقتل ما يزيد عن 1531 عسكري مغربي واسر العشرات.
إن جسامة خسائر القوات المغربية خلال هذه الفترة الوجيزة الفاصلة ما بين يناير1979 وماي 1980 والتي جربت فيها القوات المغربية كل أصناف التشكيلات والأسلحة والتي لم تقدها سوى من هزيمة إلى أخرى اكبر هي ما حذا بها وبالخبراء الأجانب وخاصة الاسرائليين والفرنسيين إلى اللجوء إلى استراتيجية بناء الأحزمة الدفاعية والتي بدأت آنذاك حول ما أسموه بالمثلث النافع ( العيون ـ السمارة ـ بجدور).
* أما أهم خلا صات هذه المرحلة فيمكن إجمالها في:
1 ـ تصاعد العمل العسكري باتساع رقعته لتشمل أقصى الجنوب المغربي حيث وصلت هجمات الجيش الصحراوي إلى امحاميد الغزلان.
2 ـ التحكم في زمام المبادرة واختيار موقع ووقت الهجوم وطبيعته من طرف الجيش الصحراوي.
3 ـ تحرير ثلاثة أرباع التراب الوطني.
4 ـ التحول النوعي الذي عرفته القوات المسلحة الصحراوية في مجال التنظيم والتكوين، فقد تم تطوير الاركانات والتشكيلات بما يتلاءم ومتطلبات الظروف والضرورات الميدانية لجيش عصري ذو قتالية رفيعة فبرزت آنذاك النواحي العسكرية ونتج عن هذا التطور التنظيمي تطور وفعالية في أساليب القيادة والإشراف .