كتاب لماذا نغفرلماذا نغفر؟بقلم يوهان كريستوف آرنولد
Johann Christoph Arnold لقد أصبح الغُفران تعبيراً طنّاناً، لكنّ النّاس مازالوا لا يفهمونه.فلا يعرفون الفوائد التي ستعود عليهم بفضله – ولا الثمن الذي سيدفعونه إذا رفضوا مسامحة الآخرين. والكثير يعتقد بأن المسامحة تعني التساهل أو نسيان الموضوع أو تجاهل آلامهم. وينظرون إليه على أنه حالة من الضعف. إن كتاب "لماذا نغفر؟" يعكس لنا صراعات الذين قد خاضوا الجريمة والخيانة والتّعصّب وسوء المعاملة من رّجال ونّساء عاديّين. فالكلّ ليس مستعد أن يغفر، لكنّ الكلّ مصمّم على ألا يجعل من الغضب والبغض واليأس أن يسيّر حياته. وستعمل قصصهم معاً على حثّ وتشجيع الآخرين حتى لو كانوا على طّريق الشفاء. في كتاب "لماذا نغفر؟" يفسح "كريستوف آرنولد" المجال للتجارب العسيرة للناس العاديين أن تنطق بحقيقة الحال – هؤلاء النّاس الذين استطاعوا أن يحكوا عما يخالج قلوبهم من بغض وضغينة وكيفية التّغلّب على هذه الجراح التي تحول بينهم وبين الآخرين، وأيضاً تراهم يتحدثون عن راحة البال الّتي قد وجدوها عندما قاموا بذلك. و "الجراح" هي بالحقيقة كلمة لا تعطي حق المعنى بالكامل، لأن كثير من هذه القصص يتعامل في الواقع مع الآثار المروّعة لجرائم العنف أو الخيانة والغدر أو سوء المعاملة أو التّعصّب أو الحرب، لكنّ "لماذا نغفر؟" يبحث أيضاً في الآثار الناجمة عن معارك الحياة الواقعية والمألوفة في الدنيا ألا وهي: ذلك الشيطان الذي يكمن وراء الغيبة والنميمة والروابط الأسرية المتوتّرة والبرود في العلاقات الزوجية والتشنجات في أماكن العمل. وكما هي الحياة، فليس لكل قصة نهاية سعيدة – وهي حقيقة رفض "كرستوف آرنولد" تجنبها. ويتناول الكتاب أيضاً صعوبة مسامحة النفس، وعدم جدوى لوم الله، والاضطراب الذي يعيشه أولئك الذين لا يقدرون على أن يغفروا، رغم محاولاتهم. |
|
كتاب : مائة عام من العزلةمئة عام من العزلة غلاف مئة عام من العزلة العنوان الأصلي Cien años de soledad المؤلفغابرييل غارثيا ماركيث اللغةالإسبانيةالبلد كولومبياالناشرتاريخ الإصدار1967ويكي مصدرابحثالتقديم عدد الصفحات471تعديل مائة عام من العزلة (بالإسبانية: Cien años de soledad) رواية للكاتب غابرييل غارثيا ماركيث، نشرت عام 1967، وطبع منها قرابة الثلاثين مليون نسخة، وترجمت إلى ثلاثين لغة [1] وقد كتبها ماركيث عام 1965 في المكسيك. بعد ذلك بسنتين نشرت سودا أمريكانا للنشر في الأرجنتين ثمانية ألف نسخة. وتعتبر هذه الرواية من أهم الأعمال الإسبانية الأمريكية خاصة، ومن أهم الأعمال الأدبية العالمية. مائة عام من العزلة هي من أكثر الروايات المقروءة والمترجمة للغات أخرى. يروي الكاتب أحداث المدينة من خلال سيرة عائلة بوينديا على مدى ستة أجيال والذين يعيشون في قرية خيالية تدعى ماكوندو، ويسمون الكثير من أبنائهم في الرواية بهذا الاسم. محتويات حبكة الروايةيبرز في هذه الرواية عنصر الخيال الذي يأخذ بالقارئ لعالم ماكوندو وحياته البسيطة التي لا تلبث تنغصها صراعات بين المحافظين والأحرار وغيرها من الصعاب. كما تمتد أحداث هذه القصة على مدة عشرة عقود من الزمن، وتتوالى الشخصيات وما يترافق معها من أحداث برع المؤلف في سردها وأبدع في تصوير الأحداث والمشاكل وفي وضع النهاية لهذه العائلة عبر العودة إلى إحدى الأساطير القديمة التي لطالما آمنت بها أورسولا. شخصيات الرواية
|
|
كتاب : محاكمة الصهيونية الاسرائيليةروجيه جارودي (Roger Garaudy) (ولد في 17 يوليو 1913 م في مرسيليا، فرنسا) فيلسوف و كاتب فرنسي. خلال الحرب العالمية الثانية أُخذ كأسير حرب في الجلفة (جزائر). كان جارودي شيوعيا، لكنه طرد من الحزب الشيوعي سنة 1970 م وذلك لانتقاداته المستمرة للاتحاد السوفياتي، و بما أنه كان عضواً في الحوار المسيحي الشيوعي في الستينيات، فقد وجد نفسه منجذباً للدين وحاول أن يجمع الكاثوليكية مع الشيوعية خلال عقد السبعينيات، ثم ما لبث ان اعتنق الإسلام عام 1982 م متخذا الاسم رجاء. يقول جارودي عن اعتناقه الاسلام، أنه وجد أن الحضارة الغربية-حسب قول جارودي-قد بنيت على فهم خاطئ للإنسان، وأنه عبر حياته كان يبحث عن معنى معين لم يجده، حسبما يرى جارودي، إلا في الإسلام. ظلّ ملتزما بقيم العدالة الاجتماعية التي آمن بها في الحزب الشيوعي، ووجد أن الإسلام، حسب فهمه، ينسجم مع ذلك ويطبقه بشكل فائق. ظلّ على عدائه للإمبريالية والرأسمالية، و بالذات لأمريكا.
بعد مجازر صبرا وشاتيلا في لبنان أصدر غارودي بيانا احتل الصفحة الثانية عشرة من عدد 17 حزيران 1982 من جريدة اللوموند الفرنسية بعنوان (معنى العدوان الإسرائيلي بعد مجازر لبنان) وقد وقع البيان مع غارودي كل من الأب ميشيل لولون والقس إيتان ماتيو. وكان هذا البيان بداية صدام غارودي مع المنظمات الصهيونية التي شنت حملة ضده في فرنسا والعالم . في عام 1998 حكمت محكمة فرنسية على جارودي بتهمة التشكيك في الهولوكوست في كتابه الأساطير المؤسسة لدولة إسرائيل، حيث شكك في الأرقام الشائعة حول إبادة يهود أوربا في غرف الغاز على أيديالنازيين. في الفترة الأخيرة، أدت دعوات جارودي إلى توحيد الأديان في دين جديد، يسميه إبراهيميا إلى تشدد موقف بعض المسلمين ضده بعد أن رحبوا به يوم إسلامه. |
|
كتاب : جمهورية افلاطونجمهورية افلاطون, لمعرفة جذور الفلسفة الغربية في الحكم , هذا الكتاب كتبه أفلاطون على لسان أستاذه سقراط, حوالي 400 قبل الميلاد, وهو عبقري بلا شك, حيث تناول مناقشة قضايا تخص الدول والمجتمعات الشرقية والغربية منذ فجر التاريخ الإنساني , وحتى يومنا هذا
يناقش أفلاطون في بداية الكتاب فكرة العدالة, وكيف نبني دولة عادلة أو أفراد يحبون العدالة يقدم سقراط في المحاورات داخل الكتاب تعريفا للعادل وهو الحكيم والصالح , وإن المتعدي هو الشرير والجاهل وهو يظن ان الانسان يميل بطبعه الى التعدي أكثر من العدالة, والدولة ينبغي أن تعلم الافراد حب العدالة ويشبه أجزاء الدولة بأجزاء الإنسان ... الدولة تنقسم الى : طبقة الحكام , طبقة الجيش , طبقة الصناع والعمال ويقسم الانسان الى : الرأس وفيه العقل, وفضيلته هي الحكمة القلب , وفيه العاطفة, وفضيلته هي الشجاعة البطن, وفيه الشهوات, وفضيلته هي الاعتدال والدولة العادلة هي التي يقوم كل فرد فيها بالعمل الخاص بطبيعته : الحاكم يحكم, الجندي يحمي , العامل يشتغل وهكذا تكون فكرة العدالة في النفس البشرية : العقل يضبط الشهوات, العواطف تساعد العقل في عمله, كالغضب ضد الاعمال المنحطة والخجل من الكذب والعدالة الاجتماعية هي جزء من هذه العدالة الداخلية / عدالة النفس ******************************************** ثم يتساءل : هل نطلب القوة أم نطلب الحق؟ وهل خير لنا ان نكون صالحين أو أن نكون أقوياء؟ أما أنا فأراها أسئلة خطيرة ما زالت تشغل بال الناس الذين يفكرون ويتساءلون عما يحدث في العالم اليوم, وأي منطق هو السائد, منطق الحق ام منطق القوة؟ ويقول سقراط في المحاورات ان الطمع وحب المزيد من الترف هي العوامل التي تدفع بعض الناس للتعدي على الجيران وأخذ ممتلكاتهم, أوالتزاحم على الأرض وثرواتها, وكل ذلك سيؤدي الى الحروب ويقول ان التجارة تنمو وتزدهر في الدولة, وتؤدي الى تقسيم الناس بين فقراء وأغنياء, وعندما تزيد ثروة التجار تظهر منهم طبقة يحاول أفرادها الوصول الى المراتب الاجتماعية السامية عن طريق المال, فتنقلب احوال الدولة, ويحكمها التجار وأصحاب المال والبنوك, فتهبط السياسة, وتنحط الحكومات وتندثر ثم يأتي زمن الديمقراطية, فيفوز الفقراء على خصومهم ويذبحون بعضهم وينفون البعض الاخر ويمنحون الناس أقساطا متساوية من الحرية والسلطان.. لكن الديمقراطية قد تتصدع وتندثر من كثرة ديمقراطيتها, فإن مبدأها الاساسي تساوي كل الناس في حق المنصب وتعيين الخطة السياسية العامة للدولة.. وهذا النظام يستهوي العقول, لكن الواقع أن الناس ليسوا أكفاء بالمعرفة والتهذيب ليتساووا في اختيار الحكام وتعيين الافضل, وهنا منشأ الخطر.. ينشأ من الديمقراطية الاستبداد, إذا جاء زعيم يطري الشعب داعيا نفسه حامي حمى الوطن, ولاه الشعب السلطة العليا , فيستبد بها... ثم يتعجب سقراط من هذا ويقول : إذا كنا في المسائل الصغيرة كصنع الاحذية مثلا لا نعهد بها الا الى اسكافي ماهر, أو حين نمرض لا نذهب الا الى طبيب بارع , ولن نبحث عن اجمل واحد ولا أفصح واحد وإذا كانت الدولة تعاني من علة , ألا ينبغي ان نبحث عن أصلح الناس للحكم ؟ ************************************** ثم يقول ان الدولة تشبه ابناءها, فلا نطمع بترقية الدولة الا بترقية ابنائها.. وتصرفات الانسان مصدرها ثلاثة: الشهوة : وهؤلاء يحبون طلب المال والظهور والنزاع, وهم رجال الصناعة والتجارة والمال العاطفة: وهؤلاء يحبون الشجاعة والنصر وساحات الحرب والقتال, وهم من رجال الجيش العقل : وهؤلاء أقلية صغيرة تهتم بالتأمل والفهم , بعيدون عن الدنيا واطماعها, هؤلاء هم الرجال المؤهلين للحكم, والذين لم تفسدهم الدنيا ويقول أن افضل دولة هي التي فيها العقل يكبح جماح الشهوات والعواطف يعني , رجال الصناعة والمال ينتجون ولا يحكمون, ورجال الحرب يحمون الدولة ولا يتسلمون مقاليد الحكم, ورجال الحكمة والمعرفة والعلم , يطعمون ويلبسون ويحمون من قبل الدولة , ليحكموا... لأن الناس إذا لم يهدهم العلم كانوا جمهورا من الرعاع من غير نظام , كالشهوات اذا اطلق العنان لها الناس في حاجة الى هدى الفلسفة والحكمة... وإن الدمار يحل بالدولة حين يحاول التاجر الذي نشأت نفسه على حب الثروة أن يصبح حاكما , أو حين يستعمل القائد جيشه لغرض ديكتاتورية حربية... **************************************** ثم يقترح سقراط طريقة صناعة هؤلاء القادة الحكماء, وان تربيهم الدولة منذ الصغر على الفضيلة والعلم, وان يجتازوا امتحانات كثيرة حتى يبلغوا سن الخامسة والثلاثين , فيخرجوا لمخالطة الناس في المجتمع وكل الطبقات , ويرون كل الحيل والدهاء الذي عند بعض الناس , حيث هكذا يصبح كتاب الحياة مفتوحا أمامهم..... ثم من غير( خدع ولا انتخابات ) يعين هؤلاء الناس حكاما للدولة, ويصرف هؤلاء نظرهم عن كل شيء آخر سوى شؤون الحكم, فيكون منهم مشرعين وقضاة وتنفيذيين وخوفا من وقوعهم في تيار حب المال والسلطان, فإن الدولة توفر لهم المسكن والملبس والحماية, وممنوع ان يكون في بيوتهم ذهب او فضة... وطبعا ستكون اعمارهم لا تقل عن خمسين سنة, وهي سن النضوج والحكمة كما يقول سقراط وإذا كنا في ظروف لم نحصل على مثل هؤلاء, فعلى الاقل نفحص ماضي هذا المرشح للحكم , كم عنده مباديء كم عنده نزاهة؟ كيف أمضى حياته قبل استلام الحكم ؟ هذه هي أبسط طريقة.... وفي النهاية يقول ان العدالة اذن هي ليست القوة المجردة, وهي ليست حق القوي, انما هي تعاون كل اجزاء المجتمع تعاونا متوازنا فيه الخير للكل ******************************************** طبعا بالنسبة لي الكتاب مذهل, لانه كتب قبل حوالي 2400 سنة, وتكلم عن مشاكل مازالت المجتمعات تعاني منها... قد يبدو مثاليا , لكنه لا يخلو من واقعية ومنطقية... |
|
كتاب : الديكتاتورية للمبتدئين
الديكتاتورية للمبتدئين
بقلم مصطفي بيومي عاش فنان الكاريكاتور المبدع بهجت عثمان بين عامى 1931 و2001. ولد فى بولاق وتخرج فى كلية الفنون الجميلة. نشر أعماله الجريئة ذات النبرة السياسية اللاذعة فى «روز اليوسف» و«المساء» و«المصور» و«الأهالى». وفى النصف الثانى من السبعينيات ضاق به الرئيس السادات فمنعه من النشر، مما اضطره إلى السفر متنقلاً بين عدة بلدان وصفح عربية، ثم عاد إلى مصر فى مطلع الثمانينات وسرعان ما ضاق بالكبار وىئس من إصلاحهم، فركز الجانب الأكبر من إبداعه على مخاطبة الأطفال. ابتكر بهجت عثمان شخصية الديكتاتور بهجاتوس، رئيس بهجاتيا العظمى، وقدم من خلاله نقداً ساخراً للآفة التى تنتشر فى عموم العالم العربى والعالم الثالث بشكل عام، حيث الحاكم الطاغية المتسلط الذى يقفز إلى السلطة فتحيط به هالات البطولة الزائفة والعبقرية الفذة، وتتفانى جوقة المنافقين فى التغنى بمآثرة وعطاياه وإنجازاته الخارقة غير المسبوقة. «الديكتاتورية للمبتدئىن» كتاب يشبه الكى بالنار، ولا يملك من يعيش مع صفحاته إلا أن يشعر بمزيج من الوجع والحسرة ويستغرق فى الضحك كأنه يبكى، ويقهقه فيقف على حافة الجنون من شدة القهر. كتاب بهجت عثمان هو دليل القارئ العربى للخلاص من الديكتاتورية والطغيان، كما يقول الأستاذ طلال سلمان فى إحدى مقدمتى الكتاب، والمقدمة الثانية للدكتور على الراعى. بهجاتوس هو الفساد والتخلف والانحطاط هو العجز والقهر والجهل هو مصدر التعاسة ونبع الشقاء المتعاظم كل يوم بقوة الاستمرار وبإلغائه المنهجى لحق الاعتراض والمعارضة. يرسم بهجت عثمان ثلاثة من الشعراء ينشدون قصائدهم فى المهرجان الشعرى لدولة بهجتيا لدولة بهجتيا العظمى، فيقول أولهم: بهجاتوس يا بهجاتوس.. جزمتك فوق الرءوس.. بهجاتوس أنت الكبير.. وإحنا بالكامل حمير.. كلنا نفديك بروحنا.. الوزير قبل الفقير. ويضيف الشاعر الثانى مزايداً ومتوفقاً فى ساحة النفاق الهزلى وهزل النفاق: بهجاتوس مش بس إحنا.. دا أنت حبك زاد ونطور.. تعبدك حتى التيوس.. والبقر ويا الجاموس.. كلنا فارشين خدودنا.. فى الطريق علشان تدوس. ويصل الشاعر الثالث إلى القول الفصل: ما أنت مالك للنفوس.. والخزاين والفلوس.. والضرائب والمكوس. ………. دعوة إلى التغيير والضحك، وكم ذا فى واقعنا العربى من مضحكات.. ولكنه ضحك كالبكاء! |
|
كتاب إرنستو تشي غيفارا: أحلامي لا تعرف حدوداً
كتاب إرنستو تشي غيفارا: أحلامي لا تعرف حدوداً تأليف هـ.أ.غروسك.ب.فولف
معلومات عن الكتابكانت صورة تشي تتغير بشكل غريب: كان يراه عقلانياً فوق العادة، فجأة، يراه متناقضاً، وأخرى، يبدو كل ما في ذاكرته عن تشي خالياً من أي إثبات ووضوح. لم يشعر أن كثرة الشواهد لا يمكنها أن تشكل بمجموعها العشوائي صورة لإنسان حي، بل يجب تتبع سيرة حياة هذا البطل بطريقة مشوقة! قرر أن يدرس طفولة تشي وشبابه بصورة أعمق، مدركاً أن فهم الإنسان لا يتم من دون دراسة طفولته. توجد في تلك الكتب التي صاغت حياة تشي، وهو ابن الثامنة من عمره، مستقبلاً واضحاً، فهو ثوري أو رجل دولة متهور، بحسب الأرضية السياسية للمؤلف. لذلك، أخذ يجمع أحجار الفسيفساء كي يشكل صورة متكاملة، وليتمكن من تقديم فترة شبابه بشكل واضح ومحدّد. ولكن، هل يمكن لهذه الصورة المتكاملة أن توجد، في الوقت الذي تتزاحم فيه الشهادات، والمذكرات، والأساطير، والأحداث الميدانية والتاريخية؟ كان ولا يزال يتساءل ويتساءل، حتى أخذ يختار كل مادة بتعمق وشك، ويحاول اختبار كل شهادة بمدى قدرتها على الإقناع. بعد ذلك، حان وقت تقديم الأسئلة، فأراد أن يستوضح سر اختيار إرنستو غيفارا لهذا الخط في الحياة، وسر اختياره لهذا المصير... وبعد... ورغم وصوله إلى آخر دقيقة من حياة هذا الإنسان، إلا أنه لم يتوقف عن دراسة حياته. فلا تزال أمامه جبال من الأوراق، وحتى هذه اللحظة لم يستطع الإجابة عن كثير من الأسئلة. لكن صورة تشي التي رسمها في إطار سيرته في كتابه هذا كانت تكتمل أمامه شيئاً فشيئاً، وأصبح أقرب إليه. لقد فهم الكثير، وبقيت أشياء كثيرة غير مفهومة، كان عليه أن يستمر في البحث، لأنه يريد الإحاطة بتلك المسائل التي لم يقم أحد بدراستها حتى الآن. حتى بنقاط الضعف التي كان الآخرون يشيرون إليها، فقد اكتشف أنها لم تكن ذات أهمية، بل على العكس من ذلك، برزت من خلالها إلى السطح تلك الجوانب القوية بوضوح أكبر، مما جعله أقرب. لقد اتخذ تشي صفات إنسانية، ووعى أن قتل إنسان لا يعني قتل أفكاره وقناعاته. إن السلاح الذي سقط من يد تشي لم يبق في التراب. بل هناك الكثير الكثير من الناس ممن شعروا بالحاجة لالتقاطه. كانت الهزائم كثيرة، لكن الانتصارات أصبحت أكثر، ولم يعد بالإمكان قتل فكره. لقد خلق إنساناً جديداً. تبقى إشارة واضحة، وعميقة لا يمكن التغاضي عنها، وهي أن تشي خرج من المعركة منتصراً. وبقيت أحلامه نداء فخر يقذف به الأعداء. |
|
كتاب فلسفة القانون والسياسة عند هيجل
كتاب فلسفة القانون والسياسة عند هيجل تأليف عبد الرحمن بدوي
عرف هيجل آراءه في فلسفة الحق - القانون في كتاب ذي عنوانين: "قانون الطبيعة وعلم الدولة بإيجاز" "Natturrecht Staats Wrissenchaft in Grundinien"، وكتاب "الخطوط الأساسية لفلسفة الحق - القانون" "Grudlimien der Philosophie Derechts"، وظهر كلا العنوانين الواحد مقابل الآخر في صفحتي العنوان. وفي المقدمة (وتاريخها 25 يونيو/حزيران سنة 1820 في برلين) يعلن هيجل أنه ألّف هذا الكتاب من أجل طلابه الذين كانوا يحضرون محاضرات في جامعة برلين. ويقول الدكتور عبد الرحمن بدوي في مقدمة كتابه "فلسفة القانون والسياسة عند هيجل" الذي نقلب صفحاته، والذي يحلّل فيه ويشرح ويوضّح تلك الفلسفة عند هيجل يقول بدوي بأن أول مشكلة يواجهها الباحث في فلسفة الحق والقانون عند هيجل تتعلق بالمصطلحات: ذلك أن اللفظ الألماني Recht ومقابله الفرنسي Droit والإنكليزي Right والإيطالي Diritto والإسباني Derecho لفظ مشترك يدل على معنيين متميزين: الأول هو ما يطلق عليه في العربية اسم: الحق، في مقابل الواجب، أي ما يملكه الإنسان في مقابل ما على الإنسان من التزام: والمعنى الكلي هو ما يطلق عليه اسم: القانون؛ أي السنّة التي تحدد العلاقات بين الناس في شأن من الشؤون، والتي يلتزم باتباعها الناس في المجتمع، ويترتب على عدم الالتزام بها عقوبات. ويتابع بدوي قائلاً بأن هيجل لم يكتف بالاستمرار في هذا الخلط بين "الحق" وبين "القانون" في استعماله للفظ Recht، بل هو استعمل هذا اللفظ إلى جانب المعنيين السابقين - بمعنى: الأخلاق والسياسة. وفي هذا قال نقولاي هارتمن: "إن الموضوع الذي عالجه هيجل في كتاب "مبادئ فلسفة الحق" ليس أبداً فلسفة القانون كما تتصورها اليوم. وذلك ليس فقط لأن نظرية الدولة، التي تؤلف القسم الثاني من هذا الكتاب، لا تنحصر في القانون العام، بل لأن هذا الكتاب يعالج موضوعاً أكثر بكثير. إنه يشتمل على عرض الأخلاق كما يتصورها هيجل، وموضوعها الخاص هو الحياة الأخلاقية. فبالمعنى المعتاد ليس هو الذي قصده هيجل". وهيجل نفسه يصرّح بهذا فيقول: "حين نتحدث ها هنا (أي في هذا الكتاب) عن الـ Recht (الحق في القانون) فإننا لا نقصد فقط القانون المدني، كما جرت العادة، بل ونقصد أيضاً الأخلاق Moralitat، والحياة الأخلاقية، والتاريخ الكلي، فهذه كلها تندرج في ميدانه، لأن هذا التصور يوحّد بين الأفكار وفقاً للحقيقة". وهكذا يتوسع هيجل في معنى كلمة Recht إلى أبعد حد، ويبلغ هذا التوسع الدرجة القصوى حين يصرّح بأن "الـ Recht (القانون والحق) هو الحرية بوجه عام من حيث هي الصورة Idee. ومعنى هذه العبارة هو أن الـ Recht هو الوجود المتحقق العيني للإرادة الحرة. ولهذا فإن الحق - القانون هو الشكل العيني للحرية الإنسانية. إنه "الحرية محققة" عينياً، أي الحرية العامة الملتزمة الكلية. وهكذا يمضي الدكتور عبد الرحمن بدوي في نقده وتحليله وشرحه لفلسفة القانون والسياسة عند هيجل منطلقاً من محاكاة عقلية وثقافة فلسفية ذاتية تشترك مع آراء وتصورات فلسفية أخرى لفلاسفة كأمثال أمانويل كنت، نقولاي هارتمن، برغسون وغيرهم لوضع ما ورد عند هيجل في مسألة فلسفة القانون والسياسية في موضعها الذي يراه مناسباً في عالم فلسفة السياسة والقانون. قسّم الدكتور بدوي كتابه هذا إلى أجزاء ثلاثة: تناول في الأول بعد تقديمه تعريفات حول مفهوم الحق عند هيجل وشرح للخطوط الأساسية لفلسفة القانون والقانون والإرادة عنده والحرية عند هيجل، قدّم بدوي شرحاً وتوضيحاً لما جاء في فلسفية (هيجل) للقانون المجرّد وشمل ذلك فلسفته للملكية وللعقد ولإنكار الحق أو الظلم. ومن ثم ألقى بدوي وفي الجزء الثاني الضوء على فلسفة الأخلاق النظرية عند هيجل وشمل ذلك فلسفته لكل من القصد والمسؤولية والنية والسعادة والخير والضمير. وفي الجزء الثالث والأخير استعرض بدوي فلسفة الحياة الأخلاقية عند هيجل وشمل ذلك فلسفته للأسرة وللمجتمع المدني وللدولة. وذلك كله على ضوء ما جاء في كتابي هيجل "قانون وعلم الدولة بإيجاز"، و"الخطوط الأساسية لفلسفة الحق والقانون" |
|
كتاب : الثورة المغدورة نقد التجربة الستالينيةهدف هذا الكتاب
حاول العالم البرجوازي في البدء ان يتجاهل النجاح الاقتصادي لنظام السوفياتات وهي الدليل العملي على جدارة الاساليب الاشتراكية بالحياة. و لازال العلماء الاقتصاديون الذين يخدمون الراسمال يحاولون حتى اليوم ان يلزموا صمتا مطبقا امام سرعة التقدم الصناعي التي لا مثيل لها في التاريخ او يكتفون بالتحدث عن "الاستغلال الفاحش" للفلاحين. وهم يضيعون بعملهم هذا فرصة نادرة ليشرحوا لنا لماذا لم يؤد استغلال الفلاحين الفاحش في الصين و اليابان و الهند مثلا الى تقدم صناعي متسارع يشبه و لو قليلا تقدم الاتحاد السوفياتي. بيد ان الوقائع تمضي في عملها و مكتبات البلاد المتحضرة عامرة بمؤلفات عن الاتحاد السوفياتي و ليس في هذا ما يدعو الى الدهشة: فان ظواهر كهذه لا تقع دائما. وتحتل الكتابات المدفوعة بالحقد الاعمى وسط هذا الانتاج مكانة تتضاءل اهمية باستمرار بينما يزداد جزء كبير جدا من المؤلفات الحديثة تعاطفا ان لم يكن اعجابا. و لا يسعنا ان نهنئ انفسنا على وفرة المؤلفات المؤيدة للاتحاد السوفياتي كدليل على تحسن سمعة "الدولة المحدثة". وعى كل حال ان تجميل الاتحاد السوفياتي خير الف مرة من تجميل ايطاليا الفاشية. لكن القارئ يبحث دون جدوى بين صفحات هذه الكتب جميعا عن تقدير علمي لما يجري حقا في بلد ثورة اوكتوبر. ان مؤلفات "اصدقاء الاتحاد السوفياتي" يمكن تصنيفها في ثلاث مجموعات كبرى. فكتبات الصحفيين الهواة و مقالات الوصف و التحقيقات الصحفية "اليسارية" – الى هذا الحد او ذاك – تقدم بمجموعها اكبر عدد من الكتب و المقالات. ونجد الى جانبها مؤلفات "الشيوعية" الانسانية و الغنائية و المسالمة لكن المتصفة بقدر اكبر من الادعاء. وتحتل المرتبة الثالثة التبسيطات الاقتصادية المكتوبة بروح "الاشتراكية الجامعية" الالمانية القديمة. ان لويس فيشر و دورانتي معروفان كفاية كممثلين للنوع الاول من الكتاب بينما يمثل باربوس و رومان رولان فئة "الاصدقاء الانسانيين" افضل تمثيل: وليس صدفة ان الاول كتب "حياة المسيح" و الثاني الف "حياة غاندي" قيل ان يهتدي الى ستالين. كما وجدت الاشتراكية المحافظة المتحذلقة في الزوجين ويب الفابيين (1) خير ممثلين لها. يجمع هذه المجموعات الثلاث المختلفة كل الاختلاف عبادتها للعمل المنجز و ميلها للتصميمات المتفائلة. و كل هؤلاء الكتاب عاجزون عن الثورة ضد الراسمالية في بلدانهم لذا فهم مهياون للاعتماد على ثورة خارجية تكون فضلا عن ذلك بدات تهدا. ان احدا من هؤلاء الاشخاص او ابائهم الروحيين لم يتسائل جديا قيب ثورة اوكتوبر او بعدها بسنوات طويلة عن السبل التي ستسلكها الاشتراكية للبزوغ في هذا العالم: ولذا ليس صعبا عليهم رؤية الاشتراكية في ما يتم في الاتحاد السوفياتي الامر الذي يعطيهم مظهر الرجال التقدميين المسايرين لعصرهم كما يهبهم صلابة معنوية دون ان يلزمهم باي ارتباط. ان مؤلفاتهم التاملية المتفائلة غير الهدامة اطلاقا التي ترى المساوئ في الاوضاع الماضية و حسب تطمئن القارئ و تضمن لنفسها رواجا و قبولا. وهكذا تتشكل بهدوء مدرسة عالمية يمكن تسميتها بالمدرسة "البلشفية المخصصة للبرجوازية المتنورة" او بمعنى ادق مدرسة "الاشتراكية للسواح الراديكاليين". اننا لا نفكر بنقد هذا النوع من الكتابات لانها لا تتيح مجالا جديا للمناقشة و تنتهي كل القضايا بالنسبة اليها في النقطة التي تبدا منها في الحقيقة. ان هدف هذا الكتاب اجراء تقدير صحيح لما هو موجود لتفهم ما يجري بشكل افضل. ولن نقف امام الماضي الا بقدر ما يساعدنا ذلك على توقع المستقبل. ان عرضنا سيكون عرضا ناقدا لان الذي ينحني امام الامر الواقع ليس اهلا لان يخطط للمستقبل. لقد مر التطور الاقتصادي و الثقافي في الاتحاد السوفياتي حتى الان بمراحل عديدة دون ان يصل الى التوازن الداخلي – لا بل مازال بعيدا عن ذلك. و اذا اعتبرنا ان هدف الاشتراكية هو خلق مجتمع بلا طبقات مجتمع مبني على التضامن و على تلبية كل الرغبات بشكل متناسق فانه لا يوجد الى حد الان بهذا المعنى الاساسي اية اشتراكية في الاتحاد السوفياتي. صحيح ان تناقضات المجتمع السوفييتي تختلف اختلافا عميقا من حيث طبيعتها عن تناقضات الراسمالية لكنها ليست اقل عنفا. وهي تظهر في عدم المساواة المادية و الثقافية و في القمع و في تشكيل المجموعات السياسية و الصراع بين كتل الحزب. ان النظام البوليسي يكتم الصراع السياسي و يشوه شكله دون ان يقضي عليه. وتؤثر الافكار المحرمة في كل خطوة تخطوها على سياسة الدولة بشكل ينضجها او يناهضها . لهذا لا يمكن تحليل تطور الاتحاد السوفييتي بشكل منفصل منفصل عن الشعارات و الافكار التي يجري تحت لوائها صراع سياسي في البلاد يبدو صامتا الا انه يتاجج كالبركان. ان التاريخ يختلط هنا بالسياسة الحية. ان ضيقي الافق المتحذلقين "اليساريين" يحبون تكرار التوصية باعتماد الحذر في نقد الاتحاد السوفييتي لئلا يصاب بناء الاشتراكية بضرر. ولكننا لا نعتقد ان الدولة السوفياتية هشة لهذه الدرجة. ان اعداءها يعرفون عنها اكثر بكثير من اصدقائها الحقيقيين. ولدى قيادات الدول الامبريالية معلومات دقيقة عن كل ما يتعلق باوضاع الاتحاد السوفياتي وليست هذه المعلومات مستقاة فقط من التقارير الرسمية المنشورة فالاعداء قادرون مع الاسف على الافادة من نقاط ضعف الدولة العمالية و لكنهم ليس بوسعهم اطلاقا الاستفادة من النقد الموجه الى اتجاهاتها التي يعتبرونها من ناحيتهم ايجابية. ان عداء معظم "اصدقاء" الاتحاد السوفياتي الرسميين للنقد يخفي في الحقيقة ضعف تاييدهم للثورة اكثر من ضعف الاتحاد السوفييتي. فلنبعد اذن بهدوء كل هذه التحذيرات و المخاوف. فالحقائق اصدق قرارا من الاوهام و نحن نريد ان نقدم للعالم وجها واضح المعالم لا قناعا زائفا. ليون تروتسكي 4 اب / اغسطس 1936 |
|
كتاب : المادية والثورةســارتر والمـاركسية
كان جان بول سارتر ( 1905ـ 1980) واحداً من أكثر المفكرين الغربيين، في حقبة الحرب الباردة، التباساً وإثارة للجدل في علاقته بالماركسية، وبالتجارب الاشتراكية. وقد اتخذ موقفاً نقدياً صارماً من النظرية الماركسية ومنهجها الجدلي وتطبيقاتها. لكنه عدَّ نفسه، دوماً، يسارياً، في الخانة عينها التي وضع فيها اليساريون أنفسهم، في مواجهة النظام الرأسمالي بجشعه واستغلاله ولا عدالته ووجهه الاستعماري. ولذا كانت علاقته متذبذبة بالحزب الشيوعي الفرنسي، وبالدولة الكبرى الراعية، في حينها، للحركات الماركسية والثورية في العالم: الاتحاد السوفيتي. وفي هذا الصدد كتب دراسات وأبحاثاً ومقالات عديدة جمعها في كتب شتى، لعلّ أهمها: (نقد العقل الديالكتيكي) و (المادية والثورة) و (قضايا الماركسية) و (شبح ستالين). تحدث سارتر عن الطبيعة الخسيسة للنظام الرأسمالي، وعن خبث الطبقة البرجوازية وفسادها، حيث أنتجتا الفاشية وأهوالها. وطوال حقبة الحرب الباردة، وحتى وفاته، بقي يسارياً، مناوئاً للولايات المتحدة وسياساتها، ودورها في الحروب الإمبريالية، لاسيما في كوريا وفيتنام. والبديل المرغوب فيه، من وجهة نظره، هو شكل ما من أشكال الاشتراكية. وكان مقتنعاً بأن الاشتراكية، لا غيرها، هي التي بإمكانها خلق مجتمع حر، أصيل. وجوهر رؤيته الاشتراكية يتمثل في تأكيده أنْ لا وجود لمجتمع حر “ما لم يستمتع كل عضو فيه بنفس درجة الحرية”. وكان تصوّره عن كيفية تحقيق الاشتراكية، وطبيعتها هو أنه “لا يمكن للاشتراكية أن تظهر إلاّ على يد الطبقة العاملة، ولا يمكن لها أن تنجز شيئاً ما لم تُعط الأولوية المطلقة لحاجات هذه الطبقة”. وظل على الرغم من انتقاده للاتحاد السوفياتي، والفظائع التي اُرتكبت فيه، لاسيما في عهد ستالين، يرى تفوقاً أخلاقياً للمنظومة الاشتراكية على الديمقراطية البرجوازية. غير أن تقلبات الأحداث منذ الاحتلال الألماني لفرنسا (1941)، ووقوف الحزب الشيوعي الفرنسي إلى جانب معاهدة عدم الاعتداء الموقعة، في عام 1939 بين الاتحاد السوفياتي (ستالين) وألمانيا النازية (هتلر). واعتبار إعلان الحرب من قبل فرنسا وإنكلترا على ألمانيا إثر احتلال الأخيرة بولندا مؤامرة إمبريالية، ثم انقلاب موقف الحزب مع غزو ألمانيا أراضي الاتحاد السوفياتي في يونيو 1941، ليصبح الحزب في صف المقاومة ضد العدو النازي (المشترك).. نقول؛ مع تقلبات الأحداث هذه ازدادت انتقادات سارتر للشيوعيين والاتحاد السوفياتي حتى وصلت، أحياناً، حد القطيعة. ومع احتلال الاتحاد السوفياتي أوروبا الشرقية بعد انتهاء الحرب وبدء الحرب الباردة ما عاد، في نظر سارتر، كما في السابق “أن من يدعم الشيوعية فإنه يدعم أسباب الحرية”. خصص سارتر، في عام 1950، عدداً من مجلته (الأزمنة الحديثة) التي كان يرأس تحريرها لفضح وجود معسكر للعمال العبيد في الاتحاد السوفياتي. لكنه بقي إلى جانب فكرة الاشتراكية، وضرورة تحرير الطبقة العاملة. وكتب في عام 1952 مقالته الشهيرة ( الشيوعيون والسلام )، وفيه تعاطف مع الحزب الشيوعي الفرنسي، ورأى “أن الطبقة العاملة حققت وعياً بذاتها كطبقة من خلال الحزب الشيوعي وحده”. تغير الأمر لمّا قام الاتحاد السوفياتي بغزو المجر وقمع حركة الاستقلال فيها، في عام 1956، وكتب مقالته الشهيرة (شبح ستالين) وفيها دان التدخل السوفياتي، وعدّها فساداً من فعل الستالينية، لكنه لم يتخل عن إيمانه بالماركسية “التي ظلت في نظره الفلسفة الوحيدة القابلة للتطبيق في القرن العشرين”. وقبل ذلك كانت الستالينية، في نظره، ضرورة تاريخية لبناء الاشتراكية. ولم يسع إلى تخطئة الماركسية في ضوء إخفاقات التجربة أو طبيعتها القمعية، اللاديمقراطية. وأراد للحزب الشيوعي أن يتبنى خططاً فيها قدر من الليبرالية والإصلاح. وذهب إلى أن الوجودية قادرة على تقديم العون للماركسية، فبالتفاتها إلى التجربة المباشرة تستطيع أن تنقذ الماركسية من أن تصبح جافة، متيبسة، ولاهوتاً مجرداً. وقد قال؛ “لا يمكن للوجودية أن تحل محل الماركسية. فالماركسية ــ والماركسية وحدها هي الفلسفة الصحيحة في العالم الحديث”. أما ما تستطيع أن تقدمه الوجودية من عون فهو أن “تساعد الماركسية بوصفها الفلسفة التي تمكن البروليتاريا من إنجاز الوعي الذاتي والأصالة”. اكتست رؤية سارتر إلى مستقبل الجنس البشري بمسحة من التشاؤم. فوجوديته لم تكن لتتلاءم، من هذه الناحية، مع التفاؤل المسطح للماركسية التقليدية السائدة. وقد أظهر، مثل آخرين من مجايليه (ألبير كامو مثلاً)، في كتاباته المختلفة تناقضاً بين “الفلسفة الاجتماعية للنشاط السياسي واليأس الميتافيزيقي العميق”. ولعله غدا أكثر تشاؤمية وعدمية مع سحق قوات حلف وارشو، بقيادة الاتحاد السوفياتي، لنسخة الاشتراكية التي أقامها ألكسندر دوبك في تشيكوسلوفاكيا في عام 1968. وكان رد فعل سارتر ضد عملية السحق تلك عنيفاً ومباشراً. وفي الوقت نفسه فشلت ثورة الطلاب في فرنسا (مايو 1968 ).. هذه الهزائم “تركت سارتر في يأس من مستقبل السياسة في أوروبا فراح يشغل نفسه أكثر منذ الستينيات فصاعداً بصراع عالم المستعمرات ضد سادتهم الإمبرياليين”. ومنذ انطلقت شرارة الثورة الجزائرية عمل سارتر على دعم تلك الثورة، وتفنيد أسطورة أن الجزائر فرنسية. في مقالته الشهيرة (المادية والثورة) أو (الماركسية والثورة) يطرح مجموعة من الأسئلة والأفكار بخصوص الفكر الماركسي والحركات الماركسية. وكان سؤاله الأول، هنا، هو؛ “هل المادية وأسطورة الموضوعية لازمان فعلاً لقضية الثورة، وهل لا يوجد انفصال بين عمل الثوري وإيديولوجيته؟”. ويبدو أن سؤاله كان يرمي إلى زعزعة التلازم، في الفكر الماركسي، بين النظرية والتطبيق. سعد محمد رحيم |
|