الإعلام البناء والمثقف الهدام
بقلم النائب الأستاذ: التاقي مولاي ابراهيم
الإعلام البناء والمثقف الهدام
بقلم النائب الأستاذ: التاقي مولاي ابراهيم
لقد لعبت بعض المواقع الإلكترونية الصحراوية دورا بارزا في سبيل فضح السياسات المغربية الرامية إلى إجهاض حقوقنا المشروعة في بناء دولة ذات سيادة ينعم شعبها بحريته وخيراته المعرضة للنهب والاستغلال الفظيع من قبل المحتل المغربي، ولم يقتصر دور هذه المواقع على هذا الجانب من معركتنا ضد العدو بل تعداه إلى العمل على إبراز مكامن الضعف في سياستنا وكشف التجاوزات الحاصلة ومن يقف ورائها حتى يتسنى لنا بناء دولة الحق والقانون والعدالة التي ننشدها جميعا، ولابد في هذا المقام من الإشادة بالدور الطلائعي الذي لعبته ولا زالت تلعبه مواقع مثل وكالة المغرب العربي المستقلة للأنباء و المستقبل الصحراوي والتغيير والمصير من أجل تنوير الرأي العام الصحراوي بكل حيثيات المعركة التحريرية ضد العدو المغربي من جهة ومعركة البناء السليم لمؤسسات الدولة الصحراوية من جهة أخرى.
ولكن للأسف الشديد فإن بعض المثقفين الذين تمنحهم المواقع الإلكترونية فرصة الإدلاء بأراءهم وأفكارهم هم أقرب إلى تقديم خدمة مجانية للعدو من خدمة قضيتهم وشعبهم ، من خلال كتابات تحريضية مثيرة للقلاقل والفتن من اجل تشتيت الصف الصحراوي والعودة به إلى مراحل ما قبل الإعلان التاريخي للوحدة الوطنية، وبالتالي تحويل المعركة من معركة بيننا والعدو إلى معركة صحراوية صحراوية، وهذا ما تطمح إليه إدارة الاحتلال المغربي حتى يتسنى لها نسف المشروع الوطني المتمثل في التحرر والإنعتاق والعودة إلى الوطن وعلم الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية يرفرف خفاقا في أجوائه.
إنهم أشبه بطيور الظلام التي تهوى الصيد في الليالي الحالكة حين تخلد النسور والصقور للراحة، تجدهم يتربصون وينبشون في الذاكرة الجماعية للصحراويين عساهم يجدوا ما يكتبون عنه لإثارة النعرات وخلق الشقاقات ،كما تفعل الخفافيش في بحثها عن فريسة في جنح الظلام مع اخذ الحيطة والحذر عل احد النسور أو الصقور في حالة ارق فيتحول الخفاش من صياد إلى فريسة بحد ذاته، ولنتأمل جيدا ما قاله الكاتب الجزائري أنور مالك الذي يملك خبرة كبيرة حول أساليب المخزن المغربي في مقاله المعنون ب(الجهاز المخزني يعمل لإشعال حرب أهلية بين الصحراويين بمخيمات تندوف) والمنشور عبر صفحات جريدة الشروق الجزائرية بتاريخ 06 أكتوبر 2010 إذ كتب بالحرف الواحد:
((أمر آخر أن المخابرات المغربية تعمل على إثارة فتن قبلية وأخرى سياسية في المخيمات والمناطق المحررة التي تخضع لسلطة البوليزاريو، وذلك بدس عملاء يقومون بأدوار استفزازية لأجل إشعال فتيل المواجهات الدموية، وكل ذلك من أجل تبرير الاختراق والتوجيه والانتقامات المضادة وحتى خلق شبكات للمعارضة تحت غطاء حرية التعبير والديمقراطية والتعددية السياسية، وهي بلا شك ستكون ذريعة واضحة لضرب الاستقرار ومصداقية قادة الجبهة محليا ودوليا..))
ويعتمد هؤلاء الكتاب الضالين المتمرسين على السباحة في المياه العكرة في حملتهم على وصف بعض القادة وإطارات الدولة الصحراوية بالجلادين وناهبي المال العام والخونة والمتاجرين بالقضية الوطنية، ليس رغبة في تنوير الرأي العام كما يفعل الكتاب والمثقفون الوطنيون،وإنما من أجل خلق صراع فكري وثقافي ذو طابع عرقي تمهيدا لصراع مسلح بين الصحراويين يمكنهم من تحقيق أجندات معادية للشعب الصحراوي ووحدته الوطنية التي يزعجهم صمودها أكثر من 37 سنة قابلة للتمديد إلى مالا نهاية.
وقد آن الأوان لكل الصحراويين المخلصين وخاصة المثقفين منهم لكي يتصدوا لهذه الفئة الضالة التي لا تحمل لهذا الشعب وكفاحه البطولي إلا الحقد الدفين،لان هذه الفئة المنتشرة بين ظهراننا والتي تعمل تحت غطاء حرية التعبير التي أصبحنا نضاهي فيها دولا مستقلة منذ أمد بعيد أصبحت تشكل خطرا حقيقيا على الصحراويين وأهدافهم السامية من خلال نشاطها الدؤوب واللامتناهي الذي يوحي وبما لا يدع مجالا للشك أنهم مجموعة عملاء للمغرب يعملون في سرية تامة، مستغلين مرونة النظام مما أوحى لهم بشرعية أعمالهم الدنيئة التي عجز حتى المثقفين المغاربة في حد ذاتهم عن نسج هكذا مخططات تعمل على تكريس الأطروحة المغربية الرامية إلى ضمنا عنوة،والتي لن تتحقق مادام هناك صحراوي حر واحد على وجه البسيطة.
وعادة ما تتظاهر هذه الفئة (دكاكين الفتنة ) بحب الوطن والدفاع عنه بالألفاظ فقط، ولكن إذا خلو إلى شياطينهم (مؤجريهم) قالوا إنا معكم، إنما نحن نخدع هذا الشعب المغلوب على أمره، المسالم الذي لا يؤذي أحدا،أبنائه نواياهم طيبة،يقيمون الشخص بمظهره، في حين أن الله يتولى السرائر،وبالتالي يمكننا أن نفعل ما نشاء،وما عليكم إلا خلق هالة إعلامية كبيرة وتجنيد المنظمات الحقوقية حالما يتحرش بنا الوطنيون منهم ولا تنسوا أن تدفعوا لها الأموال الكثيرة،فذلك هو سر فعاليتها و المعين الرئيس لها في تحقيق أهدافنا في البقاء كتدميريين لهذا الشعب وكيانه المتين كالبنيان المرصوص.
ولمواجهة هذه الشرذمة من العملاء، وجب على المثقفين والكتاب الصحراويون الشرفاء التجنيد الكامل للعمل على الوقوف في وجه هذا المخطط الجهنمي الذي يسعى إلى خلق معارك فكرية بين المثقفين الصحراويين عبر المواقع الالكترونية والمنتديات تمهيدا لحرب مسلحة الغرض منها نسف مشروع الوحدة الوطنية من جهة و تحقيق الحلم الاستعماري المغربي الذي يعمل بلا هوادة من اجل طمس هويتنا الوطنية وتذويبنا في إطار نظامه الذي أصبح يمثل جزءا مظلما من تاريخ أنظمة الحكم في العالم.
إن المثقف الصحراوي الشريف أمام معركتان حقيقيتان ولا خيار أمامه سوى تسخير فكره وقلمه ليكون في مستوى حسن المقارعة والبلاء والمعركتان هما:
ـ معركة مع العدو المغربي :وذلك من خلال فضح ممارسات الاستعمار المغربي وكشف الواقع المأسوي لحقوق الإنسان في المناطق المحتلة والنبش في الذاكرة الجماعية عن مختلف الجرائم التي ارتكبت في حق الصحراويين وإعادة صياغتها عبر المواقع الالكترونية حتى يتسنى للعالم الإطلاع على جرائم قصف أم ادريك والكلتة وحوزة والمحبس، وكذا الحديث عن معاناة الصحراويين في تلك الحقبة من تشريد وتجويع وتجهيل ….الخ من جميع أصناف الترهيب والإبادة التي تعرض لها المواطنون الأبرياء أين لم تكن الشبكة العنكبوتية منتشرة بعد.
كما ينبغي على المثقفين الصحراويين المخلصين العمل على كسر حاجز التقوقع في المواقع الالكترونية الوطنية فقط من خلال التفاعل مع مختلف المواقع العربية والعالمية لفضح النظام المغربي وممارساته المنافية لجميع المواثيق والعهود الإنسانية ممثلة في الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان، وكشف التاريخ الأسود للنظام المغربي في الصحراء الغربية، مع التركيز على العالم العربي الذي لازال يجهل تماما طبيعة صراعنا مع العدو المغربي بحكم التواجد الدائم والمستمر للأطروحة المغربية التي يطبل لها المثقفون المغاربة بمساعدة من كتاب الشقاق والنفاق لدينا الذين لا هم لهم سوى الغوص في أعماق التاريخ عساهم يجدون ما يجنون من ورائه مكاسب مادية…..ولتذهب البوليساريو إلى الجحيم..
ـ معركة النقد البناء: وهي المعركة الكفيلة بالقضاء على جميع السلبيات والنقائص الموجودة في واقعنا المعاش، وفي جميع الميادين، سواء كانت سياسية أو ثقافية أو قضائية أو اجتماعية أو تربوية…..الخ، من خلال محاربتها والكشف عنها مع العمل على إيجاد البدائل والحلول السليمة لكل نقص حتى يتسنى لنا بناء دولة ذات مؤسسات حقيقية،مؤسسات كفيلة بصيانة حقوق المواطن وكرامته،وذات مصداقية وهيبة وقدرة على فرض الخيار الوحيد والأوحد للصحراويين والمتمثل في تحقيق الاستقلال التام.
ومما يلاحظ وبجلاء أن هناك نقص كبير في الحديث عن هكذا انشغالات تهم الصحراويين،وذلك راجع إلى تحفظ الكثير من المثقفين في الكتابة عن هذه المواضيع حتى لا يقعون في صدامات مع المسئولين المعنية قطاعاتهم بالنقد، مما يطرح السؤال التالي:
ـ متى كان الحديث عن النقائص والسلبيات جرما؟
ألم يقل الرسول صلى الله عليه وسلم:(من رأى منكم منكرا فليغيره بيده،فأن لم يستطع فبلسانه،فإن لم يستطع فبقلبه وذلك اضعف الإيمان).
إن المثقفين الصحراويين أمام تحديات كبيرة ،ولعل من أكبرها هو العمل على تطوير مؤسسات الدولة من خلال عملية النقد البناء لجميع المظاهر والنقائص الموجودة ،وضرورة التجرد من الروح الانهزامية المستسلمة لمروجي أفكار استحالة التغيير والسمو بمؤسسات الدولة وجعلها بمثابة الأدوات الكفيلة بتحقيق تصورات الصحراويين في رؤية دولة قوية متماسكة يعيش فيها الجميع في كنف المساواة والعدالة والإخاء.
إن الكتاب الصحراويين اليوم وأكثر من أي وقت مضى أمام معركة حقيقة لا هوادة فيها، معركة ضد الآلة الدعائية المغربية من جهة،وضد الشرذمة الضالة من أشباه الكتاب التي مرغت أنوف الصحراويين في الوحل بكتاباتها التي عادة ما يوظفها عدونا لضربنا في الصميم تحت شعار حقوق الإنسان المنتهكة في مخيمات البوليساريو كما يحلو لهم ذكرنا من جهة أخرى.
إن الحديث عن جلادين ومجازر ونهب للمال العام هو حديث سابق لأوانه،فمقتضيات المعركة التي نخوضها تتطلب من المثقف المخلص التركيز على فضح سياسات العدو وليس العكس،وتحويل المنابر الإعلامية سواء كانت مكتوبة أو سمعية بصرية أو الكترونية إلى جبهة حرب حقيقية ضد جميع الظلاميين الذين لا يحزنهم إلا وجود شعب صحراوي موحد تحت لواء الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب.
ويحب على المؤسسة الإعلامية أن تلعب دورها الكامل في مثل هكذا محكات تتعرض لها قضيتنا الوطنية، من خلال تخصيص منابر إذاعية وتلفزيونية للحديث عن التحديات التي تواجه المثقف الصحراوي ولاسيما في الشق المتعلق بمواجهة السعاة لتفكيك وحدتنا الوطنية التي هي سر قوتنا وديمومتنا ،على أن يعمم هذا التوجه على بقية الوسائط الإعلامية،ومن ثمة تعمل القيادة السياسية على تعميم هذه النقاشات على الجماهير الشعبية حتى لا تنجر وراء مسوقي مشاريع الخز والعار.
فهذه هي معركتكم الحقيقية أيها المثقفون والكتاب الصحراويون…….فكونوا أو لا تكونوا
انها قوة الحق يا سادة
16/05/2013
بقلم: حدامين مولود
سعيد
"ما لا يريد أبو بكر الجامعي وعلي أنوزلا أن
يرياه"
في مقال ـ قد أصفه ـ بالقراءة الجبرية، أنتج الصحفيان المغربيان الشهيران
نظرية، لا تستقيم بكل بساطة:
حيث كتب الصحفيان: "عندما بدأ الشباب الصحراوي في
التظاهر سنة 1999، كان يفعل ذلك بدون أعلام الجمهورية العربية الصحراوية
الديمقراطية، وكذلك بدون مطالب استقلالية".
حسب الصحفيان المغربيان، " دمقرطة
المغرب، ستجعل الشبان الصحراويين المولودين بعد المسيرة الخضراء أي الذين تلقوا
تعليمهم في المدارس المغربية مساهمين في بناء حكم ذاتي ضمن المغرب؟".
وينتهيان
إلى القول بأن " دمقرطة مؤسسات الدولة المغربية ستتيح الفرصة لانتزاع اعتراف دولي
بسيادة المغرب على صحرائه وسيحصن ذلك وحدته الترابية".
إنهما يحاولان بذلك
القول: بأن الأسباب الاقتصادية، والاجتماعية أو الثقافية هي التي كانت تدفع
الصحرايين إلى الخروج إلى الشارع، حاملين أعلام الجمهورية العربية الصحراوية
الديمقراطية!!
تجاهل الصحفيان عن قصد أو عن غير قصد ـ لكن ربما للسبب الأول ـ
الأسباب الحقيقية والمعطيات التي تبرر للشباب وغير الشباب من الصحراويين الخروج
للتظاهر حاملين "ازريقة" (علمنا الوطني ذي الألوان الزاهية).
ليس فقط عندما
يخرجون إلى الشارع، وإنما منذ ولادتهم ترضعهم أمهاتهم روح المقاومة التي لا تقهر من
أجل حرية واستقلال الصحراء الغربية. عندما يبلغون عمرا معينا، يصطدمون مع حجج محكمة
العدل الدولية الدامغة لصالح تقرير المصير. يكفي النظر في أي خريطة عالمية معلقة
على أي صفحة ويب في أي بلد من العالم، ليعلموا أن الصحراء ليست مغربية. وحين يدخلون
في أي مكتبة، سيقرؤون أن المغرب يرفض الاستفتاء الذي كان يقبله بالأمس، وأكثر من
ذلك سيجدون ما يلي:
المواقف
الرسمية المعلنة من قبل المملكة المغربية فيما يتعلق بالصحراء الغربية:
1).
ـ الدّيْ ولد سيدي بابا، مندوب المندوب إلى لجنة 24. (أديس أبابا 7 يونيو 1966)
يقول:
"أطالب باستقلال الصحراء الغربية في أقرب الآجال الممكنة، ويجب أن
يكون استقلالا حقيقيا، وعليه يمكننا تجاوز الجمود الحالي. وعندما يقرر لسكان
الإقليم مصيرهم، يمكنهم أن يحققوا بكل حرية كل حقوقهم كمواطنين كرماء وواعين،
وسيعملون لصالح سياسة تتماشى مع الأهداف الوطنية لشعبهم"
2).ـ محمد
الشرقاوي، وزير خارجية المغرب، في كلمته أمام الجلسة 21 للجمعية العامة للأمم
المتحدة في 13 أكتوبر 1966، يقول:
"المغرب يؤيد استقلالا حقيقيا للصحراء
الغربية، بوضع مستقبل الإقليم بين أيدي أبنائه، الذين في جو من الحرية سيختارون بكل
استقلالية تقرير مصيرهم. وعليه فإنني أطالب بتنظيم عملية تقرير المصير وفقا للمراحل
الآتية: انسحاب القوات العسكرية الإسبانية من الإقليم ونشر قوات تابعة للأمم
المتحدة (...) انسحاب الإدارة الإسبانية وعودة اللاجئين الصحراويين من الخارج. هذه
هي المسؤوليات التي يمكن للأمم المتحدة أن تتحمل بدعم من السلطات المغربية
والإسبانية".
3).ـ الملك الحسن الثاني شخصيا، أوضح في ندوة صحفية في 30 من
يوليو 1970 بأن:
"بدلا من
الذهاب إلى المحاكم للمطالبة بكل تراب الصحراء الغربية، طالبنا بتنظيم استفتاء
شعبي، وسيجري عندما تكون نتيجته الأولى خروج كل الذين ليسوا أفارقة ويتمكن شعب
الصحراء الغربية من الاختيار بين العيش تحت الرعاية المغربية، او تحت رعايته
الذاتية أو تحت أي رعاية أخرى". الندوة الصحفية للملك الحسن الثاني في 30 يوليو
1970، حولية إفريقيا الشمالية، 1970، CNRS. باريس 1971 ـ ص: 807.
4).ـ السيد
بوطالب، ممثل المغرب في الجلسة 25 للجمعية العامة للأمم المتحدة (أكتوبر
1970).
"المغرب والبلدان المجاورة، منشغلون بالسلام في المنطقة، والتطور
والتعاون فيما بينهم، وقد قرروا وضع حيز التنفيذ تسهيل تطبيق تقرير مصير إقليم
الصحراء الغربية، بالتعاون مع المنظمة الدولية والقوة القائمة على
الإدارة."
5).ـ السيد بن هيمه، في الجلسة 28 لجمعية العامة للأمم المتحدة (3
اكتوبر 1973) يعلن نيابة عن الحكومة المغربية:
"من المعروف أن بلدي طالب رسميا
أمام سلطات دولية أخرى بتقرير مصير سكان هذا الإقليم الآيل إلى تصفية الاستعمار من
الصحراء الغربية."
6).ـ رؤساء دول: الجزائر والمغرب وموريتانيا
عبروا في
نواذيبو وفي أغادير عن:
"التزام الذي لا يتزعزع بمبدأ
تقرير المصير الحر وعزمهم على أن يطبق ذلك المبدأ في إطار يضمن التعبير الحر
والصحيح لسكان الصحراء، وفقا لقرارات الأمم المتحدة حول الوضوع".بيان نواذيبو
الثلاثي المشترك في 14 سبتمبر 1970 بموريتانيا، وفي 24 يوليو 1973 في أغادير
(المغرب).
7).ـ كان المغرب
خلال اجتماع مجلس وزراء منظمة الوحدة الإفريقية المنعقد بالرباط، عمل بهمة ونشاط من
أجل أن يتبنى المجلس القرار 15, CM-RES. 272, 1972، الذي يطالب إسبانيا، كدولة
قائمة على إدارة الصحراء الغربية بـ:
"خلق مناخ حر وديمقراطي يمكن شعب الإقليم
من ممارسة حقه في تقرير المصير والاستقلال دون تأخير طبقا لميثاق الأمم
المتحدة"
8).ـ الملك الحسن الثاني ملك المغرب، بعد خطابه أمام الجلسة 37 للجمعية
العامة للأمم المتحدة في 27/09/1983، يعلن:
"المغرب يقول لكم بأرنه يريد
الاستفتاء، المغرب يؤكد لكم بأنه مستعد بأن يتم هذا الاستفتاء غدا إذا كنتم أنتم
تريدون ذلك، المغرب جاهز لتقديم كل التسهيلات لجميع المراقبين من أين أتوا من أجل
أن يكون هناك وقف لإطلاق النار ومن أجل تكون هناك استشارة حرة، عادلة ونزيهة.
وختاما، المغرب يلتزم رسميا باحترام نتائج ذلك الاستفتاء ويعتبر نفسه مجبرا على
ذلك".
وليس هذا فقط، للمغرب مشاكل جدية، ليس مع الصحراويين، وإنما مع
المجتمع الدولي في عمومه. المغرب هو البلد الذي يحتفل بأمر تأسف له المجموعة
الدولية. لا بد أن هناك أمرا خطيرا، يجعل شعبا ما يقبل بأن يدفع من قبل حكامه
للاحتفال بشيء هو في نظر باقي سكان المعمورة أمر يؤسف له أو عليه.
سنة
بعد أخرى، يدفع المخزن المغربي شعبه للاحتفال بالمسيرة الخضراء. في حين أن المسيرة
الخضراء كانت فعلا مؤسفا، ليس فقط بالنسبة للصحراويين، وإنما كذلك بالنسبة للمنتظم
الدولي. يصعب أن أصدق، بأنه على هذا المستوى، لم يقم السيدان: أبوبكر الجامعي وعلي
أنوزلا، بقراءة توصية مجلس الأمن 380 (1975)، أين يقول المجلس بكل وضوح
بأنه:
1. يأسف على قيام المغرب بالمسيرة الخضراء.
2. يطلب من المغرب أن يسحب
كل المشاركين في المسيرة فورا من أرض الصحراء الغربية.
إنه
هذا الصنف من القرارات، أيها السيدين: الجامعي وآنوزلا، هو الذي يصلب ويرسخ قناعات
الصحراويين، صحراويي اليوم، غدا وبعد غد، من أجل مواصلة الكفاح من أجل صحراء حرة.
هل تفهمون ذلك الآن؟
في احتفالات المغرب، سواء كانت دينية أو وطنية، تتهاطل على
المملكة تهان من الكثير الدول. لكن فيما يسميه المخزن "احتفالات المسيرة الخضراء"،
لايجد المغرب من يهنيه أبدا. أليس الأمر محزنا، أن تعلن عيد ميلادك، حتى في صفحتك
على الفايسبوك، ولا تجد من يتذكرك لتهنئتك.
مها أنفق المغرب في الصحراء
الغربية، ومهما كانت مؤسساته ديمقراطية، فإنه لن يستطيع أن يزيح عن كاهله العزلة
الدولية في موضوع الصحراء الغربية. وحتى لا يظل المغرب دولة منبوذة، ليس له إلا
طريق ممكن واحد: تكييف سلوكه مع متطلبات الشرعية الدولية، بالاعتراف للشعب الصحراوي
بحقه في تقرير المصير والاستقلال.
وعلى النخبة المغربية أن تكون
طليعية في نشر هذه الأفكار، بدل ترديد الخطب النمطية للمخزن. وإذا رافع السيدين
الجامعي وآنوزلا عن استقلال الصحراء الغربية بصورة علنية فإنهما في النهاية لم
يفعلا سوى تأكيد المواقف المشرفة التي تبناها أسلافهم محمد الشرقاوي، والسيد
بوطالب، ومحمد بن هيمه.
ضد التعصب والظلم.. أنا أيضا.. أتهم
ضد التعصب والظلم.. أنا أيضا.. أتهم
10/03/2013
بقلم: محمد المتوكل
لا يجد المرء غضاضة في ترديد عبارات الأسى وذرف دموع الحسرة والتأسف على فقدان عزيز، ولا شك أن مشاعر التقزز والنفور تنتاب الجميع، من مشاهد لجثث آدميين سقطوا أو أزهقت أرواحهم، في غفلة من ضجيج العنف وجلبة الصياح والنواح وهدير المحركات وأزيز الحوامات وألسنة الدخان المنبعثة من حرائق تشب في الخيام والمؤن والألبسة، ساعة اقتحام مخيم كديم ازيك وإخلائه من ساكنة تربو على الثلاثين ألفا. ليس معيبا، كلا هي تلك مشاعر الكرامة المتأصلة في الإنسان، والتي كرستها الأديان السماوية وأمرت بتقديسها العهود والمواثيق التي سطر بنودها بنو الإنسان، وطوقوا حرمة الحق في الحياة من داخلها بتجريم وتحريم المساس بها، بل تصدت للتنفيذ في حال صدورها كعقوبة لدى البلدان التي لم تحسم بعد في رفع عقوبة الإعدام من ترسانة قوانينها.
لهذا الكلام ما يبرره، حين يكون القصد حراكا شعبيا دام قرابة الشهر، استباقا وإيذانا بمولد أول ميدان تحرير عربي. انشىء على بعد عشر كيلومترات شرق مدينة العيون، قوامه ثمانية آلاف خيمة تأوي أكثر من ثلاثين ألف مواطن صحراوي، استقى منظموه آليات تنظيمه من عمق ثقافة المجتمع الصحراوي، باستلهام خطوط بناء الخيام، ورسم لوحة ترسي لكل مجموعة خيام موضعها وهوامش الفصل بين مجموعات الخيام، وتحديد المداخل، وأكثر من ذلك ولضرورات حاضر الأيام، تم تخصيص مواقع للمرافق من إدارة وتطبيب وخدمات صحية.. لأن أهل الصحراء في حلهم وترحالهم خبروا فن ضبط المجال وعقلنة استخدام المساحات المتاحة، ورسم لوحات تتناسق خطوطها في نصب خيام "المحصر" أو "لفريك" كما تتناسق وفي انسجام خطوط الصانع التقليدي الصحراوي على الأمتعة الجلدية.
أقيم هذا المحصر (تجمع للخيام) بعيدا عن المدينة، وفي ذلك ابتعاد عن كل ما له صلة بالمساس "بالنظام العام"، فاختاروا إدارة أمنهم وصحتهم وسكينتهم خارج نفوذ الباشا ووالى الأمن ورئيس المجلس البلدي، لأنهم ضاقوا ذرعا من ثقل "نظام عام"حول حياتهم تحت ضغط الانصياع القهري، إلى مجرد ممتثلين طيعين لأوامر المنع والنهي اليومية، دون تقديم ما توفره وضعية الإقليم القانونية لساكنيه من حقوق، أقلها أن تحترم كرامتهم، وينالون نصيبا من خيرات أرضهم في انتظار إجراء عملية استفتاء انتصبت لأجلها بعثة أممية منذ السنة 1991.
نجح النازحون الصحراويون في اختيار شكل احتجاجهم إذن. فبعد محاولات سبقت ذلك العاشر من اكتوبر 2010، أفشلتها قوات الدرك والقوات المساعدة بموقعي "كنيدلف" شمال العيون وواحة "لمسيد" شرق العيون، ستنتصب الخيام خيمة خيمة، وبوتيرة متزايدة ومتسارعة حتى بلغت الآلاف على مساحة لا تتجاوز الكيلومتر مربع بميدان كديم ازيك، حتى لا أقول "كرارة" كديم ازيك لأن المنتوج نضالي كان وليس فلاحيا...
وظل السؤال عالقا، كيف تم المنع في المحاولتين السالفتي الذكر، فيما ترك الحبل على الغارب في تجربة ميدان كديم ازيك، على الرغم من التطويق والتضييق على مساحة الميدان منذ اليوم الأول. هل مل الأمنيون من المطاردة وسحب الخيام وإحراقها أحيانا واعتقال البعض وملاحقة الآخرين، أم أن إرادة كامنة في دواخل المحتجين انتصرت على المنع، وحررت لخيامها مساحة؟؟؟ الأكيد، أن لا أحد كان يتوقع أو يدور في خلده، أن هؤلاء المحتجين الصحراويين ومن أقصى غرب الجغرافيا العربية، سيسمعون صوتا غير معهود لأهل لغة الضاد، ودون المرور من جامعة الدول العربية التي تمنع صوت الشعب الصحراوي ارضيا وفضائيا، بل عبر ميادين التحرير العربية التي ستتناسل الواحد تلو الآخر من رحم كديم ازيك.
مرت مذاك، سيول جارفة هادرة كثيرة تحت جسر التاريخ العربي، سيول تونسية وليبية ومصرية ومغربية ويمنية وبحرينية و… ولازالت العواصف والغيوم تلبد سماوات العرب، والقطار الذي انذر بمروره احدهم، يواصل عبوره للمحطات عاصمة،عاصمة. ويستمر سؤال انتصاب مخيم كديم ازيك دونما جواب في الرواية الرسمية للأمنيين المغاربة، تماما مثلما لم يجد سؤال احتلال ميدان التحرير في القاهرة جوابا لدى البصاصين والعسس من أمن واستخبارات الراحل مبارك (عن قصر عابدين)، ربما في الأمر سر الهي أو هبة من الطبيعة، فرصة يفتح فيها وبالصدفة موعد للشعوب مع التاريخ، كما تفتح السماء للبعض في إحدى ليالي العشر الأواخر من رمضان. وليكن إذن للمنجمين أو عليهم عبء فك اللغز، بعد عجز الأمنيين، ولنقل عجز المنظرين أيضا، عن تحسس توقيت الزلزال الذي انطلق من كديم ازيك، وعبثت موجاته الارتدادية بعروش من ظل العبث واقع حال وعنوان مرحلة يفرضونه في البلدان ظلما وفسادا واحتقارا للشعوب.
صحيح، ومن الوارد في الاعتقاد، أن يصعق الجميع لهول المفاجأة، حصاة صغيرة يرمى بها من كديم ازيك في بركة عربية آسنة وتستجيب وتدب فيها الحياة بعد موت سحيق، وعلى حين غرة من الجميع، بل ونكاد لا نصدق أن "الحماة" المتحكمين في المصائر، خلدوا يومها أو طوال شهرها إلى بيات قطبي عميق، ونعني طبعا خبراء التوقعات وعلماء الجيوست....ات، ممن أنتجتهم غرف الأبحاث بمراكز الاستخبارات العالمية. كاتب كبير من بلاد العم سام اسمه ناعوم تشومسكي عايش اللحظات تلك، وأَرَخ للبداية من كديم ازيك، نعم بداية الربيع العربي من كديم ازيك.
لا نستغرب اليوم، إن كان للاستغراب بعد معنى، فيما لو تنكر البعض أو سخر أو تهكم حتى، لكنها الحقيقة هي ذاتها، التي حملت البعض على ركوب انجازات حركة 20 فبراير والتنكر لها وقذفها بنعوت من القاموس الواطي الذي لاكه وزير داخلية زمانه حين انبرى متهكما يصف شهداء انتفاضة الدار البيضاء يونيو 1981، بشهداء "كوميرا". وكثيرا ما قيل انه من سخرية الأقدار، تنكر الثورات للثوار، والسخرية هنا أن تستعير الثورة نارا في الثورة، فينكل بثوار شارع بوركيبة ولا يرحم رفاقهم في مصر المحروسة، ويلقى في النهاية بالجميع خارج ميدان صنع القرار (الذي تسطو عليه عواصم النفط)، ولن نستغرب، إن كان في الأمر ما يدعو، إن هوجموا ولفقت تهم ضدهم كما لفقت ضد رواد ملحمة كديم ازيك. فالحقيقة الصادحة تفند مقولة أن تغييرا حقيقيا يجتاح العقل السياسي العربي. لا، بل ردة مدمرة تستشري وتسجل تراجعات خطيرة، تمضي قدما في اجتثاث جذور بذرة كديم ازيك، أو ليس كديم ازيك أول الميادين، ولأنه كذلك يرفع اليوم في وجهه قميص عثمان، ولأجل دم القميص تقتص العدالة، وليست أية عدالة، إنها عدالة العسكر التي لا تنطق إلا المؤبد عقوبة والثلاثين والعشرين سنة نافذة. عقوبات قاسية ما خلتها، إلا تنفيذا لقرار قمة عربية، مرت في غفلة من الأحداث المتصلة للسنتين الماضيتين، حتى لاحت نذرها في قطر والبحرين، بالضرب بقساوة في حكم على ناظم قصيدة تمدح تونس وتذم الأمير بإدانة صاحبها القطري محمد بن الذيب ب 15 سنة سجنا نافذا وتلفيق تهمة المس بأمن الدولة ضد الناشط الحقوقي البحريني عبد الهادي الخواجة والحكم عليه بالمؤبد. وتسللت النذر إياها، تحت جنح ليل السابع عشر فبراير 2013 إلى المحكمة العسكرية بالرباط ، مدشنة عهدا يستحق أن يسمى هذه المرة جديدا، عهد ينوء بكل أشكال الضغوط على الجماهير، ويستبعد أي حل غير الحلول العسكرية في الميدان كما في المحاكم.
الحلول الثورية جدا تلك، أي نعم، فهي المصنوعة والمركبة بطريقة ثورية وعلى مقاسات واحتياجات العهد الجديد، وعلى رأس قائمة الاحتياجات التمويل السخي. فكما كان نصيب الشاعر القطري والناشط الحقوقي البحريني والحاقد الفبرايري كان لرفاقهم الصحراويين أبطال ملحمة كديم ازيك نصيب يزيد عن ستة قرون وثلاثين عاما. أما مصر المحروسة ففي الانتظار، بعد سيول الدماء الأخيرة، دور قادم على مدون أو علماني أو ليبرالي أو قبطي من الأسماء التي تغضب ساكن المقطم، تماما كما صارت على ذلك الأحوال في تونس بعدما تم التنفيذ ضد المناضل اليساري شكري بلعيد، هي ثورات قلب التغيير إلى ماقبله وتثبيت من يقوم بالمهام أحسن قيام وعلى نفقة السادة الكرام أهل الغاز والبترول.
إن تفكيك مخيم كديم ازيك بتدخل عسكري فجر الثامن نونبر 2010، عنوان لشكل الرد الذي يختزنه العقل السياسي العربي في مواجهة أي حراك شعبي. وتأكد أن ماسبق التدخل من مناداة على تمثيلية من المخيم وتسمية اللقاءات بجولات حوار كان يرأسها وزير الداخلية المغربي، والتصريحات المطمئنة من مسؤولين مغاربة والحاملة لعبارات تفيد بمشروعية المطالب، لم يخرج كل ذلك عن سيناريو التحضير للحل الذي لم يكن سياسيا بالتأكيد. وما يدعو للدهشة، مرة أخرى، في حالة كديم ازيك، هو سيل الوعود والتطمينات والتي سوقت إعلاميا، واستمرت إلى حدود سويعات قبل التدخل تغذي حوارات المصدقين بها، ولعل أولهم ساكنة المخيم التي خلدت إلى النوم سويعات ذاك على قرار لتستفيق في ذعر وهلع على آثار قرار أشعل النار في المخيم كما في العيون وفي القلوب. بل أن كثيرين لم يقطعوا الشك باليقين، ويقنطوا من رحمة التطمينات، إلا بعد أن باغتتهم قوات كوماندو مسلحين، مقنعين مختصين في الاقتحام، يتسلقون الجدران ويقفزون على كل الحميميات بمداهمة البيوت وقلب ما تحويه الغرف من متاع وأثاث وتكسير ما يقع في طريقهم، وغايتهم أن يقع سيء الحظ بين أيديهم فينال ما جلبته تعاسته رفسا وركلا ولكما وحصة وافرة له ولعائلته من القاموس الواطي بذاءة وعنصرية مقيتة، قبل نقله لتجرب عليه آخر ابتكارات دروس امتهان الكرامة الإنسانية، وتتكرر زيارات المقتحمين في الليلة الواحدة وما يتلوها، واستبيحت البيوت والممتلكات ومحلات التجارة والأغنام، ولم يسلم أي شيء، من سطو وبطش مليشيات مسلحة كانت ترتكب جرائمها تحت أنظار وحماية أفراد ودوريات الأمن.
كانت أعداد المعتقلين من الشباب الصحراوي تتزايد باطراد، تقيد أيديهم إلى الخلف وتعصب أعينهم ليقتادوا ويكدسوا في ناقلات أشبه ما تكون بسيارات نقل اللحوم (في بلدان العهد الجديد طبعا) لكثرة ما علق داخلها من دم وأسمال. وتكون وجهتهم صوب مراكز الاعتقال التي تعددت تلك الأيام، ولما فاضت الأعداد عن الاستيعاب في المعتقلات الرسمية، عبئت قاعات المدارس والمحكمة والثكنات لخدمة الوافدين. خدمات عدد المعتقلون وصفاتها، ففاقت في ساديتها ما تحكيه روايات الناجين من درب مولاي الشريف والكومبليكس وكوميساريات زمن الرصاص التي استنسخت "بوليسيا" في زمن اجتثاث بذرة الربيع العربي.
لم يصدق الصحراويون أن أجواء الانتقام الأعمى التي ألمت بهم، تكون بسبب أعمال اقترفوها، فما أكثر ما نالت المرأة الصحراوية، من ألوان التسلط والقهر والتنكيل، فلاذت بصفات الصبر والصمود والتحدي التي انتزعتها، بجدارة واستحقاق، صفات تَميُز وأوسمة فخر تشهد بها مقاطع الفيديو المنتشرة والطافحة بسمو الهمة وقوة الشكيمة، هي الحرة التي لا تعيش بثدييها في أتم معاني لسان العرب. كثيرات غادرننا في صمت بعد معاناة فاقت التحمل، أمثال خديجتو ابهاي وفتيحة حيدر، ممن عايشن أجواء الهجوم على المدنيين في المخيم وفي المنازل والشوارع بالعيون. وكم هي غزيرة دلالات صورة تلك المرأة التي تواجه وابلا من اللكم والرفس والهراوات، فيما لا تأبه إلا لملحفها، الذي تطاله حركات من هم في حكم الأوغاد في عرف مجتمع يقدس المرأة ويترفع عن قهرها وإذلالها، فتعيده بإصرار إلى سابق وضعه، ولسان حالها يقول لا تحاولوا فالملحفة سليلة الخيمة، لن تقتلعها أيديكم ولا مذكرات منعكم ودونها أجسادنا وأرواحنا.
وفيما يذكرون أنهم ظلوا مسالمين، ولم يكترثوا لمناورات الاستفزاز التي كانت تتربص بصمودهم تحت الخيام المحاصرة داخل طوق مطبق من المتاريس الترابية، والمطلة منه أعداد من الشاحنات والسيارات العسكرية وتشكيلات قوات مسلحة تغطي المحيط. واستعرت نار الاستفزاز وبلغت ذروتها بتاريخ 24 اكتوبر2010، حين تم إطلاق النار على سيارة كانت تتوجه إلى المخيم فقتل طفل كان على متنها اسمه "الناجم محمد فاظل الكارحي" لم يتجاوز ربيعه 14، وجرح أخوه الزبير وخمسة شبان آخرين كانوا على متن السيارة. وحكايات القتل العمد أكثر من أن يتم حصرها قبل أو بعد الهجوم على المخيم. ويذكر فيما يذكرون، انه تم دهس المواطن الصحراوي "حمادي بابي الكركار" التقني بشركة فوسبوكراع، بينما كان ينزل لتوه من حافلة نقل عمال فوسبوكراع، منتصف نهار يوم التدخل المشؤوم، ليتم سحْقه تحت عجلات سيارة الشرطة بتعاقب حركتها متقدمة ومتأخرة على جثته، كما يحكي اخو الضحية. ومن أسماء الضحايا الصحراويين، "ابراهيم الداودي"، 40سنة، الموقوف في نفس الثامن نونبر 2010، ليعم خبر وفاته بعد يومين. واستمرت أعمال القتل العمد ولم تتوقف يوم التدخل العنيف أو اليومين التاليين أو حتى أسبوعا بعده، بل في الشهر الموالي ستستفز مشاعر الصحراويين من جديد على وقع جريمة قتل بإطلاق الرصاص، ارتكبها شرطي بزي رسمي كان ضحيتها الشاب الصحراوي "سعيد دمبر"، وتتناسل الحكاية منذ مقتل "حمدي المباركي" و"الخليفي ابا الشيخ" نهاية 2005، واختفاء 15 شابا صحراويا من نشطاء الانتفاضة نهاية نفس السنة، تصر عائلاتهم على أن السلطات المغربية دبرت عملية اختطافهم، ولا يزالون في عداد مجهولي المصير.
واستمرت ماكينة الفتك بأرواح الشباب الصحراوي، وكل الصحراويين يتذكرون حالة المواطن الصحراوي الذي قتل في السجن لكحل بالعيون سنة 2002، واثبت تقرير طبي أنجزه الطبيب الشرعي الدكتور الواهلية أن "محمد بوستة" مات مقتولا، وقد حاول وزير الصحة آنذاك ثنيه عن تعميم استنتاجاته، لكن الواهلية، دكتور الطب الشرعي الوحيد الذي كان مشهود له بالكفاءة والنزاهة، أخلص لضميره، وتكررت استنتاجات تقاريره بحالات الوفاة غير الطبيعية في مخافر الشرطة، ولم يرق أبدا عمله للسلطات المغربية، فاختار مغادرة المغرب إلى كندا، فغاب الاختصاصي المتمرس النزيه، ليغيب بغيابه اختصاص الطب الشرعي برمته.
ويعود شريط أحداث القتل بالذاكرة إلى حادث دخول مواطن صحراوي اسمه "سليمان الشويهي"، مخفر الدرك بكليميم مشتكيا وغادره جثة هامدة، وتتوالى فواجع القتل المرعبة ضد الصحراويين بسحق الشابين "لكتيف الحسين" و"بابا خيا" بالمحطة الطرقية باكادير من طرف سائق حافلة تعمد النيل منهما نهاية 2008، بعد انزعاجه من احتجاج الطلبة الصحراويين لعدم توفير وسيلة نقل. ولم يكن طالب صحراوي آخر "حمادي هباد" أوفر حظا من رفيقيه، بعدما تلقى طعنة غادرة بالحي الجامعي بالرباط فارق على إثرها الحياة في 21 ابريل 2011. وغير بعيد من العيون، وخلال هجوم عدواني عنصري ضد الصحراويين بالداخلة يتعرض الشاب الصحراوي "ميشان ولد محمد لحبيب" لاعتداء وحشي من طرف مليشيات، حيث ظل يرفس تحت الأرجل ويتلقى الطعنات وينكل بجثته بعدما فارق الحياة، غير بعيد من أنظار الجيش والشرطة.
عمليات قتل في صفوف الشبان الصحراويين، لم تكلف السلطات المغربية نفسها، إزاء اغلبها، مجرد فتح تحقيق، وان فتح يحفظ أو يسجل ضد مجهول. ولما يعلم القاتل، وفي كل الحالات، يكون القاتل معلوما، لان من أطلق الرصاصة، من أعطى الأمر، من ألقى القبض، من حقق.. أسماؤهم مدونة في سجلات الخدمة، ولأن القاتل من أفراد القوة العمومية وفي الحالات النادرة التي يعتقل، يقدم أمام محكمة مدنية، رغم انه مشمول باختصاص المحكمة العسكرية، ويستفيد من كافة ظروف التخفيف في الحكم والجلسة، بما فيها منع حضور عائلات الضحايا ومنع وقوفهم للاحتجاج. وان صدرت العقوبة، أقصاها خمسة عشرة سنة ضد قاتل سعيد دمبر، تكيف استئنافيا إلى خطأ القتل غير العمد أو "القتل الناجم عن استفزاز قوات الأمن"، كما في حالة قتلة حمدي المباركي الذين قضيا سنتين واخلي سبيلهما، أو يبرأ القاتل كما في حالة الدركيين قتلة الشويهي سليمان، أو أربعة أشهر حكما نافذا لسائق حافلة، تعمد قتل شابين صحراويين داخل المحطة الطرقية وإلحاق عاهة مستديمة بثالث.
فيما يظل المعتقل السياسي الصحراوي والناشط الحقوقي "يحي محمد الحافظ اعزة" يكابد حكما قاسيا ب 15 سنة سجنا نافذا، عن جريمة لم يرتكبها، ولم يعلم حتى بحدوثها حين اعتقاله، بل لم يحقق معه في شانها، أثناء اعتقاله. وكل ما يجيد قوله المسؤولون المغاربة، في "الاوف" كما نقلت يومية أخبار اليوم المغربية في العدد 1002، أن الوضع الأمني في منطقة مضطربة لا يسمح بمساءلة أمنيين، وفي هذا القول أن توجها عاما يدفع لحماية الجلادين، ويبقي على الإفلات من العقاب منهجا ضروريا، بل حاسما في استمرار دكتاتوريات العهد الجديد.
إن محاكمة أبطال كديم ازيك، والتي دامت تسعة أيام، وفي غير ما اتصل بتفاصيل مجرياتها التي نقلها بأمانة تقرير تجمع المدافعين الصحراويين عن حقوق الإنسان/كوديسا، الصادر في السادس مارس 2013، تظل تؤرخ لحدث مفصلي لم تكن الدولة المغربية مستوعبة لنوعيته، ولا مدركة لنتائجه، فجانبت الصواب في التوصيف، حيث انبرت محاضر الشرطة القضائية كما قصاصات الإعلام، على استنساخ قاموس بوليسي قديم لا يرى في حدث النزوح الجماعي للصحراويين، غير عمل إجرامي من تدبير مجموعة تنعتها عدالة العسكر بالعصابة الإجرامية، مستجمعة ما يكفي من مواد القانون الجنائي لتسقطها على حدث اثبت انه عصي على ترتيبات ذهنية أمنية، لم تسعفها مهارات التلفيق ولا حذق الفذلكات الواهية في حبك السيناريو المتخيل. فالمنطلق المألوف واحد، العداء للجزائر واعتبار أن ما يشغلها كل الوقت، إعداد المؤامرات لضرب استقرار امن المغرب، والحكم مسبقا على كل من تطأ قدماه الجزائر، أو مر منها، هو بالضرورة مساهم، مع سبق الإصرار، في الإعداد لمؤامرة ما. وعلى ضوء الرؤية تلك، تحضر طبخة المحاضر المتبلة بعبارات الإعداد والتخطيط للمساس بالأمن الداخلي والخارجي. وبناء عليه، تعتبر الندوة الدولية المنظمة بالجزائر في موضوع "حق الشعوب في المقاومة/حالة الشعب الصحراوي"
غرفة العمليات التي أنتجت فكرة وأسلوب تنظيم مخيم كديم ازيك، ولذلك حين غلب "عمى الأسماء"على الأجهزة المطاردة والباحثة عن ملإ بياضات المحاضر، عادوا إلى لائحة المرور من المطار، لينتقوا من بين عشرات المعتقلين (تجاوزوا المائتين) أسماء شاركت في الندوة أو أعضاء لجنة الحوار التي تحاورت مع وزير الداخلية. وفيما عدا ذلك، سباحة في الخيال الأمني. أما الحكم الذي خرج به من حضر أطوار المحاكمة، جميع من حضر، هو غير الذي اصدر القاضي، لأن هيئة المحكمة لم تقدم، فيما يتم التأسيس عليه لإثبات الوقائع التي تورط الجاني، ما يربط أي اسم من الذين كانوا يمثلون أمامها طيلة الأيام التسعة باسم أي ضحية ممن أظهرهم الشريط المصور. فيما وعلى النقيض من ذلك، لم يحاكم جل المتورطين، والمعلومين بالاسم والصفة، في قتل شبان صحراويين قبل، أثناء، وبعد كديم ازيك، وفي وقائع لا تخرج عن مظاهرات سلمية تطالب بتقرير المصير.
أليس في غياب دليل واحد يثبت ما تدعيه محاضر الشرطة، اكبر الأدلة وأقواها على براءة الشبان الصحراويين الخمسة والعشرون، ألا تجد الدولة المغربية حرجا في الإبقاء عليهم وراء القضبان. أوليس من كرم الأخلاق، أن يعتذر كل من ركب موجة التطرف واشتط سعاره ضغينة وحقدا وعنصرية ضد الصحراويين. وماذا عن المسؤولين الرسميين الذين هبوا مطالبين بأحكام مشددة ضد أبرياء، أليس في ذلك التحيز ما يوضح الواضحات ويفضح المسكوت عنه "مواطنينا" "أعدائنا"، أما سيدة القناة المغربية الثانية، فهل علمت أنها بكلماتها في حوار بجريدة اخبار اليوم المغربية ع 1006 والقول "إنها أعطت الكلمة لعائلات الضحايا، ولن تعطي الكلمة للذين ذبحوا وقتلوا أو لعائلاتهم، حتى لا يشككوا في الوحدة الترابية في قناة عمومية"، فإنها تؤكد من حيث لم تدر، أن المحاكمة سياسية والفيلم كله حول حق الصحراويين في تقرير المصير.
إن ما جانبته محاضر الشرطة، وأقلام الصحفيين، هو أن نزوح الصحراويين جماعيا وبشكل إرادي، لم يكن وراءه من دافع غير رفض واقع أنهك قدرتهم على التحمل. فعبروا، بإقامة مخيم منظم بكديم ازيك، عن نوعية الاحتجاج الذي أرادوه وأداروه باقتدار، ولئن كان في التعريفات أو الاصطلاحات ما يصبغه بصفة العصيان المدني، فهو بتلك الصفة يترجم المطلب السلمي، الواعي، الجماعي، في رفض منظومة القوانين التي تكبل إرادتهم وتقمع حرياتهم وتحرمهم من التصرف في خيرات أرضهم، انه بالنهاية اعتراض على ممارسات الدولة المغربية وشهادة إفلاس لسياستها، لكنه اعتراض أيضا على بعثة أممية لا تقدم حلولا لمشاكلهم.
وحتى اختم، لابد من التوجه إلى كل باحث في تقاليد الالتزام السياسي الفكري، والقول إن كتابا كبارا، كفولتير وفيكتور هوغو، كرسوا وقتهم ومهاراتهم الخطابية لمحاربة التعصب والظلم، وتماما سار على هديهم، العظيم إميل زولا، يهاجم الأحكام الجائرة والتعصب الأعمى، في مذكرته الشهيرة... "أنا أتهم…"
فهل من مجير، يقول، مناهضا لأحكام جائرة أخرى، أنا اتهـــــــــــــــــــــــــــــــــم...
عضو المكتب التفيذى للكوديسا
9 مارس 2013
10/03/2013
بقلم: محمد المتوكل
لا يجد المرء غضاضة في ترديد عبارات الأسى وذرف دموع الحسرة والتأسف على فقدان عزيز، ولا شك أن مشاعر التقزز والنفور تنتاب الجميع، من مشاهد لجثث آدميين سقطوا أو أزهقت أرواحهم، في غفلة من ضجيج العنف وجلبة الصياح والنواح وهدير المحركات وأزيز الحوامات وألسنة الدخان المنبعثة من حرائق تشب في الخيام والمؤن والألبسة، ساعة اقتحام مخيم كديم ازيك وإخلائه من ساكنة تربو على الثلاثين ألفا. ليس معيبا، كلا هي تلك مشاعر الكرامة المتأصلة في الإنسان، والتي كرستها الأديان السماوية وأمرت بتقديسها العهود والمواثيق التي سطر بنودها بنو الإنسان، وطوقوا حرمة الحق في الحياة من داخلها بتجريم وتحريم المساس بها، بل تصدت للتنفيذ في حال صدورها كعقوبة لدى البلدان التي لم تحسم بعد في رفع عقوبة الإعدام من ترسانة قوانينها.
لهذا الكلام ما يبرره، حين يكون القصد حراكا شعبيا دام قرابة الشهر، استباقا وإيذانا بمولد أول ميدان تحرير عربي. انشىء على بعد عشر كيلومترات شرق مدينة العيون، قوامه ثمانية آلاف خيمة تأوي أكثر من ثلاثين ألف مواطن صحراوي، استقى منظموه آليات تنظيمه من عمق ثقافة المجتمع الصحراوي، باستلهام خطوط بناء الخيام، ورسم لوحة ترسي لكل مجموعة خيام موضعها وهوامش الفصل بين مجموعات الخيام، وتحديد المداخل، وأكثر من ذلك ولضرورات حاضر الأيام، تم تخصيص مواقع للمرافق من إدارة وتطبيب وخدمات صحية.. لأن أهل الصحراء في حلهم وترحالهم خبروا فن ضبط المجال وعقلنة استخدام المساحات المتاحة، ورسم لوحات تتناسق خطوطها في نصب خيام "المحصر" أو "لفريك" كما تتناسق وفي انسجام خطوط الصانع التقليدي الصحراوي على الأمتعة الجلدية.
أقيم هذا المحصر (تجمع للخيام) بعيدا عن المدينة، وفي ذلك ابتعاد عن كل ما له صلة بالمساس "بالنظام العام"، فاختاروا إدارة أمنهم وصحتهم وسكينتهم خارج نفوذ الباشا ووالى الأمن ورئيس المجلس البلدي، لأنهم ضاقوا ذرعا من ثقل "نظام عام"حول حياتهم تحت ضغط الانصياع القهري، إلى مجرد ممتثلين طيعين لأوامر المنع والنهي اليومية، دون تقديم ما توفره وضعية الإقليم القانونية لساكنيه من حقوق، أقلها أن تحترم كرامتهم، وينالون نصيبا من خيرات أرضهم في انتظار إجراء عملية استفتاء انتصبت لأجلها بعثة أممية منذ السنة 1991.
نجح النازحون الصحراويون في اختيار شكل احتجاجهم إذن. فبعد محاولات سبقت ذلك العاشر من اكتوبر 2010، أفشلتها قوات الدرك والقوات المساعدة بموقعي "كنيدلف" شمال العيون وواحة "لمسيد" شرق العيون، ستنتصب الخيام خيمة خيمة، وبوتيرة متزايدة ومتسارعة حتى بلغت الآلاف على مساحة لا تتجاوز الكيلومتر مربع بميدان كديم ازيك، حتى لا أقول "كرارة" كديم ازيك لأن المنتوج نضالي كان وليس فلاحيا...
وظل السؤال عالقا، كيف تم المنع في المحاولتين السالفتي الذكر، فيما ترك الحبل على الغارب في تجربة ميدان كديم ازيك، على الرغم من التطويق والتضييق على مساحة الميدان منذ اليوم الأول. هل مل الأمنيون من المطاردة وسحب الخيام وإحراقها أحيانا واعتقال البعض وملاحقة الآخرين، أم أن إرادة كامنة في دواخل المحتجين انتصرت على المنع، وحررت لخيامها مساحة؟؟؟ الأكيد، أن لا أحد كان يتوقع أو يدور في خلده، أن هؤلاء المحتجين الصحراويين ومن أقصى غرب الجغرافيا العربية، سيسمعون صوتا غير معهود لأهل لغة الضاد، ودون المرور من جامعة الدول العربية التي تمنع صوت الشعب الصحراوي ارضيا وفضائيا، بل عبر ميادين التحرير العربية التي ستتناسل الواحد تلو الآخر من رحم كديم ازيك.
مرت مذاك، سيول جارفة هادرة كثيرة تحت جسر التاريخ العربي، سيول تونسية وليبية ومصرية ومغربية ويمنية وبحرينية و… ولازالت العواصف والغيوم تلبد سماوات العرب، والقطار الذي انذر بمروره احدهم، يواصل عبوره للمحطات عاصمة،عاصمة. ويستمر سؤال انتصاب مخيم كديم ازيك دونما جواب في الرواية الرسمية للأمنيين المغاربة، تماما مثلما لم يجد سؤال احتلال ميدان التحرير في القاهرة جوابا لدى البصاصين والعسس من أمن واستخبارات الراحل مبارك (عن قصر عابدين)، ربما في الأمر سر الهي أو هبة من الطبيعة، فرصة يفتح فيها وبالصدفة موعد للشعوب مع التاريخ، كما تفتح السماء للبعض في إحدى ليالي العشر الأواخر من رمضان. وليكن إذن للمنجمين أو عليهم عبء فك اللغز، بعد عجز الأمنيين، ولنقل عجز المنظرين أيضا، عن تحسس توقيت الزلزال الذي انطلق من كديم ازيك، وعبثت موجاته الارتدادية بعروش من ظل العبث واقع حال وعنوان مرحلة يفرضونه في البلدان ظلما وفسادا واحتقارا للشعوب.
صحيح، ومن الوارد في الاعتقاد، أن يصعق الجميع لهول المفاجأة، حصاة صغيرة يرمى بها من كديم ازيك في بركة عربية آسنة وتستجيب وتدب فيها الحياة بعد موت سحيق، وعلى حين غرة من الجميع، بل ونكاد لا نصدق أن "الحماة" المتحكمين في المصائر، خلدوا يومها أو طوال شهرها إلى بيات قطبي عميق، ونعني طبعا خبراء التوقعات وعلماء الجيوست....ات، ممن أنتجتهم غرف الأبحاث بمراكز الاستخبارات العالمية. كاتب كبير من بلاد العم سام اسمه ناعوم تشومسكي عايش اللحظات تلك، وأَرَخ للبداية من كديم ازيك، نعم بداية الربيع العربي من كديم ازيك.
لا نستغرب اليوم، إن كان للاستغراب بعد معنى، فيما لو تنكر البعض أو سخر أو تهكم حتى، لكنها الحقيقة هي ذاتها، التي حملت البعض على ركوب انجازات حركة 20 فبراير والتنكر لها وقذفها بنعوت من القاموس الواطي الذي لاكه وزير داخلية زمانه حين انبرى متهكما يصف شهداء انتفاضة الدار البيضاء يونيو 1981، بشهداء "كوميرا". وكثيرا ما قيل انه من سخرية الأقدار، تنكر الثورات للثوار، والسخرية هنا أن تستعير الثورة نارا في الثورة، فينكل بثوار شارع بوركيبة ولا يرحم رفاقهم في مصر المحروسة، ويلقى في النهاية بالجميع خارج ميدان صنع القرار (الذي تسطو عليه عواصم النفط)، ولن نستغرب، إن كان في الأمر ما يدعو، إن هوجموا ولفقت تهم ضدهم كما لفقت ضد رواد ملحمة كديم ازيك. فالحقيقة الصادحة تفند مقولة أن تغييرا حقيقيا يجتاح العقل السياسي العربي. لا، بل ردة مدمرة تستشري وتسجل تراجعات خطيرة، تمضي قدما في اجتثاث جذور بذرة كديم ازيك، أو ليس كديم ازيك أول الميادين، ولأنه كذلك يرفع اليوم في وجهه قميص عثمان، ولأجل دم القميص تقتص العدالة، وليست أية عدالة، إنها عدالة العسكر التي لا تنطق إلا المؤبد عقوبة والثلاثين والعشرين سنة نافذة. عقوبات قاسية ما خلتها، إلا تنفيذا لقرار قمة عربية، مرت في غفلة من الأحداث المتصلة للسنتين الماضيتين، حتى لاحت نذرها في قطر والبحرين، بالضرب بقساوة في حكم على ناظم قصيدة تمدح تونس وتذم الأمير بإدانة صاحبها القطري محمد بن الذيب ب 15 سنة سجنا نافذا وتلفيق تهمة المس بأمن الدولة ضد الناشط الحقوقي البحريني عبد الهادي الخواجة والحكم عليه بالمؤبد. وتسللت النذر إياها، تحت جنح ليل السابع عشر فبراير 2013 إلى المحكمة العسكرية بالرباط ، مدشنة عهدا يستحق أن يسمى هذه المرة جديدا، عهد ينوء بكل أشكال الضغوط على الجماهير، ويستبعد أي حل غير الحلول العسكرية في الميدان كما في المحاكم.
الحلول الثورية جدا تلك، أي نعم، فهي المصنوعة والمركبة بطريقة ثورية وعلى مقاسات واحتياجات العهد الجديد، وعلى رأس قائمة الاحتياجات التمويل السخي. فكما كان نصيب الشاعر القطري والناشط الحقوقي البحريني والحاقد الفبرايري كان لرفاقهم الصحراويين أبطال ملحمة كديم ازيك نصيب يزيد عن ستة قرون وثلاثين عاما. أما مصر المحروسة ففي الانتظار، بعد سيول الدماء الأخيرة، دور قادم على مدون أو علماني أو ليبرالي أو قبطي من الأسماء التي تغضب ساكن المقطم، تماما كما صارت على ذلك الأحوال في تونس بعدما تم التنفيذ ضد المناضل اليساري شكري بلعيد، هي ثورات قلب التغيير إلى ماقبله وتثبيت من يقوم بالمهام أحسن قيام وعلى نفقة السادة الكرام أهل الغاز والبترول.
إن تفكيك مخيم كديم ازيك بتدخل عسكري فجر الثامن نونبر 2010، عنوان لشكل الرد الذي يختزنه العقل السياسي العربي في مواجهة أي حراك شعبي. وتأكد أن ماسبق التدخل من مناداة على تمثيلية من المخيم وتسمية اللقاءات بجولات حوار كان يرأسها وزير الداخلية المغربي، والتصريحات المطمئنة من مسؤولين مغاربة والحاملة لعبارات تفيد بمشروعية المطالب، لم يخرج كل ذلك عن سيناريو التحضير للحل الذي لم يكن سياسيا بالتأكيد. وما يدعو للدهشة، مرة أخرى، في حالة كديم ازيك، هو سيل الوعود والتطمينات والتي سوقت إعلاميا، واستمرت إلى حدود سويعات قبل التدخل تغذي حوارات المصدقين بها، ولعل أولهم ساكنة المخيم التي خلدت إلى النوم سويعات ذاك على قرار لتستفيق في ذعر وهلع على آثار قرار أشعل النار في المخيم كما في العيون وفي القلوب. بل أن كثيرين لم يقطعوا الشك باليقين، ويقنطوا من رحمة التطمينات، إلا بعد أن باغتتهم قوات كوماندو مسلحين، مقنعين مختصين في الاقتحام، يتسلقون الجدران ويقفزون على كل الحميميات بمداهمة البيوت وقلب ما تحويه الغرف من متاع وأثاث وتكسير ما يقع في طريقهم، وغايتهم أن يقع سيء الحظ بين أيديهم فينال ما جلبته تعاسته رفسا وركلا ولكما وحصة وافرة له ولعائلته من القاموس الواطي بذاءة وعنصرية مقيتة، قبل نقله لتجرب عليه آخر ابتكارات دروس امتهان الكرامة الإنسانية، وتتكرر زيارات المقتحمين في الليلة الواحدة وما يتلوها، واستبيحت البيوت والممتلكات ومحلات التجارة والأغنام، ولم يسلم أي شيء، من سطو وبطش مليشيات مسلحة كانت ترتكب جرائمها تحت أنظار وحماية أفراد ودوريات الأمن.
كانت أعداد المعتقلين من الشباب الصحراوي تتزايد باطراد، تقيد أيديهم إلى الخلف وتعصب أعينهم ليقتادوا ويكدسوا في ناقلات أشبه ما تكون بسيارات نقل اللحوم (في بلدان العهد الجديد طبعا) لكثرة ما علق داخلها من دم وأسمال. وتكون وجهتهم صوب مراكز الاعتقال التي تعددت تلك الأيام، ولما فاضت الأعداد عن الاستيعاب في المعتقلات الرسمية، عبئت قاعات المدارس والمحكمة والثكنات لخدمة الوافدين. خدمات عدد المعتقلون وصفاتها، ففاقت في ساديتها ما تحكيه روايات الناجين من درب مولاي الشريف والكومبليكس وكوميساريات زمن الرصاص التي استنسخت "بوليسيا" في زمن اجتثاث بذرة الربيع العربي.
لم يصدق الصحراويون أن أجواء الانتقام الأعمى التي ألمت بهم، تكون بسبب أعمال اقترفوها، فما أكثر ما نالت المرأة الصحراوية، من ألوان التسلط والقهر والتنكيل، فلاذت بصفات الصبر والصمود والتحدي التي انتزعتها، بجدارة واستحقاق، صفات تَميُز وأوسمة فخر تشهد بها مقاطع الفيديو المنتشرة والطافحة بسمو الهمة وقوة الشكيمة، هي الحرة التي لا تعيش بثدييها في أتم معاني لسان العرب. كثيرات غادرننا في صمت بعد معاناة فاقت التحمل، أمثال خديجتو ابهاي وفتيحة حيدر، ممن عايشن أجواء الهجوم على المدنيين في المخيم وفي المنازل والشوارع بالعيون. وكم هي غزيرة دلالات صورة تلك المرأة التي تواجه وابلا من اللكم والرفس والهراوات، فيما لا تأبه إلا لملحفها، الذي تطاله حركات من هم في حكم الأوغاد في عرف مجتمع يقدس المرأة ويترفع عن قهرها وإذلالها، فتعيده بإصرار إلى سابق وضعه، ولسان حالها يقول لا تحاولوا فالملحفة سليلة الخيمة، لن تقتلعها أيديكم ولا مذكرات منعكم ودونها أجسادنا وأرواحنا.
وفيما يذكرون أنهم ظلوا مسالمين، ولم يكترثوا لمناورات الاستفزاز التي كانت تتربص بصمودهم تحت الخيام المحاصرة داخل طوق مطبق من المتاريس الترابية، والمطلة منه أعداد من الشاحنات والسيارات العسكرية وتشكيلات قوات مسلحة تغطي المحيط. واستعرت نار الاستفزاز وبلغت ذروتها بتاريخ 24 اكتوبر2010، حين تم إطلاق النار على سيارة كانت تتوجه إلى المخيم فقتل طفل كان على متنها اسمه "الناجم محمد فاظل الكارحي" لم يتجاوز ربيعه 14، وجرح أخوه الزبير وخمسة شبان آخرين كانوا على متن السيارة. وحكايات القتل العمد أكثر من أن يتم حصرها قبل أو بعد الهجوم على المخيم. ويذكر فيما يذكرون، انه تم دهس المواطن الصحراوي "حمادي بابي الكركار" التقني بشركة فوسبوكراع، بينما كان ينزل لتوه من حافلة نقل عمال فوسبوكراع، منتصف نهار يوم التدخل المشؤوم، ليتم سحْقه تحت عجلات سيارة الشرطة بتعاقب حركتها متقدمة ومتأخرة على جثته، كما يحكي اخو الضحية. ومن أسماء الضحايا الصحراويين، "ابراهيم الداودي"، 40سنة، الموقوف في نفس الثامن نونبر 2010، ليعم خبر وفاته بعد يومين. واستمرت أعمال القتل العمد ولم تتوقف يوم التدخل العنيف أو اليومين التاليين أو حتى أسبوعا بعده، بل في الشهر الموالي ستستفز مشاعر الصحراويين من جديد على وقع جريمة قتل بإطلاق الرصاص، ارتكبها شرطي بزي رسمي كان ضحيتها الشاب الصحراوي "سعيد دمبر"، وتتناسل الحكاية منذ مقتل "حمدي المباركي" و"الخليفي ابا الشيخ" نهاية 2005، واختفاء 15 شابا صحراويا من نشطاء الانتفاضة نهاية نفس السنة، تصر عائلاتهم على أن السلطات المغربية دبرت عملية اختطافهم، ولا يزالون في عداد مجهولي المصير.
واستمرت ماكينة الفتك بأرواح الشباب الصحراوي، وكل الصحراويين يتذكرون حالة المواطن الصحراوي الذي قتل في السجن لكحل بالعيون سنة 2002، واثبت تقرير طبي أنجزه الطبيب الشرعي الدكتور الواهلية أن "محمد بوستة" مات مقتولا، وقد حاول وزير الصحة آنذاك ثنيه عن تعميم استنتاجاته، لكن الواهلية، دكتور الطب الشرعي الوحيد الذي كان مشهود له بالكفاءة والنزاهة، أخلص لضميره، وتكررت استنتاجات تقاريره بحالات الوفاة غير الطبيعية في مخافر الشرطة، ولم يرق أبدا عمله للسلطات المغربية، فاختار مغادرة المغرب إلى كندا، فغاب الاختصاصي المتمرس النزيه، ليغيب بغيابه اختصاص الطب الشرعي برمته.
ويعود شريط أحداث القتل بالذاكرة إلى حادث دخول مواطن صحراوي اسمه "سليمان الشويهي"، مخفر الدرك بكليميم مشتكيا وغادره جثة هامدة، وتتوالى فواجع القتل المرعبة ضد الصحراويين بسحق الشابين "لكتيف الحسين" و"بابا خيا" بالمحطة الطرقية باكادير من طرف سائق حافلة تعمد النيل منهما نهاية 2008، بعد انزعاجه من احتجاج الطلبة الصحراويين لعدم توفير وسيلة نقل. ولم يكن طالب صحراوي آخر "حمادي هباد" أوفر حظا من رفيقيه، بعدما تلقى طعنة غادرة بالحي الجامعي بالرباط فارق على إثرها الحياة في 21 ابريل 2011. وغير بعيد من العيون، وخلال هجوم عدواني عنصري ضد الصحراويين بالداخلة يتعرض الشاب الصحراوي "ميشان ولد محمد لحبيب" لاعتداء وحشي من طرف مليشيات، حيث ظل يرفس تحت الأرجل ويتلقى الطعنات وينكل بجثته بعدما فارق الحياة، غير بعيد من أنظار الجيش والشرطة.
عمليات قتل في صفوف الشبان الصحراويين، لم تكلف السلطات المغربية نفسها، إزاء اغلبها، مجرد فتح تحقيق، وان فتح يحفظ أو يسجل ضد مجهول. ولما يعلم القاتل، وفي كل الحالات، يكون القاتل معلوما، لان من أطلق الرصاصة، من أعطى الأمر، من ألقى القبض، من حقق.. أسماؤهم مدونة في سجلات الخدمة، ولأن القاتل من أفراد القوة العمومية وفي الحالات النادرة التي يعتقل، يقدم أمام محكمة مدنية، رغم انه مشمول باختصاص المحكمة العسكرية، ويستفيد من كافة ظروف التخفيف في الحكم والجلسة، بما فيها منع حضور عائلات الضحايا ومنع وقوفهم للاحتجاج. وان صدرت العقوبة، أقصاها خمسة عشرة سنة ضد قاتل سعيد دمبر، تكيف استئنافيا إلى خطأ القتل غير العمد أو "القتل الناجم عن استفزاز قوات الأمن"، كما في حالة قتلة حمدي المباركي الذين قضيا سنتين واخلي سبيلهما، أو يبرأ القاتل كما في حالة الدركيين قتلة الشويهي سليمان، أو أربعة أشهر حكما نافذا لسائق حافلة، تعمد قتل شابين صحراويين داخل المحطة الطرقية وإلحاق عاهة مستديمة بثالث.
فيما يظل المعتقل السياسي الصحراوي والناشط الحقوقي "يحي محمد الحافظ اعزة" يكابد حكما قاسيا ب 15 سنة سجنا نافذا، عن جريمة لم يرتكبها، ولم يعلم حتى بحدوثها حين اعتقاله، بل لم يحقق معه في شانها، أثناء اعتقاله. وكل ما يجيد قوله المسؤولون المغاربة، في "الاوف" كما نقلت يومية أخبار اليوم المغربية في العدد 1002، أن الوضع الأمني في منطقة مضطربة لا يسمح بمساءلة أمنيين، وفي هذا القول أن توجها عاما يدفع لحماية الجلادين، ويبقي على الإفلات من العقاب منهجا ضروريا، بل حاسما في استمرار دكتاتوريات العهد الجديد.
إن محاكمة أبطال كديم ازيك، والتي دامت تسعة أيام، وفي غير ما اتصل بتفاصيل مجرياتها التي نقلها بأمانة تقرير تجمع المدافعين الصحراويين عن حقوق الإنسان/كوديسا، الصادر في السادس مارس 2013، تظل تؤرخ لحدث مفصلي لم تكن الدولة المغربية مستوعبة لنوعيته، ولا مدركة لنتائجه، فجانبت الصواب في التوصيف، حيث انبرت محاضر الشرطة القضائية كما قصاصات الإعلام، على استنساخ قاموس بوليسي قديم لا يرى في حدث النزوح الجماعي للصحراويين، غير عمل إجرامي من تدبير مجموعة تنعتها عدالة العسكر بالعصابة الإجرامية، مستجمعة ما يكفي من مواد القانون الجنائي لتسقطها على حدث اثبت انه عصي على ترتيبات ذهنية أمنية، لم تسعفها مهارات التلفيق ولا حذق الفذلكات الواهية في حبك السيناريو المتخيل. فالمنطلق المألوف واحد، العداء للجزائر واعتبار أن ما يشغلها كل الوقت، إعداد المؤامرات لضرب استقرار امن المغرب، والحكم مسبقا على كل من تطأ قدماه الجزائر، أو مر منها، هو بالضرورة مساهم، مع سبق الإصرار، في الإعداد لمؤامرة ما. وعلى ضوء الرؤية تلك، تحضر طبخة المحاضر المتبلة بعبارات الإعداد والتخطيط للمساس بالأمن الداخلي والخارجي. وبناء عليه، تعتبر الندوة الدولية المنظمة بالجزائر في موضوع "حق الشعوب في المقاومة/حالة الشعب الصحراوي"
غرفة العمليات التي أنتجت فكرة وأسلوب تنظيم مخيم كديم ازيك، ولذلك حين غلب "عمى الأسماء"على الأجهزة المطاردة والباحثة عن ملإ بياضات المحاضر، عادوا إلى لائحة المرور من المطار، لينتقوا من بين عشرات المعتقلين (تجاوزوا المائتين) أسماء شاركت في الندوة أو أعضاء لجنة الحوار التي تحاورت مع وزير الداخلية. وفيما عدا ذلك، سباحة في الخيال الأمني. أما الحكم الذي خرج به من حضر أطوار المحاكمة، جميع من حضر، هو غير الذي اصدر القاضي، لأن هيئة المحكمة لم تقدم، فيما يتم التأسيس عليه لإثبات الوقائع التي تورط الجاني، ما يربط أي اسم من الذين كانوا يمثلون أمامها طيلة الأيام التسعة باسم أي ضحية ممن أظهرهم الشريط المصور. فيما وعلى النقيض من ذلك، لم يحاكم جل المتورطين، والمعلومين بالاسم والصفة، في قتل شبان صحراويين قبل، أثناء، وبعد كديم ازيك، وفي وقائع لا تخرج عن مظاهرات سلمية تطالب بتقرير المصير.
أليس في غياب دليل واحد يثبت ما تدعيه محاضر الشرطة، اكبر الأدلة وأقواها على براءة الشبان الصحراويين الخمسة والعشرون، ألا تجد الدولة المغربية حرجا في الإبقاء عليهم وراء القضبان. أوليس من كرم الأخلاق، أن يعتذر كل من ركب موجة التطرف واشتط سعاره ضغينة وحقدا وعنصرية ضد الصحراويين. وماذا عن المسؤولين الرسميين الذين هبوا مطالبين بأحكام مشددة ضد أبرياء، أليس في ذلك التحيز ما يوضح الواضحات ويفضح المسكوت عنه "مواطنينا" "أعدائنا"، أما سيدة القناة المغربية الثانية، فهل علمت أنها بكلماتها في حوار بجريدة اخبار اليوم المغربية ع 1006 والقول "إنها أعطت الكلمة لعائلات الضحايا، ولن تعطي الكلمة للذين ذبحوا وقتلوا أو لعائلاتهم، حتى لا يشككوا في الوحدة الترابية في قناة عمومية"، فإنها تؤكد من حيث لم تدر، أن المحاكمة سياسية والفيلم كله حول حق الصحراويين في تقرير المصير.
إن ما جانبته محاضر الشرطة، وأقلام الصحفيين، هو أن نزوح الصحراويين جماعيا وبشكل إرادي، لم يكن وراءه من دافع غير رفض واقع أنهك قدرتهم على التحمل. فعبروا، بإقامة مخيم منظم بكديم ازيك، عن نوعية الاحتجاج الذي أرادوه وأداروه باقتدار، ولئن كان في التعريفات أو الاصطلاحات ما يصبغه بصفة العصيان المدني، فهو بتلك الصفة يترجم المطلب السلمي، الواعي، الجماعي، في رفض منظومة القوانين التي تكبل إرادتهم وتقمع حرياتهم وتحرمهم من التصرف في خيرات أرضهم، انه بالنهاية اعتراض على ممارسات الدولة المغربية وشهادة إفلاس لسياستها، لكنه اعتراض أيضا على بعثة أممية لا تقدم حلولا لمشاكلهم.
وحتى اختم، لابد من التوجه إلى كل باحث في تقاليد الالتزام السياسي الفكري، والقول إن كتابا كبارا، كفولتير وفيكتور هوغو، كرسوا وقتهم ومهاراتهم الخطابية لمحاربة التعصب والظلم، وتماما سار على هديهم، العظيم إميل زولا، يهاجم الأحكام الجائرة والتعصب الأعمى، في مذكرته الشهيرة... "أنا أتهم…"
فهل من مجير، يقول، مناهضا لأحكام جائرة أخرى، أنا اتهـــــــــــــــــــــــــــــــــم...
عضو المكتب التفيذى للكوديسا
9 مارس 2013
جمرة المحكمة العسكرية تلهب السلطة الخميس,
جمرة المحكمة العسكرية تلهب السلطةالخميس,
07 آذار/مارس 2013 12:01 علي أنوزلا
لماذا لم يصدر تقرير "المجلس الوطني لحقوق الإنسان" عندما تمت جرجرة شيخ طاعن في السن يعبر عقده التاسع، هو ابراهيم النوحي لمحاكمته أمام هذه المحكمة الاستثنائية بدعوى أن له متحفا بمدينته المنسية طاطا يعرض فيه بنادق صيد قديمة وأسلحة تقليدية من النوع الذي يتمنطق به فرسان "التبوريدة"؟
وقبل النوحي وبنادقه القديمة، أين كان "المجلس الوطني لحقوق الإنسان" عندما كانت نفس المحكمة تشهد محاكمات "سوريالية" غالبا ما كان يكون ضحاياها عاملين في حفر الآبار كل تهمهم هي حيازة أصابع ديناميت تدخل في صميم عملهم لشق باطن الأرض بحثا عن الماء؟
كان ينبغي أن ننتظر حتى تقع مأساة "أكديم إزيك"، ويُقدَّم مدنيون صحراويون أغلبهم من النشطاء السياسيين بالمنطقة، للمحاكمة أمام المحكمة العسكرية، وتقيم المنظمات الحقوقية الدولية الدنيا ولا تقعدها احتجاجا على محاكمة مدنيين أمام محكمة عسكرية ليتم الإيحاء إلى "المجلس الوطني لحقوق الإنسان" لإصدار تقارير بعينها تحت الطلب وبسرعة فائقة ويتم إرسالها إلى الديوان الملكي الذي تفاعل معها بنفس السرعة.
ابحثوا عن حرج السلطة وستجدوه في طريقة إخراجها المرتبكة وفي آداء ممثليها المصطنع. اقرؤوا تقاسيم إدريس اليزمي (رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان)الجامدة وهو يتلو "توصيات" مجلسه أمام اجتماع جنيف، وتابعوا تصريحات المحجوب الهيبة (المندوب الوزاري المكلف بحقوق الإنسان) وهو يعيد لوك نفس الجمل الفارغة بدون تعابير على وجهه مثل قناع محنط يستعرض شريطا مسجلا، لتدركوا كم أن الأمر يشبه إلى حد كبير إحدى مسرحيات العبث يشخصها ممثلون بلا شخصيات حقيقية...
علي أنوزلا
أعيدوا قراءة التقرير الصادر عن نفس المجلس الذي يطالب اليوم رئيسه بحظر محاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية، وقبل صدور التنويه الملكي بهذا التقرير، لتكتشفوا حجم المفارقة، عفوا حجم "النفاق" و"التملق"، ففي تقريره الصادر يوم 15 فبراير، يومين بعد صدور الأحكام ضد معتقلي "إكديم إزيك"، كتب موظفو المجلس الملكي ينوهون بنفس المحكمة التي يطالبون اليوم بإلغائها. فقد جاء في هذا التقرير ما يلي: "إن المجلس الوطني لحقوق الإنسان يسجل أن المحاكمة مرت في أجواء عادية واتسمت على وجه العموم بسلامة الإجراءات حيث خلفت ارتياحا لدى المتهمين الذين بادر العديد منهم، عند الاستماع إليهم٬ إلى التعبير عن شكرهم لرئيس الهيئة". وسجل نفس التقرير أن رئيس الجلسة حرص على "احترام مبادئ المحاكمة العادلة وضماناتها وأساسا على قرينة البراءة...".فما الذي تغير بعد 16 يوما فقط، بالتمام والكمال، حتى غير نفس المجلس رأيه من نفس المحكمة ويصدر تقريره الذي نوه به الملك يوم 3 مارس، وفيه يتناقض مع تقريره الأول عن محاكمة "إكديم إزيك"، والذي يقترح فيه بشكل خاص "أن لا تتم متابعة المدنيين أمام المحكمة العسكرية وأن تتم إعادة تحديد اختصاص هذه المحكمة٬ حتى لا تكون المحكمة العسكرية مختصة في وقت السلم إلا بالنظر في الجرائم المتعلقة بالانضباط العسكري"؟ ألا يتعلق الأمر هنا بنفس المحكمة التي قال نفس المجلس إنها تحترم مبادئ المحاكمة العادلة، ونفس المحكمة التي هنأ المدانون بالمؤبد وبمآت السنوات سجنا نافذا هيئتها القضائية على حكمها "العادل"؟!
المفارقة الأولى تكمن في أن التقرير الذي يطالب بعدم محاكمة المدنيين عسكريا، أول ما صدر جاء على شكل بيان من الديوان الملكي، وتوقيت صدوره عشية يوم الأحد الذي يعتبر عطلة رسمية في المغرب، إنما يفضح طريقة الإخراج المرتبكة، لأنه في اليوم التالي أي الإثنين كان مقررا أن يعرض خوان مانديز تقريره حول أوضاع حقوق الانسان في المغرب أمام مؤتمر جنيف، ليقوم بعد ذلك اليزمي والهيبة بالإعلان رسميا عن سعي المغرب إلى التخلي عن محاكمة المدنيين أمام المحكمة العسكرية، وبقية القصة تعرفونها، دخول الآلة الدعائية للمخزن على الخط والترويج للقرار المغربي "الحكيم"... وبدأنا من الآن نقرأ ونسمع من ينوه بهذا القرار، ممن كانوا حتى قبل أسبوعين، فقط لا غير، ينوهون بعدالة ونزاهة المحكمة العسكرية التي رفعوا قضاتها إلى مصاف "الآلهة"، لدرجة أصبح معها الملاحظ الفطن يتساءل عن الجدوى من هدر المال والوقت من أجل إصلاح العدالة المدنية، ما دام يوجد في المغرب قضاء عادل ونزيه اسمه القضاء العسكري؟!
قبل صدور تقارير "المجلس الوطني لحقوق الإنسان" الموضوعاتية، صدر تقرير عن نفس المجلس يوم 30 أكتوبر 2012 رسم صورة قاتمة عن أوضاع السجون والسجناء بالمغرب، لكن هذا التقرير لم يحظ بنفس التنويه الملكي، لأن قضية "السجون المغربية" قضية مغربية داخلية، لا تصلح للترويج وللإستهلاك الخارجي العالمي!
مرة أخرى يجب أن نقول شكرا لقضية الصحراء. فلولا هذه القضية لما عرف المغرب في منتصف السبعينات إنطلاق ما سمي بـ "الديمقراطية الحسنية" بكل كبواتها وعلاتها، ولولا هذه القضية لما فكرت الدولة في "الجهوية الموسعة" المترددة في تطبيقها، ولولا هذه القضية لما بادرت السلطة إلى إلغاء (شفاهيا) محاكمة مواطنيها أمام محكمتها العسكرية... لأنه لا يعرف ما إذا كان سيتم تطبيق هذا القرار ومتى وما هو مآل الأحكام الصادرة عن نفس المحكمة في حق مدنيين؟ فإذا كانت هذه المحكمة استثنائية ومحاكماتها لا تستجيب لمعايير المحاكمة العادلة، فإن أحكامها ستكون كذلك: استثنائية وغير عادلة...فهل ستتم مراجعتها؟
كان الراحل الحسن الثاني يقول "الخير كله يأتي من الصحراء، والشر كله أيضا يأتي من الصحراء"، لكن أغلب الشر وأعنفه هو ذلك الذي تصنعه السلطة بيديها وعندما يتحول إلى جمرة حامية تطوح بها بعيدا (حتى جنيف أحيانا) كلما خشيت أن تنتقل ألسنة اللهب إلى تلابيبها...
07 آذار/مارس 2013 12:01 علي أنوزلا
لماذا لم يصدر تقرير "المجلس الوطني لحقوق الإنسان" عندما تمت جرجرة شيخ طاعن في السن يعبر عقده التاسع، هو ابراهيم النوحي لمحاكمته أمام هذه المحكمة الاستثنائية بدعوى أن له متحفا بمدينته المنسية طاطا يعرض فيه بنادق صيد قديمة وأسلحة تقليدية من النوع الذي يتمنطق به فرسان "التبوريدة"؟
وقبل النوحي وبنادقه القديمة، أين كان "المجلس الوطني لحقوق الإنسان" عندما كانت نفس المحكمة تشهد محاكمات "سوريالية" غالبا ما كان يكون ضحاياها عاملين في حفر الآبار كل تهمهم هي حيازة أصابع ديناميت تدخل في صميم عملهم لشق باطن الأرض بحثا عن الماء؟
كان ينبغي أن ننتظر حتى تقع مأساة "أكديم إزيك"، ويُقدَّم مدنيون صحراويون أغلبهم من النشطاء السياسيين بالمنطقة، للمحاكمة أمام المحكمة العسكرية، وتقيم المنظمات الحقوقية الدولية الدنيا ولا تقعدها احتجاجا على محاكمة مدنيين أمام محكمة عسكرية ليتم الإيحاء إلى "المجلس الوطني لحقوق الإنسان" لإصدار تقارير بعينها تحت الطلب وبسرعة فائقة ويتم إرسالها إلى الديوان الملكي الذي تفاعل معها بنفس السرعة.
ابحثوا عن حرج السلطة وستجدوه في طريقة إخراجها المرتبكة وفي آداء ممثليها المصطنع. اقرؤوا تقاسيم إدريس اليزمي (رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان)الجامدة وهو يتلو "توصيات" مجلسه أمام اجتماع جنيف، وتابعوا تصريحات المحجوب الهيبة (المندوب الوزاري المكلف بحقوق الإنسان) وهو يعيد لوك نفس الجمل الفارغة بدون تعابير على وجهه مثل قناع محنط يستعرض شريطا مسجلا، لتدركوا كم أن الأمر يشبه إلى حد كبير إحدى مسرحيات العبث يشخصها ممثلون بلا شخصيات حقيقية...
علي أنوزلا
أعيدوا قراءة التقرير الصادر عن نفس المجلس الذي يطالب اليوم رئيسه بحظر محاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية، وقبل صدور التنويه الملكي بهذا التقرير، لتكتشفوا حجم المفارقة، عفوا حجم "النفاق" و"التملق"، ففي تقريره الصادر يوم 15 فبراير، يومين بعد صدور الأحكام ضد معتقلي "إكديم إزيك"، كتب موظفو المجلس الملكي ينوهون بنفس المحكمة التي يطالبون اليوم بإلغائها. فقد جاء في هذا التقرير ما يلي: "إن المجلس الوطني لحقوق الإنسان يسجل أن المحاكمة مرت في أجواء عادية واتسمت على وجه العموم بسلامة الإجراءات حيث خلفت ارتياحا لدى المتهمين الذين بادر العديد منهم، عند الاستماع إليهم٬ إلى التعبير عن شكرهم لرئيس الهيئة". وسجل نفس التقرير أن رئيس الجلسة حرص على "احترام مبادئ المحاكمة العادلة وضماناتها وأساسا على قرينة البراءة...".فما الذي تغير بعد 16 يوما فقط، بالتمام والكمال، حتى غير نفس المجلس رأيه من نفس المحكمة ويصدر تقريره الذي نوه به الملك يوم 3 مارس، وفيه يتناقض مع تقريره الأول عن محاكمة "إكديم إزيك"، والذي يقترح فيه بشكل خاص "أن لا تتم متابعة المدنيين أمام المحكمة العسكرية وأن تتم إعادة تحديد اختصاص هذه المحكمة٬ حتى لا تكون المحكمة العسكرية مختصة في وقت السلم إلا بالنظر في الجرائم المتعلقة بالانضباط العسكري"؟ ألا يتعلق الأمر هنا بنفس المحكمة التي قال نفس المجلس إنها تحترم مبادئ المحاكمة العادلة، ونفس المحكمة التي هنأ المدانون بالمؤبد وبمآت السنوات سجنا نافذا هيئتها القضائية على حكمها "العادل"؟!
المفارقة الأولى تكمن في أن التقرير الذي يطالب بعدم محاكمة المدنيين عسكريا، أول ما صدر جاء على شكل بيان من الديوان الملكي، وتوقيت صدوره عشية يوم الأحد الذي يعتبر عطلة رسمية في المغرب، إنما يفضح طريقة الإخراج المرتبكة، لأنه في اليوم التالي أي الإثنين كان مقررا أن يعرض خوان مانديز تقريره حول أوضاع حقوق الانسان في المغرب أمام مؤتمر جنيف، ليقوم بعد ذلك اليزمي والهيبة بالإعلان رسميا عن سعي المغرب إلى التخلي عن محاكمة المدنيين أمام المحكمة العسكرية، وبقية القصة تعرفونها، دخول الآلة الدعائية للمخزن على الخط والترويج للقرار المغربي "الحكيم"... وبدأنا من الآن نقرأ ونسمع من ينوه بهذا القرار، ممن كانوا حتى قبل أسبوعين، فقط لا غير، ينوهون بعدالة ونزاهة المحكمة العسكرية التي رفعوا قضاتها إلى مصاف "الآلهة"، لدرجة أصبح معها الملاحظ الفطن يتساءل عن الجدوى من هدر المال والوقت من أجل إصلاح العدالة المدنية، ما دام يوجد في المغرب قضاء عادل ونزيه اسمه القضاء العسكري؟!
قبل صدور تقارير "المجلس الوطني لحقوق الإنسان" الموضوعاتية، صدر تقرير عن نفس المجلس يوم 30 أكتوبر 2012 رسم صورة قاتمة عن أوضاع السجون والسجناء بالمغرب، لكن هذا التقرير لم يحظ بنفس التنويه الملكي، لأن قضية "السجون المغربية" قضية مغربية داخلية، لا تصلح للترويج وللإستهلاك الخارجي العالمي!
مرة أخرى يجب أن نقول شكرا لقضية الصحراء. فلولا هذه القضية لما عرف المغرب في منتصف السبعينات إنطلاق ما سمي بـ "الديمقراطية الحسنية" بكل كبواتها وعلاتها، ولولا هذه القضية لما فكرت الدولة في "الجهوية الموسعة" المترددة في تطبيقها، ولولا هذه القضية لما بادرت السلطة إلى إلغاء (شفاهيا) محاكمة مواطنيها أمام محكمتها العسكرية... لأنه لا يعرف ما إذا كان سيتم تطبيق هذا القرار ومتى وما هو مآل الأحكام الصادرة عن نفس المحكمة في حق مدنيين؟ فإذا كانت هذه المحكمة استثنائية ومحاكماتها لا تستجيب لمعايير المحاكمة العادلة، فإن أحكامها ستكون كذلك: استثنائية وغير عادلة...فهل ستتم مراجعتها؟
كان الراحل الحسن الثاني يقول "الخير كله يأتي من الصحراء، والشر كله أيضا يأتي من الصحراء"، لكن أغلب الشر وأعنفه هو ذلك الذي تصنعه السلطة بيديها وعندما يتحول إلى جمرة حامية تطوح بها بعيدا (حتى جنيف أحيانا) كلما خشيت أن تنتقل ألسنة اللهب إلى تلابيبها...
المستقبل العربي تنقل خبايا طرد المخزن للوفد الأوروبي
المستقبل العربي تنقل خبايا طرد المخزن للوفد الأوروبي
البوليزاريو تؤكد أنه بهدفه حجب انتهاكات الأجهزة القمعية للملك ضد الشعب الصحراوي
حمزة عياش نشر في المستقبل العربي يوم 09 - 03 - 2013
ندد سفير الجمهورية العربية الصحراوية في الجزائر، إبراهيم غالي، "طُرد" الحكومة المغربية لوفد يضم أربعة نواب من البرلمان الأوروبي و خمسة مساعدين برلمانيين كانوا سيتوجهون إلى مدينة العيون العاصمة الصحراوية المحتلة يوم الأربعاء الماضي ، موضحا أن هدف المغرب من هذا "القرار التعسفي" هو حجب الانتهاكات التي ترتكب في حق الشعب الصحراوي بالمناطق المحتلة ، مطالبا التدخل العاجل للأمم المتحدة من أجل فك الحصار عن المناطق المحتلة والسماح للصحافة بنقل كل ما يحدث بالأراضي الصحراوية المحتلة .
وقال المسؤول الصحراوي في تصريح للمستقبل العربي ، أن طرد المغرب للوفد البرلماني الأوربي عبارة عن "قرار تعسفي" ، مؤكدا أنه جاء لحجب ما يجري في الأراضي الصحراوية المحتلة من انتهاكات في حق الشعب الصحراوي، وقال السفير الصحراوي أن الوفد الذي يمثل مجموعات برلمانية مختلفة بالبرلمان الأوروبي كان متجها نحو مدينة العيون للإطلاع لدى المدافعين الصحراويين عن حقوق الإنسان و مسؤولي بعثة الأمم المتحدة لتنظيم الاستفتاء بالصحراء الغربية "مينورسو" على وضعية حقوق الإنسان بالأراضي الصحراوية المحتلة، و في هذا الإطار دعا السيد غالي الاتحاد الأوروبي رد فعل وفك الحصار عن المناطق المحتلة والسماح للملاحظين المستقلين و ممثلي المنظمات غير الحكومية وكذا الصحافة من أجل مراقبة وضعية حقوق الإنسان بالمنطقة .
وأوضح إبراهيم غالي أن زيارة هذا الوفد الذي يضم كل من "ويلي ماير" عن مجموعة اليسار الاشتراكي الموحد الأوربي الاسباني و "إيفو فيغل" عن مجموعة الليبراليين بسلوفينيا نائب رئيس مجموعة البرلمانيين للتضامن مع الصحراويين "وإزابيل لوفين" عن مجموعة الخضر بالسويد "وفيسينت غارسيس" عن مجموعة الاجتماعي الديمقراطي الإسباني و"إليفيرا إيمانديز" مستشار مجموعة اليسار الموحد الأوربي الاسباني "وآنغو شييمير"، مساعدة البرلماني الأوربي "انويصير"، رئيس مجموعة البرلمانيين للتضامن مع الصحراويين بألمانيا والمرافقين "ميغيل كارابيتو"، مساعد البرلمانية الأوربية "آنا غومز" من البرتغال و"إيفا وينكفيست" مساعدة البرلمانية الأوربية "إزابيل لوفين" من السويد "وسوزيك ديبيي" مديرة منظمة "أوكسفام" مكلفة بالمغرب، حيث تندرج الزيارة في إطار تطبيق لائحة البرلمان الأوروبي الصادرة في جانفي الماضي و المطالبة ، بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين الصحراويين و كذا احترام حقوق الإنسان بالصحراء الغربية، وأنه لدى وصوله إلى مطار الدار البيضاء بالمغرب ، قابلته الشرطة المغربية بالطرد مباشرة معتبرة أنه قرار من السلطات العليا المغربية، وأضاف أن المغرب لا يزال يكثف عمليات طرد الملاحظين المستقلين و ممثلي المنظمات غير الحكومية والصحافة بهدف إخفاء الجرائم و الانتهاكات الجلية لحقوق الإنسان التي ترتكبها قوات الاحتلال بالصحراء الغربية.
يأتي هذا عقب الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان التي أشار إليها المقرر الخاص للأمم المتحدة الخاص بالصحراء الغربية لاسيما تلك المتعلقة بممارسة التعذيب و كذا في تقارير منظمة العفو الدولية و منظمات أخرى خاصة بالدفاع عن حقوق الإنسان، حيث كشف بيان الحزب الاشتراكي الاسباني انه لدى وصول الوفد إلى الدار البيضاء، 'تم إخراج النواب من طائرتهم وتسليمهم للشرطة التي رفضت السماح لهم بدخول البلاد، موضحا أن السلطات المغربية كانت أبلغت مسبقا بهذه الزيارة، لكن 'رسالة' تفيد أن النواب 'غير مرحب بهم وصلت فقط بعد مغادرتهم' بروكسل، وأضاف البيان أن النائب ويلي ماير والذي يتولى منصب الأمين التنفيذي للسياسة الدولية لحزب اليسار الاشتراكي الموحد الاسباني، تعرض للاعتقال لدى وصوله إلى مطار الدار البيضاء لساعات وتم سحب جواز سفره هو والمجموعة الموافقة له ولم يسمح لهم بدخول المطار.
من جهة أخرى أعرب السفير الصحراوي عن تضامنه مع الشعب الفنزويلي الذي قال أنه فقد زعيما كبيرا، كان له الدور في تحريك الكثير من المبادئ السامية، خاصة فيما تعلق بنصرة الشعوب التي تعاني من الاضطهاد في أمريكا، إفريقيا وغيرها من البقاع، وقال السفير أن فنزويلا تعتبر من الدول التي لها علاقات دبلوماسية مميزة مع الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية، فقد اعترفت فنزويلا بالدولة الصحراوية في 3 أغسطس 1982، وأصبحت العلاقات في تنامي وبلغت ذروتها مع وصول تشافيز للسلطة العام 1999، كما تربط فنزويلا بالصحراء الغربية العديد من الاتفاقات في مجال الصحة، التعليم، وغير ذلك.
كما هنأ إبراهيم غالي المرأة - بمناسبة 8 مارس – خاصة تلك التي تناضل ضد الاحتلال كما والشأن في الصحراء الغربية قائلا: إن ''تقديرنا للمرأة يفترض أن يكون ثقافة يومية لاسيما وأنها تعد الأساس في بناء مجتمع مناضل، صابر وقابل للوصول إلى أهدافه الوطنية'' ليقر بأن الدور الحقيقي في بناء المجتمع تقوم به المرأة لا سيما وأنها متواجدة اليوم في شتى القطاعات،وكذا احتفال الصحراويين بيوم أول شهيد سقط خلال الثورة ضد الاسبان في 8 مارس 1974، كما اغتنم السفير الصحراوي الفرصة لتوجيه تحية إلى المرأة الجزائرية في هذا اليوم العالمي، مشيدا بدورها الرائد في النضال ضد المستعمر الفرنسي.
احكام قاسية وقيادة لاهية
احكام قاسية وقيادة لاهية
الكوري سيداتي : بيلباو
متى ستعلن قيادتنا عودة الحرب؟ سؤال اصبحنا نطرحه كثيرا وكل ماجاء حدث كبير يستدعي اتخاذ قرار مصيري كبير بحجم العودة للكفاح المسلح الا وقال الكثيرون ان الحرب اصبحت على الابواب ولا يفصلنا عنها سوى قرار رسمي من القيادة الوطنية لكن وكما يقال تجري الرياح بما لاتشتهي السفن , فصبرا جميلا ايها الشعب المكافح الصبور فقيادتنا تحولت من مسالمة الي مستسل...مة وعاجزة حتى عن تجديد بيانات التنديد ورسائل الاستنكار التي امتلأ بها مكتب بان كي مون دون ان تحقق شيئا يذكر ,ويبدو انها مصرة على الاستمرار في هذه الحال غير مكترثة لاهات ومعاناة الشعب وخاصة اكباد عائلات معتقلي اقديم ايزيك المكلومة التي انتظرت مخاض الجبل عقب صدور الاحكام الجائرة في حق ابنائها فإذا بالجبل يلد فأرا , فما فائدة دعوة الامانة الوطنية الي هبة وطنية وماذا تريد حين دعت الشعبين الصحراوي والمغربي الي التحرك لاطلاق سراح المعتقلين ؟ وماهي الاجراءات التي اتخذتها الامانة الوطنية في اجتماعها الاخير من اجل تصعيد المقاومة والحراك الوطني ,لماذا لا يتم اعلانها في البيان ام ان الاجراءات غير موجودة اصلا سوى ككلمة في البيان وماذا تقصد الامانة من خلال اعتبارها للمحاكمة فشلا مغربيا ذريعا ونصرا للصحراويين ومقاومتهم عن اي نصر تتحدث اذا استثنينا النصر المعنوي الذي حققه المعتقلون وليست الامانة الوطنية بصمودهم وثباتهم على مواقفهم المدافعة عن حق شعبهم في الحرية والاستقلال ,ومافائدة تذكير الامانة الوطنية بأن الممارسات المغربية في قديمها و جديدها فاشلة كونها لصيقة بممارسات أنظمة استبدادية و ديكتاتورية كانت البشرية شاهدة على فظاعتها خلال العصور الغابرة و الأزمنة الحديثة، مبرزة أن الأحكام كانت "صورية و جائرة" كالتي نفذها الاستعمار الفرنسي في الجزائر و نظام الميز العنصري في جنوب إفريقيا و الأنظمة الديكتاتورية في الأرجنتين و بينوشيه في الشيلي و غيرها , هذا كله كلام صحيح وامثلة واقعية تعرضت لها عدة شعوب انتصرت في النهاية على جلاديها باسلحة وسياسات نسيت الامانة الوطنية ان تذكر بها نفسها لعلى الذكرى تنفع القياديين و تتخذها مثالا من اجل تخليص الصحراويين من الاحتلال والظلم ومادامت قراراتها لاتخرج عن اطار بيانات التنديد ورسائل الاستنكار ومنابر التضامن العبثية فهي ايضا فاشلة وعاجزة من خلال اتباع سياسات لاتخدم القضية في شي وتتمادى في التقاضي عن الواقع المر الذي تعيشه كافة مؤسساتنا الغارقة في وحل الفساد والمحسوبية والتسيب الاداري
فماهو ياترى الحدث الذي سيحرك قيادتنا الوطنية ويدفعها للثأر من كل من تسول له نفسه المساس بكرامة الصحراويين ومقدساتهم علها تكفر عن بعض اخطائها في حقنا جميعا والي ذلك الحين نبقى نتجرع الالم ونحاول هضم فشل قيادتنا في استثمار عدة احداث كان بامكانها اعادة القطارالوطني الي سكته الصحيحة مثل ازمة رالي باريس داكار مرورا بتفكيك مخيم اقديم ايزيك وصولا الي محاكمة ابطاله عسكريا وقد يكون القادم ادهى وامر اللهم ارزق شعبي صبرا جميلا والطف به انك لطيف خبير
الكوري سيداتي : بيلباو
متى ستعلن قيادتنا عودة الحرب؟ سؤال اصبحنا نطرحه كثيرا وكل ماجاء حدث كبير يستدعي اتخاذ قرار مصيري كبير بحجم العودة للكفاح المسلح الا وقال الكثيرون ان الحرب اصبحت على الابواب ولا يفصلنا عنها سوى قرار رسمي من القيادة الوطنية لكن وكما يقال تجري الرياح بما لاتشتهي السفن , فصبرا جميلا ايها الشعب المكافح الصبور فقيادتنا تحولت من مسالمة الي مستسل...مة وعاجزة حتى عن تجديد بيانات التنديد ورسائل الاستنكار التي امتلأ بها مكتب بان كي مون دون ان تحقق شيئا يذكر ,ويبدو انها مصرة على الاستمرار في هذه الحال غير مكترثة لاهات ومعاناة الشعب وخاصة اكباد عائلات معتقلي اقديم ايزيك المكلومة التي انتظرت مخاض الجبل عقب صدور الاحكام الجائرة في حق ابنائها فإذا بالجبل يلد فأرا , فما فائدة دعوة الامانة الوطنية الي هبة وطنية وماذا تريد حين دعت الشعبين الصحراوي والمغربي الي التحرك لاطلاق سراح المعتقلين ؟ وماهي الاجراءات التي اتخذتها الامانة الوطنية في اجتماعها الاخير من اجل تصعيد المقاومة والحراك الوطني ,لماذا لا يتم اعلانها في البيان ام ان الاجراءات غير موجودة اصلا سوى ككلمة في البيان وماذا تقصد الامانة من خلال اعتبارها للمحاكمة فشلا مغربيا ذريعا ونصرا للصحراويين ومقاومتهم عن اي نصر تتحدث اذا استثنينا النصر المعنوي الذي حققه المعتقلون وليست الامانة الوطنية بصمودهم وثباتهم على مواقفهم المدافعة عن حق شعبهم في الحرية والاستقلال ,ومافائدة تذكير الامانة الوطنية بأن الممارسات المغربية في قديمها و جديدها فاشلة كونها لصيقة بممارسات أنظمة استبدادية و ديكتاتورية كانت البشرية شاهدة على فظاعتها خلال العصور الغابرة و الأزمنة الحديثة، مبرزة أن الأحكام كانت "صورية و جائرة" كالتي نفذها الاستعمار الفرنسي في الجزائر و نظام الميز العنصري في جنوب إفريقيا و الأنظمة الديكتاتورية في الأرجنتين و بينوشيه في الشيلي و غيرها , هذا كله كلام صحيح وامثلة واقعية تعرضت لها عدة شعوب انتصرت في النهاية على جلاديها باسلحة وسياسات نسيت الامانة الوطنية ان تذكر بها نفسها لعلى الذكرى تنفع القياديين و تتخذها مثالا من اجل تخليص الصحراويين من الاحتلال والظلم ومادامت قراراتها لاتخرج عن اطار بيانات التنديد ورسائل الاستنكار ومنابر التضامن العبثية فهي ايضا فاشلة وعاجزة من خلال اتباع سياسات لاتخدم القضية في شي وتتمادى في التقاضي عن الواقع المر الذي تعيشه كافة مؤسساتنا الغارقة في وحل الفساد والمحسوبية والتسيب الاداري
فماهو ياترى الحدث الذي سيحرك قيادتنا الوطنية ويدفعها للثأر من كل من تسول له نفسه المساس بكرامة الصحراويين ومقدساتهم علها تكفر عن بعض اخطائها في حقنا جميعا والي ذلك الحين نبقى نتجرع الالم ونحاول هضم فشل قيادتنا في استثمار عدة احداث كان بامكانها اعادة القطارالوطني الي سكته الصحيحة مثل ازمة رالي باريس داكار مرورا بتفكيك مخيم اقديم ايزيك وصولا الي محاكمة ابطاله عسكريا وقد يكون القادم ادهى وامر اللهم ارزق شعبي صبرا جميلا والطف به انك لطيف خبير
اجهزة الاستخبارات المغربية : التابعة لوزارة الداخلية
هل تعلم ان المغرب يتوفر على 15جهازا استخباراتي بالإضافة إلى ملحقاتها وتفرعاتها ومكاتب التنسيق بينها ،في بناء معقد و متشعب تنقسم الى قسمين اخهزة تابعة لوزارة الداخلية و اخرى تابعة للجيش و هي كالتالي:
-------------------------الاجهزة التابعة التابعة لوزارة الداخلية--------------------------------------
1 - LA DAG
وهو البنية التحتية لكل أجهزة المخابرات المغربية ،ويعمل حاليا بحرفية عالية وكفاءة ، مهمته جمع وتصفية وتصفيف المعلومات البسيطة والخام حول المواطنين، القادمة من سلسلة الوالي والباشا والقائد والشيوخ والمقدمين ويتوفر هذا الجهاز على تغطية كاملة لكل التراب الوطنين، له مكاتبه في جميع المصالح الخارجية لوزارة الداخلية أي في كل عمالة أو باشوية أو قيادة تجد مكتب الشؤون العامة وهو جهاز يحترم عمله.
2- LA RG
وهو مكلف بجمع المعلومات السياسية في المجال الحضري كما تتكلف بتغطية كافة المظاهرات وجميع النشاطات الحزبية وجمعيات المجتمع المدني كما أنه يتوفر على قسم مهم مكلف بالتنسيق مع مجموعة من المخبرين الذين يتم زرعهم في الجمعيات والأحزاب السياسية
3- LA DSR
وهي مكلفة بتوريد الموارد البشرية المكلفة بحماية الملك والأسرة الحاكمة في جميع القصور و الإقامات الملكية كما تهتم بمراقبة تحركات الحراس وحمايتهم من أجهزة التجسس الأجنبية.
4- LA DGST او LA DST (المخابربات الداخلية)
وهو جهاز مكلف بمكافحة التجسس داخل المملكة ومراقبة جميع الأعمال والنشاطات التي يمكنها أن تمس بسلامة الدولة السياسية والأمنية و الاقتصادية أو العلمية ويتكون هذا الجهاز من مكتب للمدير العام ومصالح مركزية بالإضافة إلى مصالح جهوية.
5- مديرية شرطة الاتصالات والموجات DPCR
وهو مركز للتصنت على المكالمات ومراقبة الانترنت و الموجات الرادارية والرنينية وهو عبارة عن جهاز يتوفر على قاموس من الكلمات بأغلب اللغات المتوفرة في المغرب ، بحيث أن كل مكالمة تتضمن كلمة مشبوهة مثل جيش ، سلاح،... يتم تسجيلها تلقائيا ليتم إعادة تحليليها وهو جهاز محترم يتم الولوج إليه وفق معايير الكفاءة.
هل تعلم ان المغرب يتوفر على 15جهازا استخباراتي بالإضافة إلى ملحقاتها وتفرعاتها ومكاتب التنسيق بينها ،في بناء معقد و متشعب تنقسم الى قسمين اخهزة تابعة لوزارة الداخلية و اخرى تابعة للجيش و هي كالتالي:
-------------------------الاجهزة التابعة التابعة لوزارة الداخلية--------------------------------------
1 - LA DAG
وهو البنية التحتية لكل أجهزة المخابرات المغربية ،ويعمل حاليا بحرفية عالية وكفاءة ، مهمته جمع وتصفية وتصفيف المعلومات البسيطة والخام حول المواطنين، القادمة من سلسلة الوالي والباشا والقائد والشيوخ والمقدمين ويتوفر هذا الجهاز على تغطية كاملة لكل التراب الوطنين، له مكاتبه في جميع المصالح الخارجية لوزارة الداخلية أي في كل عمالة أو باشوية أو قيادة تجد مكتب الشؤون العامة وهو جهاز يحترم عمله.
2- LA RG
وهو مكلف بجمع المعلومات السياسية في المجال الحضري كما تتكلف بتغطية كافة المظاهرات وجميع النشاطات الحزبية وجمعيات المجتمع المدني كما أنه يتوفر على قسم مهم مكلف بالتنسيق مع مجموعة من المخبرين الذين يتم زرعهم في الجمعيات والأحزاب السياسية
3- LA DSR
وهي مكلفة بتوريد الموارد البشرية المكلفة بحماية الملك والأسرة الحاكمة في جميع القصور و الإقامات الملكية كما تهتم بمراقبة تحركات الحراس وحمايتهم من أجهزة التجسس الأجنبية.
4- LA DGST او LA DST (المخابربات الداخلية)
وهو جهاز مكلف بمكافحة التجسس داخل المملكة ومراقبة جميع الأعمال والنشاطات التي يمكنها أن تمس بسلامة الدولة السياسية والأمنية و الاقتصادية أو العلمية ويتكون هذا الجهاز من مكتب للمدير العام ومصالح مركزية بالإضافة إلى مصالح جهوية.
5- مديرية شرطة الاتصالات والموجات DPCR
وهو مركز للتصنت على المكالمات ومراقبة الانترنت و الموجات الرادارية والرنينية وهو عبارة عن جهاز يتوفر على قاموس من الكلمات بأغلب اللغات المتوفرة في المغرب ، بحيث أن كل مكالمة تتضمن كلمة مشبوهة مثل جيش ، سلاح،... يتم تسجيلها تلقائيا ليتم إعادة تحليليها وهو جهاز محترم يتم الولوج إليه وفق معايير الكفاءة.
اجهزة الاستخبارات المغربية: التابعة للجيش
--------------------------الاجهزة التابعة للجيش-----------------------------------------
5- المخابرات الخارجية (او المخابرات العسكرية) LA DGED
هذا الجهاز مكلف بالتجسس داخل تندوف والجزائر والتراب الأوربي وأين ما كانت مصالح المغرب، كما أنه مكلف بالتنسيق مع أجهزة الاستخبارات الخارجية في القضايا المشتركة ويتوفر على مصالح خارجية خصوصا الملحقين الدائمين بالبعثات الدبلوماسية وهي تابعة لمصلحة المدير العام كما تتوفر على ثلاثة أجهزة مخابرات تابعة للإدارة المركزية وهي:
7- LA SA
مهمة هذا الجهاز هو العمل في الميدان والتدخل السريع عبر فرق كوموندو من أجل الحفاظ على مصالح الوطن العليا وهو جهاز يعمل بحرفية عالية.
8- مديرية مكافحة التجسس LA DCE
وهو الخلية النائمة داخل الجيش المغربي حيث تعمل بشكل سري للغاية وتنسق مع مراقبة التراب في نفس الموضوع ، تعمل بكثافة لكن في الظاهر صمت وسكون رهيب إنها تشبه كثيرا طريقة عمل الاستخبارات السوفيتية LA KGB ،أو طريقة الصندوق .بحيث لا أحد مهما كانت رتبته يعلم ما يجري داخله.لكن نقطة ضعفه هو تنسيقه مع مراقبة التراب.
9- LA DT
وهو جهاز مكلف بتنسيق الاتصاال وحماية الوسائط الاتصالية بين كافة مصالح الجهاز الأب
10- LA SS (جهاز استخباراتي تابع للدرك الملكي)
وهو يعمل على جمع المعلومات داخل جسم الدرك وكذلك يعمل على جمع المعلومات في الأماكن التي لا تتوفر فيها الادارة العامة لمراقبة التراب الوطني على مراكز دائمة.
11- bureau 2 (جهاز استخباراتي مرتبط بالجيش)
وهو جهاز مكلف بالاستخبار في المراكز الحدودية ،والتنسيق مع LA DST وLA DGED في نفس الموضوع.
12- bureau 5
وهو مرتبط كذلك بالجيش وهو مكلف بجمع المعلومات حول الجنود والثكنات وكل الجسم العسكري
وهناك جهاز آخر مخضرم وهو تابع نظريا لوزارة الداخلية ، تحت إمرة القوات المساعدة لكن يسيطر عليه الجيش ، له مهام ثلاثية الأبعاد داخل المدن والقرى والمراكز الحدودية . هذا بالإضافة إلى جهازين آخرين مرتبطين بالجيش، الأول إسمه أمن المنطقة الجنوبية والتاني إسمه أمن المنطقة الشمالية ولا نعلم لحد الآن نوعية ولا طبيعة الاختصاص.
ملحق #1 13/09/2011 4:02:31 ص
جآر القمر
قراءة في البيان التنويري الصادر عن سفارة المغرب
قراءة في البيان التنويري الصادر عن سفارة المغرب
بقلم: د. غالي الزبير
كاتب وباحث من الصحراء الغربية
طالعت كما هو حال الكثير من المتتبعين ما سمته السفارة المغربية في عمان بالرد على سلسلة مقالات نشرتها السوسنة للصحافي الأردني خالد هيلات التي نشر فيه حقائق وصور من مشاهداته وانطباعاته عن النزاع الطويل في الصحراء الغربية وقد وصفها بيان السفارة بالمغالطات والتبني لأطروحة البوليساريو وقدمت كرد منها ما أسمته ببيان لتنوير الرأي العام، وقد جاء البيان التنويري متخماً بالمغالطات والصيغ الفضفاضة والتي سرعان ما ينكشف خواءها لو عرضت على النصوص التي اختزلت من سياقها وقدمت بنية إيهام الرأي العام بصحة الأطروحة المغربية التي لم تجد حتى الآن من يؤمن بها سوى أصحابها، وعليه وجب إيضاح بعض الحقائق التي تم التجني عليها على طريقة ويل للمصلين، عل القارئ يكون في صورة حقائق النزاع الصحراوي – المغربي الذي لا تعطيه وسائل الإعلام العربية حقه من التناول.
أولا: السياق التاريخي:
الصحراء الغربية كانت مستعمرة اسبانية مرسمة الحدود باتفاقيات دولية في حين كان جوارها الإقليمي خاضعا للاستعمار الفرنسي كما هو معلوم، والدخول الاسباني للصحراء الغربية تم عبر سلسة اتفاقيات بين ممثلي الملك الاسباني وشيوخ القبائل الصحراوية، لأن الصحراء الغربية حينها كانت تحكم بمجلس قبلي محلي مستقل ولم تكن تابعة بأي حال من الأحوال للعرش المغربي بشهادة الرحالة والمستكشفين الأوربيين وغيرهم الذين زاروا المنطقة في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر ويمكن الاطلاع على كتاب الأستاذ موريس باربي أستاذ القانون بجامعة نانسي بفرنسا الصادر عن دار لارماتان سنة 1985 تحت عنوان رحلات واستكشافات في الصحراء الغربية خلال القرن التاسع عشر وقد عرض فيه شهادات 21 رحالة ومستكشف من فرنسا واسبانيا وبلجيكا وألمانيا وأمريكا والسنغال وغيرها، أجمعت كلها على استقلالية الصحراء الغربية عن الحكم المغربي خلال الفترة السابقة للاحتلال الإسباني للصحراء الغربية.
هذا أولاً وثانياً لم يسجل أي سياسي أو باحث أو مؤرخ مغربي اعتراض السلطة المغربية على الإعلان الملكي الاسباني عن ضم الصحراء الغربية للأراضي الاسبانية الصادر في ديسمبر 1884 وبيان ممثل اسبانيا في مؤتمر برلين لتقسيم المستعمرات الإفريقية والمعلن عن سيادة اسبانيا على الصحراء الغربية على الرغم من وجود سفير اسباني في المغرب حينها، وهو ما يظهر بجلاء أن السلطة المغربية حينها كانت ترى أن الصحراء الغربية أراضي مستقلة عنها بصورة كاملة، وعليه لم يكن هناك موجب للاعتراض ولا سياق قانوني أو سياسي للقيام به.
والسياق التاريخي يقتضي كذلك التذكير بالأطماع المغربية التي لم تسلم منها موريتانيا التي ظل المغرب يرفض الاعتراف باستقلالها لمدة عشر سنوات بل ظل يناطح على جميع المستويات بأنها موريتانيا كلها جزء من المغرب ثم عاد للاعتراف باستقلالها وسيادتها للتبخر كل الحجج والمزاعم التي تستعمل الآن في القضية الصحراوية، وامتدت الأطماع المغربية للتوسع في الأراضي الجزائرية حيث كان المغرب يطالب بحوالي 200 ألف كيلومتر مربع من تراب الجزائر التي انتزعتها بدماء مليون ونصف المليون من شهداءها ليحاول المغرب ضمها بالقوة وهو ما سبب حرب الرمال سنة 1963 ثم عاد المغرب ليقر بسيادة الجزائر على كامل ترابها وتتبخر مرة أخرى المطامع والتبريرات المغربية المختلقة.
وعلى الرغم من أن المغرب قد نال استقلاله عن فرنسا في مارس سنة 1956 فقد ظلت الصحراء الغربية ترزح تحت الاحتلال الاسباني حتى شهر فبراير 1976، فأين كان المغرب خلال عشرين سنة من الاستقلال عن ما يسميها صحرائه، التي لم يظهر مطامعه التوسعية فيها إلا بعد تأسيس جبهة التحرير الصحراوية المعروفة اختصارا بـالبوليساريو التي تأسست في 10 ماي - نيسان 1973 وتمكنت خلال سنتين من تحرير معظم الأراضي الصحراوية في معارك غير متكافئة مع القوة الاستعمارية الاسبانية أرغمتها على الإعلان عن نيتها في تطبيق القرارات الأممية القاضية بتصفية الاستعمار من الصحراء الغربية وهي القرارات التي ظلت الجمعية العامة تؤكد على ضرورتها منذ دورتها الواحدة والعشرين في سبتمبر – أيلول 1966 وحتى الساعة.
وقد زعم البيان التنويري بأنه لم يتم الاعتراف بالبوليساريو بكونه حركة تحرير، أو ممثلا شرعيا للساكنة الصحراويــــة، لأنه لا يتوفر على أي سند قانوني أو شعبي ولا على أدنى شرعيـة ديمقراطيــة، تجعله يرقـى إلى تمثيليــة الساكنــة ذات الأصول الصحراوية.
ونرد على هذا الزعم بنصين صريحين لا نحتاج معهما إلى أي تعليق، لأنهما يكشفان ببساطة الاختلاق والفجاجة التي يريد بها البيان التنوير بمغالطة الرأي العام وقراء السوسنة.
• الأول: تقرير البعثة الأممية التي أرسلتها الجمعية العامة للأمم المتحدة لجنة لتقصي الحقائق في الصحراء الغربية والبلدان المجاورة واسبانيا في الفترة مابين 12 ماي - آيار و9 يونيو - حزيران 1975 وضمت اللجنة ممثلي كل من ساحل العاج وكوبا وإيران لدى الأمم المتحدة، يقول بالنص في كل مكان وصلته البعثة كانت تقابل بالجماهير المؤيدة لجبهة البوليساريو التي تعتبر القوة السياسية الوحيدة الممثلة لشعب الصحراء الغربية الذي يريد الاستقلال و يرفض أي صورة من صور الضم. وخلصت البعثة في توصيتها إلى أنه على الجمعية العامة أن تتخذ الخطوات اللازمة لتمكين هذا الشعب من تقرير مستقبله بحرية كاملة وفي سلام وأمن...
• الثاني: اللائحة رقم 34/37 الصادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 21 نوفمبر1979 تقول بالحرف الواحد في فقرتها السابعة بأن الجمعية العامة توصي في النهاية بأن الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب، ممثل الشعب الصحراوي، ينبغي أن تشارك وبصفة كاملة في البحث عن أي حل سياسي عادل ونهائي لنزاع الصحراء الغربية وفقاً للوائح هيئة الأمم المتحدة ومنظمة الوحدة الإفريقية وحركة بلدان عدم الانحياز
ومن المفيد هنا أن نذكر بأن الفقرة الخامسة من هذه اللائحة تقول أن الجمعية العامة تعرب عن استياءها من تفاقم الوضع الناجم عن استمرار احتلال الصحراء الغربية من طرف المغرب وضم هذا الاحتلال للأراضي التي أخلتها موريتانيا مؤخراً.
أي أنها تصف الوجود المغربي في الصحراء الغربية بالاحتلال وعليه فإن هذا الوجود وبنص القرار الدولي هذا يماثل وجود الاحتلال الإسرائيلي في فلسطين. واللائحة المذكورة موجودة على صفحة الأمم المتحدة.
ثم يزعم كاتب البيان بأن المغرب ضم الصحراء الغربية تأسيساً على الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية الصادر في 14 أكتوبر، 1975 وبداية نصحح لسعادة السفير معلوماته بأن الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية حول الصحراء الغربية قد صدر يوم 16 أكتوبر 1975 وليس كما زعم بيانه التنويري ثم أن نص الرأي الاستشاري للمحكمة يخلص بعد عرضه لتفاصيل الموضوع إلى القول حرفياً خلاصة رأي المحكمة هو أن المواد والمعلومات المقدمة إليها لا تثبت أي علاقة سيادة إقليمية بين إقليم الصحراء الغربية والمملكة المغربية أو الكيان الموريتاني.
والنص موجود على موقع محكمة العدل الدولية.
ثم أن اتفاقية مدريد الموقعة بين المغرب وموريتانيا واسبانيا والتي زعم البيان أن المغرب دخل بموجبها الصحراء الغربية قد فقدت شرعيتها لانسحاب أحد موقعيها وهو الطرف الموريتاني الذي يعترف اليوم بالجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية كدولة ذات سيادة، فضلا عن أن اتفاقية مدريد خولت للمغرب إدارة الصحراء الغربية ولم تمنحه حق السيادة عليها كما جاء في الرأي الصادر عن المستشار القانوني للأمم المتحدة هانس كوريل الصادر في 29 يناير 2002.
وفضلاً عن كل ذلك، فقد ظلت القضية الصحراوية حتى الساعة مسجلة ضمن الأقاليم الستة عشر التي تشرف اللجنة الرابعة لتصفية الاستعمار سنوياً على عرضها باعتبارها الأقاليم لم تتم فيها تصفية الاستعمار حتى الآن، ثم أنه لا توجد دولة واحدة من دول العالم ولا منظمة قارية ولا دولية واحدة تعترف بالاحتلال المغربي للصحراء الغربية وهذا ما يفسر استثناء الولايات المتحدة للصحراء الغربية من اتفاق التجارة الحرة مع المغرب الموقع سنة 2004 وهو ما يفسر كذلك امتناع البرلمان الأوربي عن تجديد اتفاق الصيد البحري مع المغرب إلا إذا استثنيت منه المياه الإقليمية الصحراوية.
ونترك لذكاء القارئ – بعد كل هذا- الحكم على زعم بيان السفارة المغربية حين يقول: المغرب استرجع الصحراء من الاستعمار الإسباني في إطار الشرعية الدولية.
البوليساريو والصحراويون
يزعم كاتب البيان أن البوليساريو كيان مختلق وأن الصحراويين قد قرروا مصيرهم واختاروا مغربية الصحراء والسؤال البسيط الذي ينسف هذه الأطروحة المغربية يكمن في الاعتراف الدولي الواسع بجبهة البوليساريو حيث توجد ممثلياتها في جميع العواصم الكبرى وتعترف بالجمهورية العربية الصحراوية عشرات الدول ثم أنها عضو مؤسس كامل الحقوق في الاتحاد الإفريقي، وبعد هذا وذاك يتفاوض النظام المغربي على أعلى مستوياته من الملك الحالي حين كان وليا للعهد إلى رئيس الحكومة المغربية إلى وزراء الداخلية والخارجية والأمن مع البوليساريو، فهل يتفاوضون تحت إشراف الأمم المتحدة مع أشباح وكيانات مختلقة ووهمية؟
وإذا كان الصحراويون يتمتعون بالرفاه والتنمية ويفضلون المغرب فلماذا خرج من مدينة العيون وحدها ازيد من ثلاثين ألف ليعتصموا في مخيم اكديم ازيك الذي مثل برأي ناعوم تشاومسكي شرارة الربيع العربي، وهم يشكون الخصاص والفقر والاذلال وسؤ المعاملة؟
وإذا كان المغرب يثق في أن الصحراويين قد اختاروا المغرب فلماذا يحرمهم من التعبير عن هذا الاختيار بشفافية وأمام العالم عبر استفتاء حر ونزيه يمكن الصحراويين من إبداء رغباتهم الحقيقة وهو ما ظلت تدعو له الأمم المتحدة منذ عقود؟
أما الصورة السوداوية التي يرسمها البيان التنويري لحالة حقوق الإنسان في المخيمات الصحراوية فالرد عنها كامن في تقارير منظمات حقوق الإنسان الوازنة بدء من هيومن رايتس ووتش مرورا بمنظمة العفو الدولية ومركز روبرت كينيدي لحقوق الإنسان ومنظمة بيت الحرية ومنظمة الخط الأمامي واللجنة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب والتقارير السنوية لوزارة الخارجية الأمريكية حول حقوق الإنسان وكلها منشورة ومتاحة للقارئ على الشبكة العنكبوتية، فضلاً عن عشرات الصحافيين والكتاب العرب والأجانب الذين يزورون هذه المخيمات ومنهم لا على سبيل الحصر في الفترة الأخيرة فضلا عن الزميل خالد هيلات، الكاتبة الصحافية التونسية حنان زبيس والباحثة الأردنية نازك صالح، وغيرهم كثر، وكلها تفضح بشكل سافر الاختلاقات والأوهام التي بنيت عليها آلة الدعاية المغربية الصدئة.
ومن جهة أخرى يكشف الكثير من تقارير المنظمات الحقوقية حالة الرعب والتضييق على الحريات التي يعيشها الصحراويون في المدن المحتلة من الصحراء الغربية حيث يحرمون من حق التظاهر والتجمع والتعبير وتكوين الجمعيات الأهلية وحيث يوجد أزيد من سبعمائة من ضحايا الاختفاء القسري وعشرات الصحراويين المغدورين الذين قضوا تحت التعذيب الرهيب في المخابئ السرية التي كانت تشرف عليها الدولة المغربية في اكدز ومقلعة مكونة ودرب مولاي الشريف والسجن الأكحل وغيرها.
فعن أية تنمية وعن أي حقوق تتحدثون بعد كل هذا في إقليم محتل وتتعرض ثرواته الطبيعية للاستنزاف والنهب غير الشرعي في وقت تصل البطالة بين سكانه إلى حوالي 25 بالمائة.
وأخيرا نقول أن ما يسمى بـالحكم الذاتي فقد أصبح متجاوزا ولم يعد موضوع للمفاوضات التي تشرف عليها الأمم المتحدة لأن المبعوث ألأممي إلى الصحراء الغربية كريستوفر روس قد خلص إلى أن الحل الديمقراطي العادل يكمن في تمكين الشعب الصحراوي من تقرير مصيره واختيار مستقبله بحرية وهذا ما يخشاه الاحتلال وقد صدق الزعيم التيموري غوسماو خنانا حين قال من يخاف الاستفتاء يخاف مواجهة الحقيقة.
دولة متكاملة في مخيمات «بوليساريو» في تندوف تنتظر الاستفتاء... وكريستوفر روس
بقلم الكاتبة :حنان زبيس عن الحياة اللندنية
منذ 21 سنة والصحراويون في مخيمات تندوف (جنوب الجزائر) ينتظرون حلاً سلمياً لقضيتهم بعد أن أعلنت الأمم المتحدة عام 1991 وقف إطلاق النار بين جبهة «بوليساريو» والقوات المغربية. ومنذ ذلك الوقت، يتوافد المبعوثون الأمميون في محاولة لتهيئة الظروف لإجراء استفتاء تقرير المصير للشعب الصحراوي ولكن، من دون كثير جدوى. في الأثناء تتواصل حياة اللاجئين وسط صحراء قاحلة وانتظار لا تعرف له نهاية. عندما تصل تندوف تطالعك الخيام المنتصبة والمنازل الطينية الممتدة على رقعة كبيرة من الصحراء. لأول وهلة تظن أنك نزلت في كوكب آخر حيث لا تكاد تشعر بوجود الحياة في هذا المكان القاحل والبيئة القاسية. ولكن، عندما تقترب ترى الحركة تعم المخيم والأطفال يلعبون والنساء يذهبن لقضاء شؤونهن. فتتذكر أن خلفهم 40 سنة من اللجوء.
هناك من ولد في المخيم فلم يعرف غيره وطناً وآخرون من الجيل الأول من اللاجئين ما زلت عالقة بأذهانهم أحداث هروبهم من منطقة الساقية الحمراء ووادي الذهب (التي تدعى اليوم الصحراء الغربية) في أواخر 1975. خديجة التي تبلغ من العمر 70 سنة تتذكر كيف هربت من جحيم الحرب مع بناتها بعدما فقدت ثلاثة من أولادها، إضافة إلى زوجها. «كانت الطائرات المغربية تحلق على مسافة قريبة من رؤوسنا لترويعنا...».
معاناة اللجوء الصحراوي بدأت منذ ما يقارب الأربعين عاماً عندما قرر العاهل المغربي السابق الحسن الثاني تنظيم المسيرة الخضراء عام 1975 وضم كامل المنطقة التي يعتبرها تابعة للمغرب تاريخياً قبل الاحتلال الإسباني. جاء ذلك في الوقت الذي أقرت محكمة العدل الدولية أن هذه المنطقة لم تكن تحت سيطرة أي جهة، داعية إلى ضرورة تنظيم استفتاء لسكانها لتقرير مصيرهم.
وقِعت اتفاقية مدريد في 14 تشرين الثاني (نوفمبر) 1975 وبمقتضاها تم تقسيم الصحراء الغربية بين المغرب وموريتانيا. إلا أن جبهة «بوليساريو» التي تكونت في أيار (مايو) 1973 لم ترضَ بهذا الحل واعتمدت المقاومة المسلحة ضد البلدين. في 1979 وقعت موريتانيا معاهدة سلام مع «بوليساريو» متخلية عن الجزء الذي تملكه من المنطقة، فسارعت المغرب إلى وضعه تحت سيطرتها. تواصلت الحرب بين الجبهة والقوات المغربية إلى بداية التسعينات حتى تدخلت الأمم المتحدة لوقف إطلاق النار. منذ ذلك الوقت لا يملك اللاجئون الصحراويون الذين احتضنتهم الجزائر سوى الانتظار. انتظار طويل صحيح ولكن ليس سلبياً. فالصحراويون عملوا على إيجاد دولة بمعالمها المتكاملة في المخيمات. هناك خمس مناطق رئيسة هي: بوجدور، أوسرت، سمارة، لعيون والداخلة، حيث مؤسسات الرئاسة والحكومة والبرلمان، إضافة إلى الأمانة العامة للـ «بوليساريو» والوزارات والولايات والبلديات ومؤسسات الشرطة والجيش.
نسبة تعليم عالية
والواقع أن الزائر يرصد أن الجبهة راهنت على العنصر البشري حيث استثمرت في تثقيفه إلى أبعد حد. ويبدو ذلك جلياً في كثرة المدارس ورياض الأطفال والمدارس الإعدادية ومراكز التكوين. كل الأطفال تقريباً يذهبون إلى المدرسة من دون تمييز بين الجنسين. ونسبة المتعلمين تبلغ 90 في المئة. والأكثر استدعاء للدهشة إتقان الصحراويين الكثير من اللغات كالإسبانية، والإنكليزية، والفرنسية. ويعود ذلك أولاً لانفتاحهم على العالم، وثانياً لأنهم يتحولون عند مزاولة دراستهم الثانوية للدراسة في بلدان أخرى مثل الجزائر وليبيا وكوبا وإسبانيا وفرنسا. كما أن اطفالهم يقضون عطلهم الصيفية في إسبانيا أو فرنسا عند عائلات مضيفة بما يخفف عنهم قساوة العيش في المخيم.
وعلى رغم حصول معظمهم على شهادات جامعية عالية فإن قلة منهم تعمل في مجال تخصصها إذ يضطر معظمهم إلى الانخرط في العمل الموسمي أو التجارة أو افتتاح مشاريع صغيرة. لا يمكن الحديث حقاً عن العمل هنا لأن الموظفين لا يتقاضون أجورا بما أن كل الأنشطة ترتكز على العمل التطوعي ثم إن «الدولة» لا تملك إمكانات حقيقية سوى ما تعطيه المنظمات الإنسانية من إعانات. وهي لا تملك موارد طبيعية ولا صناعات ولا حتى زراعة لأن المنطقة قاحلة تماماً. لكن ذلك لا يمنع من محاولة إيجاد مجتمع منظم يحكمه القانون والتوزيع العادل لما يتوافر من موارد. رسمياً يحق لكل لاجئ صحراوي استلام الإعانة الإنسانية، ولكن، بشهادة العاملين في منظمات الإغاثة الدولية فإن هذه المساعدات لا تكفي وهي مرشحة للنقصان في الأعوام المقبلة بسبب الأزمة العالمية. لذلك، فإن صالح صبح، الذي يعمل في المفوضية العليا للاجئين منذ سنوات، يستبشر بسعي الكثير من اللاجئين إلى تحسين أوضاعهم عبر امتهان التجارة أو من خلال المبالغ المالية التي يتلقونها من أبنائهم الذين يشتغلون في الخارج.
حضور قوي للمراة
ويتميز المجتمع الصحراوي بديناميكية كبيرة من خلال نسيج من المجتمع المدني نشيط في كل المجالات حيث يوجد عدد كبير من الجمعيات التي تشتغل في تعاون كبير مع جمعيات أجنبية لتحسين ظروف العيش من صحة وتعليم وتثقيف وهي تسعى اليوم إلى تنظيم عملها ضمن منتدى اجتماعي يجمعها ويحدد استراتيجية نشاطها في الداخل والخارج لخدمة القضية الصحراوية والتعريف بها والدفاع عنها. وما يلفت الانتباه في هذا النسيج الاجتماعي، قوة حضور المراة ودورها الفاعل في ضمان تماسك الجسم الاجتماعي الصحراوي وسهرها على توفير الظروف الملائمة لكل فرد ليعيش حياة كريمة في نطاق ما يتوافر من إمكانات. وهذا ليس غريباً إذا ما عرفنا أن المرأة الصحراوية كانت مقاتلة بالأساس شاركت في الحرب ضد الإسبان ثم ضد المغاربة وسهرت على تأمين المخيمات في غياب الرجال الذين كانوا يحاربون على الجبهة. فقد كانت تتلقى تدريباً عسكرياً فيما يدعى اليوم بمخيم بو جدور الذي نشأ كمدرسة لتدريب النساء. خديجة المهدي التي تعمل اليوم مفتشة عامة للتربية تتذكر كيف تعلمت في شبابها لمدة 45 يوماً فنون القتال واستعمال السلاح وكيف مكنها ذلك من المشاركة في حراسة المخيم.
وبعد وقف إطلاق النار تحولت المرأة إلى شريك فاعل في بناء المجتمع جنباً إلى جنب مع الرجل. فهي لا تشارك فقط في المجال الاجتماعي وإنما في الحياة السياسية حيث تشغل 23 في المئة من مقاعد البرلمان (13 امراة على مجموع 53 نائب) كما تشغل أربع حقائب وزارية. وتتجلى قوة دور المرأة أيضاً في العلاقات الأسرية والإجتماعية. فهي وإن كانت تعيش في مجتمع ذكوري، تتمتع بحرية في اختيار الزوج أو مفارقته متى أرادت ذلك بل إنها كلما تطلّقت ازدادت شعبيتها ويتبادل الأهالي هنا أخباراً عن سيدات انفصلن عن أزواجهن فأقمن حفلاً للصديقات لتعلن فيه المرأة للمجتمع أنها أصبحت حرة ومستعدة للزواج مجدداً.
عودة روس والأمل بتقدم المفاوضات
ولكن، على رغم حرص الصحراويين على التقليل من معاناتهم بالسعي إلى خلق نمط عادي من العيش كما يحصل في كل المجتمعات فإن الوضع يبقى صعباً على رغم كل شيء في ظل حالة من اللاسلم واللاحرب تتواصل منذ أكثر من عشرين سنة من دون أن يلوح في الأفق شبح حل إلى درجة أن شقاً كبيراً من الشباب أصبح يدعو في شكل صريح إلى حمل السلاح من جديد. وتعترف جبهة «بوليساريو» نفسها بصعوبة إقناعهم بالصبر أكثر بخاصة أن عدداً مهماً منهم أصبح يشكك بنجاعة المفاوضات مع الجانب المغربي تحت مظلة الأمم المتحدة.
ويقوم المبعوث الأممي كريستوفر روس حالياً بزيارة للصحراء الغربية سيعقبها بأخرى مباشرة إلى مخيمات تندوف للاطلاع على الوضع. وتأتي هذه الزيارة الأولى من نوعها بعد سحب المغرب ثقتَه منه منذ شهور واعتباره غير محايد. ولكن، مع إصرار بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة على إبقائه تراجعت المملكة المغربية عن قرارها. وينتظر من هذه الزيارات أن تساهم في توسيع مهام بعثة الأمم المتحدة «المينورسو» لتشمل الاهتمام بمسائل حقوق الإنسان.
منذ 21 سنة والصحراويون في مخيمات تندوف (جنوب الجزائر) ينتظرون حلاً سلمياً لقضيتهم بعد أن أعلنت الأمم المتحدة عام 1991 وقف إطلاق النار بين جبهة «بوليساريو» والقوات المغربية. ومنذ ذلك الوقت، يتوافد المبعوثون الأمميون في محاولة لتهيئة الظروف لإجراء استفتاء تقرير المصير للشعب الصحراوي ولكن، من دون كثير جدوى. في الأثناء تتواصل حياة اللاجئين وسط صحراء قاحلة وانتظار لا تعرف له نهاية. عندما تصل تندوف تطالعك الخيام المنتصبة والمنازل الطينية الممتدة على رقعة كبيرة من الصحراء. لأول وهلة تظن أنك نزلت في كوكب آخر حيث لا تكاد تشعر بوجود الحياة في هذا المكان القاحل والبيئة القاسية. ولكن، عندما تقترب ترى الحركة تعم المخيم والأطفال يلعبون والنساء يذهبن لقضاء شؤونهن. فتتذكر أن خلفهم 40 سنة من اللجوء.
هناك من ولد في المخيم فلم يعرف غيره وطناً وآخرون من الجيل الأول من اللاجئين ما زلت عالقة بأذهانهم أحداث هروبهم من منطقة الساقية الحمراء ووادي الذهب (التي تدعى اليوم الصحراء الغربية) في أواخر 1975. خديجة التي تبلغ من العمر 70 سنة تتذكر كيف هربت من جحيم الحرب مع بناتها بعدما فقدت ثلاثة من أولادها، إضافة إلى زوجها. «كانت الطائرات المغربية تحلق على مسافة قريبة من رؤوسنا لترويعنا...».
معاناة اللجوء الصحراوي بدأت منذ ما يقارب الأربعين عاماً عندما قرر العاهل المغربي السابق الحسن الثاني تنظيم المسيرة الخضراء عام 1975 وضم كامل المنطقة التي يعتبرها تابعة للمغرب تاريخياً قبل الاحتلال الإسباني. جاء ذلك في الوقت الذي أقرت محكمة العدل الدولية أن هذه المنطقة لم تكن تحت سيطرة أي جهة، داعية إلى ضرورة تنظيم استفتاء لسكانها لتقرير مصيرهم.
وقِعت اتفاقية مدريد في 14 تشرين الثاني (نوفمبر) 1975 وبمقتضاها تم تقسيم الصحراء الغربية بين المغرب وموريتانيا. إلا أن جبهة «بوليساريو» التي تكونت في أيار (مايو) 1973 لم ترضَ بهذا الحل واعتمدت المقاومة المسلحة ضد البلدين. في 1979 وقعت موريتانيا معاهدة سلام مع «بوليساريو» متخلية عن الجزء الذي تملكه من المنطقة، فسارعت المغرب إلى وضعه تحت سيطرتها. تواصلت الحرب بين الجبهة والقوات المغربية إلى بداية التسعينات حتى تدخلت الأمم المتحدة لوقف إطلاق النار. منذ ذلك الوقت لا يملك اللاجئون الصحراويون الذين احتضنتهم الجزائر سوى الانتظار. انتظار طويل صحيح ولكن ليس سلبياً. فالصحراويون عملوا على إيجاد دولة بمعالمها المتكاملة في المخيمات. هناك خمس مناطق رئيسة هي: بوجدور، أوسرت، سمارة، لعيون والداخلة، حيث مؤسسات الرئاسة والحكومة والبرلمان، إضافة إلى الأمانة العامة للـ «بوليساريو» والوزارات والولايات والبلديات ومؤسسات الشرطة والجيش.
نسبة تعليم عالية
والواقع أن الزائر يرصد أن الجبهة راهنت على العنصر البشري حيث استثمرت في تثقيفه إلى أبعد حد. ويبدو ذلك جلياً في كثرة المدارس ورياض الأطفال والمدارس الإعدادية ومراكز التكوين. كل الأطفال تقريباً يذهبون إلى المدرسة من دون تمييز بين الجنسين. ونسبة المتعلمين تبلغ 90 في المئة. والأكثر استدعاء للدهشة إتقان الصحراويين الكثير من اللغات كالإسبانية، والإنكليزية، والفرنسية. ويعود ذلك أولاً لانفتاحهم على العالم، وثانياً لأنهم يتحولون عند مزاولة دراستهم الثانوية للدراسة في بلدان أخرى مثل الجزائر وليبيا وكوبا وإسبانيا وفرنسا. كما أن اطفالهم يقضون عطلهم الصيفية في إسبانيا أو فرنسا عند عائلات مضيفة بما يخفف عنهم قساوة العيش في المخيم.
وعلى رغم حصول معظمهم على شهادات جامعية عالية فإن قلة منهم تعمل في مجال تخصصها إذ يضطر معظمهم إلى الانخرط في العمل الموسمي أو التجارة أو افتتاح مشاريع صغيرة. لا يمكن الحديث حقاً عن العمل هنا لأن الموظفين لا يتقاضون أجورا بما أن كل الأنشطة ترتكز على العمل التطوعي ثم إن «الدولة» لا تملك إمكانات حقيقية سوى ما تعطيه المنظمات الإنسانية من إعانات. وهي لا تملك موارد طبيعية ولا صناعات ولا حتى زراعة لأن المنطقة قاحلة تماماً. لكن ذلك لا يمنع من محاولة إيجاد مجتمع منظم يحكمه القانون والتوزيع العادل لما يتوافر من موارد. رسمياً يحق لكل لاجئ صحراوي استلام الإعانة الإنسانية، ولكن، بشهادة العاملين في منظمات الإغاثة الدولية فإن هذه المساعدات لا تكفي وهي مرشحة للنقصان في الأعوام المقبلة بسبب الأزمة العالمية. لذلك، فإن صالح صبح، الذي يعمل في المفوضية العليا للاجئين منذ سنوات، يستبشر بسعي الكثير من اللاجئين إلى تحسين أوضاعهم عبر امتهان التجارة أو من خلال المبالغ المالية التي يتلقونها من أبنائهم الذين يشتغلون في الخارج.
حضور قوي للمراة
ويتميز المجتمع الصحراوي بديناميكية كبيرة من خلال نسيج من المجتمع المدني نشيط في كل المجالات حيث يوجد عدد كبير من الجمعيات التي تشتغل في تعاون كبير مع جمعيات أجنبية لتحسين ظروف العيش من صحة وتعليم وتثقيف وهي تسعى اليوم إلى تنظيم عملها ضمن منتدى اجتماعي يجمعها ويحدد استراتيجية نشاطها في الداخل والخارج لخدمة القضية الصحراوية والتعريف بها والدفاع عنها. وما يلفت الانتباه في هذا النسيج الاجتماعي، قوة حضور المراة ودورها الفاعل في ضمان تماسك الجسم الاجتماعي الصحراوي وسهرها على توفير الظروف الملائمة لكل فرد ليعيش حياة كريمة في نطاق ما يتوافر من إمكانات. وهذا ليس غريباً إذا ما عرفنا أن المرأة الصحراوية كانت مقاتلة بالأساس شاركت في الحرب ضد الإسبان ثم ضد المغاربة وسهرت على تأمين المخيمات في غياب الرجال الذين كانوا يحاربون على الجبهة. فقد كانت تتلقى تدريباً عسكرياً فيما يدعى اليوم بمخيم بو جدور الذي نشأ كمدرسة لتدريب النساء. خديجة المهدي التي تعمل اليوم مفتشة عامة للتربية تتذكر كيف تعلمت في شبابها لمدة 45 يوماً فنون القتال واستعمال السلاح وكيف مكنها ذلك من المشاركة في حراسة المخيم.
وبعد وقف إطلاق النار تحولت المرأة إلى شريك فاعل في بناء المجتمع جنباً إلى جنب مع الرجل. فهي لا تشارك فقط في المجال الاجتماعي وإنما في الحياة السياسية حيث تشغل 23 في المئة من مقاعد البرلمان (13 امراة على مجموع 53 نائب) كما تشغل أربع حقائب وزارية. وتتجلى قوة دور المرأة أيضاً في العلاقات الأسرية والإجتماعية. فهي وإن كانت تعيش في مجتمع ذكوري، تتمتع بحرية في اختيار الزوج أو مفارقته متى أرادت ذلك بل إنها كلما تطلّقت ازدادت شعبيتها ويتبادل الأهالي هنا أخباراً عن سيدات انفصلن عن أزواجهن فأقمن حفلاً للصديقات لتعلن فيه المرأة للمجتمع أنها أصبحت حرة ومستعدة للزواج مجدداً.
عودة روس والأمل بتقدم المفاوضات
ولكن، على رغم حرص الصحراويين على التقليل من معاناتهم بالسعي إلى خلق نمط عادي من العيش كما يحصل في كل المجتمعات فإن الوضع يبقى صعباً على رغم كل شيء في ظل حالة من اللاسلم واللاحرب تتواصل منذ أكثر من عشرين سنة من دون أن يلوح في الأفق شبح حل إلى درجة أن شقاً كبيراً من الشباب أصبح يدعو في شكل صريح إلى حمل السلاح من جديد. وتعترف جبهة «بوليساريو» نفسها بصعوبة إقناعهم بالصبر أكثر بخاصة أن عدداً مهماً منهم أصبح يشكك بنجاعة المفاوضات مع الجانب المغربي تحت مظلة الأمم المتحدة.
ويقوم المبعوث الأممي كريستوفر روس حالياً بزيارة للصحراء الغربية سيعقبها بأخرى مباشرة إلى مخيمات تندوف للاطلاع على الوضع. وتأتي هذه الزيارة الأولى من نوعها بعد سحب المغرب ثقتَه منه منذ شهور واعتباره غير محايد. ولكن، مع إصرار بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة على إبقائه تراجعت المملكة المغربية عن قرارها. وينتظر من هذه الزيارات أن تساهم في توسيع مهام بعثة الأمم المتحدة «المينورسو» لتشمل الاهتمام بمسائل حقوق الإنسان.
الصحراء الغربية وطن يغتال وشعب يشرد
بقلم الكاتب : صالح عوض عبد العال
الحرية لا تتجزأ والعدل لا يتجزأ ..هذا مبدأ إنساني قويم، يناضل تحت رايته كل حر شريف لا تأسره الحاجة ، ولا يضله الهوى فيصبح يكيل بمكيالين وتختلط لديه المعايير..ان القضية هنا هي قضية ناس لنا بهم علاقة الدم والدين والتاريخ وإن الحياد في قضيتهم هو أقرب للخيانة.
الصحراء الغربية او الساقية الحمراء ووادي الدهب في اقصى مغربنا العربي قصة لا تكاد تخرج من حدود صحرائها ولاتصل الينا الا عن طرق معوجة ملفعة بداعيات واهية متلبسة بحق يراد به باطل.. وفي حمى الدعايات والتهويش الاعلامي يغتال وطن ويشرد شعب فما هو الحق والباطل في قصة الصحراء الغربية؟
للقضية التي يجهلها معظم مثقفي المشرق العربي ولا ينتبه لخطورتها معظم مثقفي واحرار المغرب العربي.. لهذه القضية ابعاد عدة لابد ان تتجلى ليتكشف وجه الحقيقة فيها ..انها قضية شعب عربي ناضل باستماتة من اجل هويته الحضارية ضد كل أشكال الاستعمار ..وكما كل اقاليم العروبة والاسلام أبلى سكان الصحراء الغربية ضد موجات الاستعمار المتلاحقة بلاء عظيما حتى حققوا النصر المؤزر وطردوا الاستعمار الاجنبي.
والصحراء الغربية مليئة بالحياة بقبائل عربية وامازيغية ضاربة في التاريخ تتقن التجارة والحكم والقضاء وتجيد فن العلوم والادب والتصوف ..وفي الصحراء الغربية شخصية مزجتها السنين في قالب معين بعادات وتقاليد معينة ونسيج اجتماعي معين جعل من هذا الاقليم وحدة جغرافية تشترك مع اقاليم العرب في الهم والتاريخ والحضارة والدين وتتميز كما يتميز كل اقليم بخصائصه.
لم تتوقف المحاولات لاغتيال الوطن الصحراوي واذابة خصوصياته واحالته على نموذج من السياسة والمجتمع متميز عنه، واستدعى ذلك تشريد شعبه وقمع تطلعاته نحو تقرير مصيره بقوة السلاح وذلك تحت دعاوى وحدة التراب المغربي والتصدي للانفصال . .
حتى يكون واضحا منذ البداية لابد من التاكيد على ان وحدة كلمة الامة دين وان كل من يحاول تفريقها لايخدم الا مصلحة الاعداء ..ولكن هذا القول لا يعني بشكل من الاشكال ذوبان مجتمعاتنا الواحد في الاخر لان ذلك مضر بالوحدة ومضر بمستقبل الامة وهو مربك لتنميتها وهو حتما لن يحدث على ارض الواقع.
.ان وحدة اقاليم الامة يعني الوحدة من خلال التنوع والتعدد وليس الوحدة القمعية والقهرية التسلطية..و الان لا توجد وحدة جامعة للامة ولا يملك احد الادعاء بامتلاكه مرجعيتها ولا يوجد سوى اطماع شخصية ونزوات في الزعامة والتسيد على حساب عذابات الناس وجوعهم وارتهان مستقبلهم للاجنبي ..ان الوحدة بين اقاليم العرب تقوم من اجل اهداف مقدسة اولها رد الظلم الغربي الاقتصادي والسياسي والعسكري الواقع على امتنا ولابد من العمل الجاد من اجل ذلك وهذا يأتي من خلال قناعات الناس وايمانهم وتكريسا لمصالحهم وتوثيقا لعلاقات سوية بين اقاليمهم..اما ان تصبح الدعوة للضم غطاء للقتل والتشريد والقهر والظلم ومن الخلف ارتباطات دولية مشينة وتفريط بحقوق الامة ومستقبلها فان هذا سلوك غير انساني غير مقبول لابد من مقاومته.
وحتى يتكشف لنا حجم الظلم الواقع على اهلنا في الصحراء الغربية لابد من معرفة حقيقة وضعهم التاريخي والقانوني والثقافي وهل هم حقا جزء ينفصل عن المملكة المغربية ام انهم اقليم اخر تماما كما هو اقليم المملكة المغربية نفسه.. لان ذلك هو المطلوب للحسم في موقفنا من القضية.
وقبل الغوص في القضية نبدي استنكارا واستهجانا للموقف العربي والدولي الذي يقف اخرسا وهو يرى مخيمات المشردين من اهل الصحراء الغربية يلقى بهم على حدود وطنهم ، ويسمع عن قمع الاحرار في داخل الصحراء سجونا وقهرا..ان هذا الخرس العربي والدولي لا يفسره الا جهل من بعض العرب او تواطؤ منهم اما الغربيين فهم من صنع المأساة ليعاقبوا الثورة الصحراوية التي اخرجتهم من الوطن الصحراوي بقوة السلاح وحرمتهم بذلك من موقع استراتيجي ارادوا ان يشرفوا من خلاله على المنطقة كلها..وهنا نتساءل عن شواهد عديدة لم يكن للموقف العربي والدولي الا التدخل المسلح والسياسي المباشر كما حصل ضد العراق الذي ضم الكويت بحجة انها جزء من العراق..والموقف العالمي ضد سوريا وتدخل جيشها في لبنان حيث يعتبر لبنان الى امد قريب هو وفلسطين جزء من سوريا الكبرى..وفي جنوب السودان العالم كله يقف ضد حكومة السودان لتمنح الجنوبيين حق تقرير مصيرهم ..فلماذا لم يمنح الصحراويون حق تقرير مصيرهم؟
البعد التاريخي:
في مطلع القرن الثامن الميلادي وصلت هجرات عربية من شبه الجزيرة العربية إلى أرض الصحراء الغربية التي كانت تقطنها قبائل عربية وامازيغية من قبل وكما تشير الابحاث الجيولوجية والتاريخية ان ارض الصحراء الغربية لم ينقطع فيها التواصل الانساني ..لقد وصلت القبائل العربية في موجتها الثانية بعد الفتوحات الاسلامية حاملة معها رسالة الإسلام لتنظم حياة الناس وتاخذ بيدهم نحو العلم والرقي. وقد قوبل الدين الجديد بقبول عظيم من القبائل المحلية وانتشر بينها سريعا.
رسخ المسلمون في بلاد الصحراء أساس نظام اجتماعي متطور وأنعشوا الحياة الاقتصادية هناك، وخاصة تجارة الذهب من مالي , وتوالت الهجرات العربية إلى الصحراء الغربية خلال الفترة ما بين القرن الثامن والخامس عشر ميلادي. فوصلت إليها قبائل من بني حسان وبني هلال عن طريق مصر وتغلغلت بواسطة سيطرتها في منطقة الساقية الحمراء ووادي الدهب ومجمل أراضي موريتانيا. وبفضل شدتها تزايد نفوذها واستجابة السكان للدخول في الإسلام , طبعت المنطقة بطابعها العربي الإسلامي المميز.وهي كذلك حتى اليوم .
ومن خلال الاطلاع على تاريخ المنطقة السياسي ابان سلاطين المغرب المتتاليين يتضح بجلاء ان هذا الاقليم انما هو كأي اقليم من بلاد العرب متميز لا رابط خاص بينه والمغرب ..ولم يكن هناك أي مرحلة تمت فيها توحد الاقليمين في تبعية لاقليم المغرب ابدا..وان كل الوثائق تؤكد ان هذا الاقليم هو متكامل الشخصية .
كفاح اهل الصحراء الغربية ضد الاستعمار:
منذ بدات الاطماع الاستعمارية الغربية في الساقية الحمراء ووادي الدهب وقف الصحروايون مقاومين ومتصدين للاطماع الاجنبية وخاضوا معاركهم جميعها لوحدهم بل لعل بعض دول الجوار حاولت ارباكهم وتفتيت قوتهم.. ومن سنة 1909 الى سنة 1975 لم تتوقف مقاومة الصحراويين ضد الاستعمار الاسباني والفرنسي..
وبعد منتصف القرن المنصرم اخذ الصحراويون في تنظيم صفوفهم وتشكيل جماعات سياسية للمطالبة بخروج المستعمر والثورة عليه ..فمن مجلس الاربعين الذي تكون من اكثر من 40 شخصية قيادية تمثل شيوخ القبائل في الصحراء الى المنظمة الطليعية لتحرير الصحراء وكذلك حزب السلام وحزب الاتحاد الوطني الصحراوي وغير هذه الاطر التي سعى الصحراويون من خلالها الى التخلص من الاستعمار الاجنبي..وفي النهاية توافق الصحراويون على تشكيل جبهة تضم كل مشاربهم تحت اسم الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الدهب بعد المذابح الاسبانية بحق الصحراويين في سنة 1970.
ولقد تم الاعلان عن قيام الجبهة في موريتانيا..وخاضت معارك شرسة ضد الوجود الاستعماري على طول الجبهة خاصة بعد ان تلقت دعما واسنادا من الجزائر..
ارتفع صوت الصحراء قويا بعد المقاومة الباسلة التي ابداها الصحراويون .. وطالبت الجمعية العامة للامم المتحدة اسبانيا بالانسحاب من الصحراء حيث كان المفترض ان يستفتي الشعب الصحراوي في تقرير مصيره.
هنا كانت مطامع الملك المغربي وضمن وظيفته الاستراتيجية في المنطقة تظهر للسيطرة على الصحراء في قسمة مع موريتانيا التي انسحبت من الاراضي التي استولت عليها بعد الانسحاب الاسباني وبقيت المملكة المغربية على اصرارها مدعية ان الصحراء الغربية اقليم مغربي..
لا التاريخ ولا طبيعة التكوين الاجتماعي والنفسي للاقليمين متشابه بل ان هناك تمايزا واضحا فضلا عن قيام الصحراويين بثوراتهم ضد المستعمر وهم معزولين عن أي اسناد اقليمي ..
ان هناك اطماع تتعلق بطبيعة النظام وعلاقاته الدولية ..وهي اطماع تدوس تحت رغباتها طموح شعب في تقرير مصيره..وتشرد احراره ..فليس فقط التوسع الجغرافي انما ايضا تعميم التبعية للاجنبي امنيا ضمن سياقات استراتيجية تستهدف المنطقة والمحيط الافريقي العربي..
هنا نسأل لو كان اهل الصحراء غير عرب وغير مسلمين هل كان يستطيع المغرب ان يمرر على البعض مقولته عن الصحراء..ثم لو كانت جبهة البوليساريو قد رهنت البلاد لقوى الاستكبار العالمي هل كان احد يجرؤ على احتلالها او ضمها؟ ان المسالة تحتاج الى وقفة حرة لاتخاذ الموقف الاكثر صوابا ..ولان هناك شعب مكافح من اجل حريته وتقرير مصيره ويدفع دما ومعاناة يومية لا يملك أي حر في العالم الا الاعلان عن انحيازه للجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الدهب الممثل الشرعي والوحيد لشعب الصحراءالغربية..
ولعل المملكة المغربية تنشغل بما هو اهم ..لعلها تنصرف للمطالبة بسبتة ومليلة المدينتين المغربين المحتلتين من قبل الاسبان..لعلها تدرك ان التاريخ ليس لصالح الاستعباد وقهر الشعوب..ولعلها تفهم انه لابد ان يستجيب القدر لصوت الشعوب. وكما لم يكن للثورة الجزائرية الا الوقوف مع كل حركات التحرر في العالم بمبدأية واضحة ثابتة فان الجزائر تتحمل امانة ومسئولية تاريخية في الدفاع عن حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره ..وان اسناد الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الدهب يقف من حيث الجوهر كاسناد أي حركة تحرر في العالم..وياخذ خصوصية بالغة هنا لانه يدور في اطار الاقليم.
ان شعبنا واهلنا في الساقية الحمراء ووادي الدهب عانوا كثيرا وان جرحهم الصامت حان له ان يندمل ..وان غد الحرية قريب يقرر فيه الشعب مصيره.
الحرية لا تتجزأ والعدل لا يتجزأ ..هذا مبدأ إنساني قويم، يناضل تحت رايته كل حر شريف لا تأسره الحاجة ، ولا يضله الهوى فيصبح يكيل بمكيالين وتختلط لديه المعايير..ان القضية هنا هي قضية ناس لنا بهم علاقة الدم والدين والتاريخ وإن الحياد في قضيتهم هو أقرب للخيانة.
الصحراء الغربية او الساقية الحمراء ووادي الدهب في اقصى مغربنا العربي قصة لا تكاد تخرج من حدود صحرائها ولاتصل الينا الا عن طرق معوجة ملفعة بداعيات واهية متلبسة بحق يراد به باطل.. وفي حمى الدعايات والتهويش الاعلامي يغتال وطن ويشرد شعب فما هو الحق والباطل في قصة الصحراء الغربية؟
للقضية التي يجهلها معظم مثقفي المشرق العربي ولا ينتبه لخطورتها معظم مثقفي واحرار المغرب العربي.. لهذه القضية ابعاد عدة لابد ان تتجلى ليتكشف وجه الحقيقة فيها ..انها قضية شعب عربي ناضل باستماتة من اجل هويته الحضارية ضد كل أشكال الاستعمار ..وكما كل اقاليم العروبة والاسلام أبلى سكان الصحراء الغربية ضد موجات الاستعمار المتلاحقة بلاء عظيما حتى حققوا النصر المؤزر وطردوا الاستعمار الاجنبي.
والصحراء الغربية مليئة بالحياة بقبائل عربية وامازيغية ضاربة في التاريخ تتقن التجارة والحكم والقضاء وتجيد فن العلوم والادب والتصوف ..وفي الصحراء الغربية شخصية مزجتها السنين في قالب معين بعادات وتقاليد معينة ونسيج اجتماعي معين جعل من هذا الاقليم وحدة جغرافية تشترك مع اقاليم العرب في الهم والتاريخ والحضارة والدين وتتميز كما يتميز كل اقليم بخصائصه.
لم تتوقف المحاولات لاغتيال الوطن الصحراوي واذابة خصوصياته واحالته على نموذج من السياسة والمجتمع متميز عنه، واستدعى ذلك تشريد شعبه وقمع تطلعاته نحو تقرير مصيره بقوة السلاح وذلك تحت دعاوى وحدة التراب المغربي والتصدي للانفصال . .
حتى يكون واضحا منذ البداية لابد من التاكيد على ان وحدة كلمة الامة دين وان كل من يحاول تفريقها لايخدم الا مصلحة الاعداء ..ولكن هذا القول لا يعني بشكل من الاشكال ذوبان مجتمعاتنا الواحد في الاخر لان ذلك مضر بالوحدة ومضر بمستقبل الامة وهو مربك لتنميتها وهو حتما لن يحدث على ارض الواقع.
.ان وحدة اقاليم الامة يعني الوحدة من خلال التنوع والتعدد وليس الوحدة القمعية والقهرية التسلطية..و الان لا توجد وحدة جامعة للامة ولا يملك احد الادعاء بامتلاكه مرجعيتها ولا يوجد سوى اطماع شخصية ونزوات في الزعامة والتسيد على حساب عذابات الناس وجوعهم وارتهان مستقبلهم للاجنبي ..ان الوحدة بين اقاليم العرب تقوم من اجل اهداف مقدسة اولها رد الظلم الغربي الاقتصادي والسياسي والعسكري الواقع على امتنا ولابد من العمل الجاد من اجل ذلك وهذا يأتي من خلال قناعات الناس وايمانهم وتكريسا لمصالحهم وتوثيقا لعلاقات سوية بين اقاليمهم..اما ان تصبح الدعوة للضم غطاء للقتل والتشريد والقهر والظلم ومن الخلف ارتباطات دولية مشينة وتفريط بحقوق الامة ومستقبلها فان هذا سلوك غير انساني غير مقبول لابد من مقاومته.
وحتى يتكشف لنا حجم الظلم الواقع على اهلنا في الصحراء الغربية لابد من معرفة حقيقة وضعهم التاريخي والقانوني والثقافي وهل هم حقا جزء ينفصل عن المملكة المغربية ام انهم اقليم اخر تماما كما هو اقليم المملكة المغربية نفسه.. لان ذلك هو المطلوب للحسم في موقفنا من القضية.
وقبل الغوص في القضية نبدي استنكارا واستهجانا للموقف العربي والدولي الذي يقف اخرسا وهو يرى مخيمات المشردين من اهل الصحراء الغربية يلقى بهم على حدود وطنهم ، ويسمع عن قمع الاحرار في داخل الصحراء سجونا وقهرا..ان هذا الخرس العربي والدولي لا يفسره الا جهل من بعض العرب او تواطؤ منهم اما الغربيين فهم من صنع المأساة ليعاقبوا الثورة الصحراوية التي اخرجتهم من الوطن الصحراوي بقوة السلاح وحرمتهم بذلك من موقع استراتيجي ارادوا ان يشرفوا من خلاله على المنطقة كلها..وهنا نتساءل عن شواهد عديدة لم يكن للموقف العربي والدولي الا التدخل المسلح والسياسي المباشر كما حصل ضد العراق الذي ضم الكويت بحجة انها جزء من العراق..والموقف العالمي ضد سوريا وتدخل جيشها في لبنان حيث يعتبر لبنان الى امد قريب هو وفلسطين جزء من سوريا الكبرى..وفي جنوب السودان العالم كله يقف ضد حكومة السودان لتمنح الجنوبيين حق تقرير مصيرهم ..فلماذا لم يمنح الصحراويون حق تقرير مصيرهم؟
البعد التاريخي:
في مطلع القرن الثامن الميلادي وصلت هجرات عربية من شبه الجزيرة العربية إلى أرض الصحراء الغربية التي كانت تقطنها قبائل عربية وامازيغية من قبل وكما تشير الابحاث الجيولوجية والتاريخية ان ارض الصحراء الغربية لم ينقطع فيها التواصل الانساني ..لقد وصلت القبائل العربية في موجتها الثانية بعد الفتوحات الاسلامية حاملة معها رسالة الإسلام لتنظم حياة الناس وتاخذ بيدهم نحو العلم والرقي. وقد قوبل الدين الجديد بقبول عظيم من القبائل المحلية وانتشر بينها سريعا.
رسخ المسلمون في بلاد الصحراء أساس نظام اجتماعي متطور وأنعشوا الحياة الاقتصادية هناك، وخاصة تجارة الذهب من مالي , وتوالت الهجرات العربية إلى الصحراء الغربية خلال الفترة ما بين القرن الثامن والخامس عشر ميلادي. فوصلت إليها قبائل من بني حسان وبني هلال عن طريق مصر وتغلغلت بواسطة سيطرتها في منطقة الساقية الحمراء ووادي الدهب ومجمل أراضي موريتانيا. وبفضل شدتها تزايد نفوذها واستجابة السكان للدخول في الإسلام , طبعت المنطقة بطابعها العربي الإسلامي المميز.وهي كذلك حتى اليوم .
ومن خلال الاطلاع على تاريخ المنطقة السياسي ابان سلاطين المغرب المتتاليين يتضح بجلاء ان هذا الاقليم انما هو كأي اقليم من بلاد العرب متميز لا رابط خاص بينه والمغرب ..ولم يكن هناك أي مرحلة تمت فيها توحد الاقليمين في تبعية لاقليم المغرب ابدا..وان كل الوثائق تؤكد ان هذا الاقليم هو متكامل الشخصية .
كفاح اهل الصحراء الغربية ضد الاستعمار:
منذ بدات الاطماع الاستعمارية الغربية في الساقية الحمراء ووادي الدهب وقف الصحروايون مقاومين ومتصدين للاطماع الاجنبية وخاضوا معاركهم جميعها لوحدهم بل لعل بعض دول الجوار حاولت ارباكهم وتفتيت قوتهم.. ومن سنة 1909 الى سنة 1975 لم تتوقف مقاومة الصحراويين ضد الاستعمار الاسباني والفرنسي..
وبعد منتصف القرن المنصرم اخذ الصحراويون في تنظيم صفوفهم وتشكيل جماعات سياسية للمطالبة بخروج المستعمر والثورة عليه ..فمن مجلس الاربعين الذي تكون من اكثر من 40 شخصية قيادية تمثل شيوخ القبائل في الصحراء الى المنظمة الطليعية لتحرير الصحراء وكذلك حزب السلام وحزب الاتحاد الوطني الصحراوي وغير هذه الاطر التي سعى الصحراويون من خلالها الى التخلص من الاستعمار الاجنبي..وفي النهاية توافق الصحراويون على تشكيل جبهة تضم كل مشاربهم تحت اسم الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الدهب بعد المذابح الاسبانية بحق الصحراويين في سنة 1970.
ولقد تم الاعلان عن قيام الجبهة في موريتانيا..وخاضت معارك شرسة ضد الوجود الاستعماري على طول الجبهة خاصة بعد ان تلقت دعما واسنادا من الجزائر..
ارتفع صوت الصحراء قويا بعد المقاومة الباسلة التي ابداها الصحراويون .. وطالبت الجمعية العامة للامم المتحدة اسبانيا بالانسحاب من الصحراء حيث كان المفترض ان يستفتي الشعب الصحراوي في تقرير مصيره.
هنا كانت مطامع الملك المغربي وضمن وظيفته الاستراتيجية في المنطقة تظهر للسيطرة على الصحراء في قسمة مع موريتانيا التي انسحبت من الاراضي التي استولت عليها بعد الانسحاب الاسباني وبقيت المملكة المغربية على اصرارها مدعية ان الصحراء الغربية اقليم مغربي..
لا التاريخ ولا طبيعة التكوين الاجتماعي والنفسي للاقليمين متشابه بل ان هناك تمايزا واضحا فضلا عن قيام الصحراويين بثوراتهم ضد المستعمر وهم معزولين عن أي اسناد اقليمي ..
ان هناك اطماع تتعلق بطبيعة النظام وعلاقاته الدولية ..وهي اطماع تدوس تحت رغباتها طموح شعب في تقرير مصيره..وتشرد احراره ..فليس فقط التوسع الجغرافي انما ايضا تعميم التبعية للاجنبي امنيا ضمن سياقات استراتيجية تستهدف المنطقة والمحيط الافريقي العربي..
هنا نسأل لو كان اهل الصحراء غير عرب وغير مسلمين هل كان يستطيع المغرب ان يمرر على البعض مقولته عن الصحراء..ثم لو كانت جبهة البوليساريو قد رهنت البلاد لقوى الاستكبار العالمي هل كان احد يجرؤ على احتلالها او ضمها؟ ان المسالة تحتاج الى وقفة حرة لاتخاذ الموقف الاكثر صوابا ..ولان هناك شعب مكافح من اجل حريته وتقرير مصيره ويدفع دما ومعاناة يومية لا يملك أي حر في العالم الا الاعلان عن انحيازه للجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الدهب الممثل الشرعي والوحيد لشعب الصحراءالغربية..
ولعل المملكة المغربية تنشغل بما هو اهم ..لعلها تنصرف للمطالبة بسبتة ومليلة المدينتين المغربين المحتلتين من قبل الاسبان..لعلها تدرك ان التاريخ ليس لصالح الاستعباد وقهر الشعوب..ولعلها تفهم انه لابد ان يستجيب القدر لصوت الشعوب. وكما لم يكن للثورة الجزائرية الا الوقوف مع كل حركات التحرر في العالم بمبدأية واضحة ثابتة فان الجزائر تتحمل امانة ومسئولية تاريخية في الدفاع عن حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره ..وان اسناد الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الدهب يقف من حيث الجوهر كاسناد أي حركة تحرر في العالم..وياخذ خصوصية بالغة هنا لانه يدور في اطار الاقليم.
ان شعبنا واهلنا في الساقية الحمراء ووادي الدهب عانوا كثيرا وان جرحهم الصامت حان له ان يندمل ..وان غد الحرية قريب يقرر فيه الشعب مصيره.
عرب في اللجوء….يا عرب
بقلم الكاتب ـ خالد هيلات عن جريدة السوسنة –
لا ابحث هنا بأحقية عرب الصحراء الغربية بإقامة دولتهم المستقلة أو انضمامهم لأي من الدول، ولا ابحث في قرارات المجتمع الدولي، ولا في النزاع بين الأطراف المعنيين بقضية الصحراء الغربية (الساقية الحمراء ووادي الذهب)، وإنما انقل مشاهدات رأيناها وروايات استمعنا لها على مدى ثلاثة أيام هي الفترة التي استغرقتها جولتنا في تلك المخيمات أو الولايات كما يسمونها.
هم عرب، ينحدرون من قبائل عربية قدمت من المشرق العربي؛ اليمن والجزيرة العربية والعراق؛ حاملة لواء الإسلام إلى إفريقيا، وقبائل بربرية عرّبها الإسلام، يقطنون الصحراء الغربية التي تتكون من إقليمي (الساقية الحمراء ووادي الذهب)، يتحدثون اللغة العربية، لهجتهم (الحسانية) ويدينون بالإسلام، تعدادهم يقارب نصف المليون نسمة، لكنهم ومنذ عام 1975 تحولوا نتيجة احتلال صحرائهم التي تبلغ مساحتها 284 ألف كلم2 إلى لاجئين.
كنا مجموعة من 12 شخصا أربعة منا عربا، اثنان من المشرق العربي، حطت بنا المركبة في ولاية (مخيم) السمارة استضافنا العرب الصحراويين في بيوتهم حيث يقطنون مع عائلاتهم رغم وجود بيت تشريفات مخصص للزوار، اختصونا بأربعة بيوت هي أفضل ما لديهم، جدرانها من التراب سقوفها من ألواح (الزينكو) وأرضيتها من الرمال، أفاضوا علينا من كرم وشهامة رجالهم الذين زينت وجوههم شمس الصحراء وعفة نسائهم اللواتي لا يعرفن إلا من أصواتهن، حيث لا يظهر منهن إلا نظارات هي ليست للزينة بل لتقيهن غبار رمال الصحراء.
كانوا يتقربون منا نحن العرب الأربعة وبخاصة نحن من المشرق العربي وكأننا هبطنا عليهم من كوكب أخر غير مصدقين أن أحدا من منطقتهم يجيء إلى هذه الصحراء، لمسنا الشجاعة والكرم العربي الأصيل، لغتهم العربية أسلم من لغتنا وحرصهم على الارتباط بالمشرق لا يدانيه حرص يعتزون بعروبتهم وإسلامهم وأصولهم العربية المشرقية.
هم عرب تناثرت خيامهم وبيوتهم على رمال خمس ولايات قرب ولاية تندوف جنوب غرب الجزائر التي وفرت لهم الأرض وما يمكنهم من الحفاظ على حياتهم بانتظار إيجاد حل عربي ودولي لقضيتهم ووضع حد لمعاناتهم، وباستثناء ذلك، غابت عنهم كل مظاهر القرن الحادي والعشرين من عصرنة وامن واستقرار وحداثة مثلما غابت عنهم كل مساعدة عربية أو إسلامية، وما يثير الدهشة أنهم ما زالوا يتمسكون بعروبتهم وإسلامهم، رغم تنبه بعض المنظمات التطوعية والأهلية الغربية والأمريكية لأوضاعهم فالأسبان هناك يساعدونهم ويمدون لهم العون الصحي والطبي والتعليمي وكذلك الأمريكيون والفرنسيون، ومع كل ذلك يؤمنون بالعروبة والإسلام، بانتظار الصحوة العربية التي ستنصفهم ولسان حالهم يقول لن يضعف إيماننا بالعرب والمسلمين، لا بد أن يتنبهوا لقضيتنا وأوضاعنا حتى لو انشغلوا عنا لن يضعف إيماننا بهم، (وقومي وان ضنوا علي كرام).
استمعنا لقصة العرب الصحراويين الذين كافحوا ضد الاستعمار الاسباني الذي امتد من عام 1884 إلى عام 1975، ومع تأسيس أول تيار سياسي صحراوي نهاية عام 1968 (الحركة الطليعية لتحرير الساقية لحمراء ووادي الذهب) بدأت مقاومتهم تؤتي نتائجها، وفي10 أيار 1973 أعلنوا الثورة المسلحة ضد الاستعمار الاسباني فتأسست الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب (البوليساريو)، ونفذ جناحها العسكري بعد عشرة أيام أول عملية عسكرية ضد مركز الخنـگة العسكري الإسباني وكانت بقيادة مفجر الثورة الولي مصطفى السيد، ما اجبر الأسبان للرجوع إلى الشرعية الدولية والدخول في مفاوضات مباشرة مع جبهة البوليساريو.
لكن اسبانيا لم تخرج من الصحراء الغربية ألا بعد أن سلمتها عام 1975 مقسمة إلى موريتانيا التي انسحبت منها عام1979 واعترفت بالجمهورية العربية الصحراوية والمغرب التي حولت العرب الصحراويين إلى لاجئين.
كانوا حريصين على ربط حاضرهم بماضيهم فحدثونا عن أصولهم العربية وقبائلهم من اليمن والجزيرة العربية والعراق، وحبهم للمشرق العربي وارتباطهم بفلسطين انطلاقا من إسلامهم، ورووا لنا بحسرة عن علاقتهم بمن أصروا على تسميتهم بالإخوة المغاربة ومدى الحب الذي يكنونه لهم رغم أن كل بيت منهم وكل عائلة لم تخل من شهيد أو اثنين على الأقل.
من ينصف العرب الصحراويين يا عرب؟ من ينهي مآسيهم ومعاناتهم ؟ من يلتفت إلى قضيتهم ؟ ألا يستحقون العيش بكرامة كغيرهم ؟ إذا عجزتم عن حل النزاع سياسيا فأين واجبكم الإنساني تجاه بني جنسكم ودينكم؟.